لأنّ زمن الأزمات هو زمن الشائعات بامتياز، فقد زادَ طينَ أزمةِ جائحة كورونا بلةً غياب المعلومات الموثوقة حول موعد وصول اللقاح المضاد للفيروس التاجي إلى بلادنا، مما يفسح المجال لحرب من التصريحات والتصريحات المضادة بين باحثين ومختصين منهم المعروف لدى الرأي العام المغربي، ومنهم المجهول كجهل مسؤولينا تاريخ وصول اللقاح المرتقب من الشرق الآسيوي والغرب الأوروبي. وإذا كان المسؤول الأول عن صحة المغاربة أكد في أكثر من مناسبة، منها حواره الخاص مع «العلم»، عدم معرفته تاريخَ وصول اللقاح، فإن البعض تجاوز السؤال عن التاريخ الموعود إلى الضرب في نجاعة اللقاحين اللذين اختار المغرب تطعيم مواطنيه بهما، وهما لقاح سينوفارم الصيني، ونظيره البريطاني- السويدي أسترازينيكا.
في هذا السياق، خرج البروفيسور المثير للجدل، عبد الجبار الأندلسي، عدة خرجات على منصات التواصل الاجتماعي وبعض المنابر الإعلامية ليقصف جودة اللقاحين بوابل من المعطيات التشكيكية. من ذلك، أن المختص في علم الأحياء والمناعة قال إنه تحدث مباشرة مع وزير الصحة، خالد آيت طالب، وأخبره بعدم نجاعة هذا اللقاح في الظرفية الراهنة، معتبرا أن فيه خطورة على صحة المغاربة. كما أكد أنه لا يمكن الاستعانة بلقاح سينوفارم دون الكشف عن نتائج المرحلة الثالثة من التجارب السريرية التي قد تؤكد أو تنفي فعالية وأمان اللقاح».
وأكد الأندلسي في حوار مع موقع «لكم» عبر تقنية «سكايب» من مقر إقامته بالولايات المتحدة، معارضته اللقاحين الصيني والبريطاني نظرا لعدم استكمالهما البرتوكول العلمي، مشددا على أنه «لا يمكن بيع الوهم للمغاربة» وتحدى «أيا كان من أعضاء اللجنة العلمية أن يأتي بنتائج الدراسة السريرية الثالثة».
وأكد البروفيسور الأندلسي، أن تأخر تسلم اللقاح من الخير، لاعتبار أن ذلك يؤجل مغامرة ليست سهلة، وقال إنه «لا ينصح بتلقيح المغاربة إلى حين خروج نتائج الدراسة الثالثة السريرية حول اللقاح»، مشددا على خطورة اعتماد اللقاحات الكلاسيكية أو حتى العصرية، خاصةً المتعلقة بفيروس كورونا المستجد، لاحتوائها على «مكون مضاد متداخل ومتضارب مع جهاز مناعة الإنسان، ويسبب الحساسية للبشر».
ولحدِّ الساعة، تستنكف وزارة الصحة أو اللجنة العلمية عن الرد بشكل رسمي على تصريحات البروفيسور الأندلسي التي تزيد توجس المواطنين من مسألة لقاحات كورونا بشكل عام. غير أن البروفيسور المعروف إعلاميا، عز الدين إبراهيمي، مدير مختبر البيوتكنولوجيا بكلية الطب في الرباط، ردّ ضمنياً على ذلك في تدوينة مما جاء فيها «رغم كل الإكراهات والتشكيك.. يتفق جميع المغاربة اليوم على أن المقاربة التلقيحية تبقى الحل النهائي والناجع لتعطيل سلسلة تفشي الفيروس».
وشدد إبراهيمي، على أن سبب التأخر الرئيسي هو «الضغط العالمي الكبير على اللقاحات نظرا للتفاوت بين العرض والقدرة العالمية المحدودة للتصنيع»، داعيا إلى «الثقة الكبيرة في مدبري الشأن العام والابتعاد عن المزايدات الإعلامية وحرق أعصاب المغاربة بالخاوي».
وفي مواجهة الغموض الذي يلف تأخير وصول اللقاح، وإيمانا منه بوجوب تفعيل التواصل حول ذلك، واعتماد شفافية أكثر «حتى لا نقيم في الغموض والحقد ونشكك في بعضنا ونعيش على الخوف من المجهول» يقول إبراهيمي، مضيفا «أود أن أتقاسم معكم نظرتي التفاؤلية للأشياء والمبنية على إيماني بجدية ما يقوم به المغرب، والقوة الاقتراحية كمغارية في مواجهة هذه الوضعية العالمية المعقدة، وأؤكد على أن المغرب بقي وسيبقى وفيا لهاته المبادئ والتي تحدد اقتناءه للقاحات وتطعيم مواطنيه بشكل جماعي».
وكشف البروفيسور ذاته، أن شركة سينوفارم قدمت ملفها للترخيص وهو قيد التداول بين مديرية الأدوية والصيدلة واللجنة الاستشارية للترخيص في حالة الطوارئ، مؤكدا أن «هذا اللقاح لن يرخص له إلا إذا كانت كل بيانات تجاربه السريرية مرفوقة بالملف واستكماله لكل المعايير».
وبالنسبة لشركة أسترازينيكا، قال المتحدث، لأول مرة في تاريخ المغرب يتم الترخيص للقاح في إطار إجراءات الطوارئ العالمية، وهكذا وبعد دراسة مستوفية لكل بيانات الملف المطروح من طرف الشركة وتمحيص الأبحاث المنشورة وملف ترخيصه ببريطانيا والهند، رخص للقاح من طرف الوزارة الوصية.