أعلن السيد عبد السلام المصباحي كاتب الدولة في التنمية الترابية خلال جوابه على سؤال شفوي أخيرا في البرلمان أن تنمية المناطق القروية ومنها المناطق الجبلية تشكل إحدى الأولويات الإستراتيجية الوطنية التي ما فتئ جلالة الملك يؤكد عليها في توجيهاته وخطبه السامية؛ وهي الأولوية التي بلورتها الحكومة في مجموعة من البرامج والاستراتيجيات الوطنية والقطاعية، واصلت بمقتضاها العمل في الأوراش المفتوحة، وأطلقت أخرى وفق رؤية ترابية جديدة ومندمجة كفيلة بتسريع إنهاء البرامج المرتبطة بتوسيع ولوج السكان القرويين إلى التجهيزات والخدمات الأساسية في مجالات التعليم والصحة والكهربة والتزويد بالماء الصالح للشرب، والشبكة الطرقية والاتصالات، وبذلت في ذلك جهدا ماليا مضاعفا، حيث بلغ حجم الاعتمادات الموجهة لتأهيل العالم القروي والمناطق الجبلية في مشروع القانون المالي لسنة 2010 عشرين مليار درهم، وهو ما يشكل ضعف ما كان مبرمجا سنة 2007، وزيادة بنسبة 15% مقارنة مع 2009. وتكريسا لهذه الرؤية المندمجة الجديدة، فقد اعدت وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية إسراتيجية وطنية للتنمية القروية، تتبنى المقاربة الترابية، وتنجز من خلال مشاريع ترابية محلية صاعدة توضع على أساس من التشارك والتعاقد، وتمول بالارتكاز على صندوق التنمية القروية كرافعة تمويلية محفزة على الالتقائية والاندماج بين مختلف البرامج والقطاعات. وفي هذا الصدد، وتفعيلا لموارد صندوق التنمية القروية، أعدت الوزارة برنامج استثمار برسم سنة 2009 يتكون من 25 مشروعا ترابيا تنمويا أبرمت بشأنها اتفاقيات إطار وتمويل، وسيشرع في انجازها خلال ما تبقى من هذه السنة، وهي مشاريع تصنف إلى خمسة أصناف: مشاريع ترابية (9) ومشاريع داعمة للمقاربة الترابية (4) ومشاريع منبثقة عن مخططات التنمية الجماعية(5)، ومشاريع منبثقة عن المذكرة 21(4) ومشاريع ذات أولوية خاصة (الفياضانات)(3)، وهي جميعها تشمل 460 جماعة قروية، موزعة على 32 إقليما و14 جهة. وجدير بالذكر أن الوزارة خصصت في إطار هذا البرنامج الاستثماري أكثر من 50% من موارد الصندوق للمناطق الجبلية في كل من الريف وسلسلة الأطلس المتوسط والكبير والصغير. واعتبارا لخصوصيات المناطق الجبلية ضمن العالم القروي، وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب العرش الأخير، فقد احدثت الحكومة لجنة تنمية المناطق الجبلية، التي عقدت أول اجتماع لها يوم 8 شتنبر 2009 برئاسة السيد الوزير الأول، لأجل بلورة إستراتيجية متجددة تستهدف تحسين ظروف عيش سكان المناطق الجبلية، والنهوض بمؤهلاتها الإقتصادية والثقافية والبيئية، وقد اسندت رئاستها للسيد وزير الفلاحة والصيد البحري. هذا، وقد تم خلال هذا الإجتماع تحديد الخطوط العريضة لهذه الإستراتيجية التي تقرر اعتمادها والبدء في العمل بها في مستهل سنة 2010؛ وتتلخص هذه الخطوط في: 1 القيام بتشخيص واقع الحال عبر جرد وتقييم الوثائق والبرامج القطاعية المتعلقة بتنمية المناطق الجبلية، (من قبيل إستراتيجية تهيئة وتنمية السلاسل الجبلية التي شرعت الوزارة في انجازها اعتمادا على الميثاق الوطني والمخطط الوطني لإعداد التراب). 2 العمل على وضع إستراتيجية تشمل جميع المناطق بدون استثناء. 3 إعداد مشاريع مندمجة عبر مقاربة شمولية وبمنهجية تشاركية تراعي ظروف سكان المناطق الجبلية وحاجياتهم. 4 الأخذ بعين الاعتبار الدور المركزي للفلاحة في اقتصاد هذه المناطق. 5 إشراك رؤساء الجهات المعنية وأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات والمعهد الوطني للبحث الزراعي ووكالات التنمية الجهوية المعنية بهذا العمل. كل ذلك بغاية تعزيز التضامن المجالي والاجتماعي لفائدة هذه المناطق عملا على تحسين الأوضاع المعيشية والحياتية للسكان، وهو ما يستوجب تدعيم صندوق التنمية القروية ليقوم بدور الرافعة الموجهة والمعززة للالتقائية وتمويل المشاريع القروية المندمجة ضمن هذه الاستراتيجية.