عقدت اللجنة الوزارية المكلفة بتنمية المناطق الجبلية، أول أمس الثلاثاء، بالرباط، أول اجتماع لها برئاسة الوزير الأول عباس الفاسي. وذكر بلاغ للوزارة الأولى أن الفاسي شدد في بداية الاجتماع على أن اللجنة تلتئم في سياق تفعيل التوجيهات السامية، الواردة في الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى العاشرة لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين، بشأن بلورة استراتيجية متجددة تستهدف تحسين ظروف عيش سكان المناطق الجبلية، والنهوض بمؤهلاتها الاقتصادية والثقافية والبيئية. وأشار الوزير الأول إلى أن المناطق الجبلية للمملكة، التي يعيش بها ما يقارب ثلث السكان القانونيين، تزخر بإمكانات مهمة ومتنوعة، وتحتوي على أكثر من ثلاثة ملايين هكتار قابلة للرعي أو الزراعة، وتغطي ما يزيد عن 60 في المائة من مجموع الرصيد الغابوي، فضلا عن أنها تشكل صمام أمان للتوازنات البيئية، وخزانا للثروة المائية. وذكر بأن الحكومة اتخذت جملة من الإجراءات في نطاق استراتيجيات ومخططات قطاعية وبرامج تنموية للعالم القروي، من أهمها مضاعفة حجم المخصصات المالية لصندوق التنمية القروية، وتوجيه تدخلاته نحو تعزيز الالتقائية وتمويل المشاريع القروية المندمجة، وتقوية البنية التحتية للعالم القروي، والشروع في تفعيل مخطط المغرب الأخضر في بعده الجهوي، خاصة في ما يتعلق بتشجيع الفلاحة الاجتماعية والرفع من مدخول صغار الفلاحين في المناطق النائية، إضافة إلى السياسات القطاعية المعتمدة، خاصة في مجالات التعليم والصحة ودعم المقاصة والسياحة. وأكد الوزير الأول، في هذا السياق، أهمية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقها جلالة الملك، والتي دعا جلالته في خطابه السامي بمناسبة عيد العرش إلى إعطائها دفعة جديدة وقوية في استهدافها للمناطق والقرى الأكثر فقرا وهشاشة، وتعزيز التقائيتها مع البرنامج الحكومي ومخططات التنمية الجماعية. وشدد على أن الخصاص المتراكم في المناطق الجبلية على مستوى التنمية المستدامة والمندمجة وظروف الحياة، والنواقص المسجلة في ما يتعلق بالبنيات التحتية والتجهيزات الأساسية تستلزم، كما أكد جلالة الملك في خطابه السامي، العمل على مضاعفة الجهود المبذولة، والرفع من وتيرة المنجزات المحققة، وإقرار مقاربة متجددة، قمينة بتدارك الخصاص الذي يمس السكان الجبليين، والتدهور الذي يتهدد مجالاتها الطبيعية والبيئية. وأكد عباس الفاسي أن الدور المنوط بهذه اللجنة يتمثل أساسا في وضع استراتيجية شمولية ومتكاملة للنهوض بأوضاع المناطق الجبلية، مع معالجة للاختلالات والإشكاليات المطروحة، تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لكل منطقة، والتدبير العقلاني للأحواض المائية، وكذا مبدأ التضامن والتوازن بين الساحل والجبل. ونبه إلى أن هذه الاستراتيجية الجديدة ينبغي أن ترتكز على توجيه تدخلات السياسات العمومية، خاصة الاجتماعية منها، نحو المناطق الجبلية، والحرص على تنسيق تدخلاتها واندماجيتها، وكذا تحقيق الإنصاف في استفادة السكان مما تدره مناطقهم من خيرات طبيعية واقتصادية. ودعا الوزير الأول، في هذا الإطار، إلى إيلاء عناية خاصة للحاجيات الأكثر استعجالا، ومن أبرزها الرفع من مدخول سكان المناطق الجبلية، وتيسير ولوجهم إلى الخدمات الصحية والاجتماعية، والاستغلال العقلاني للمخزون المائي، والنهوض بالموارد الطبيعية للمناطق الجبلية، وتثمين المنتوجات الجبلية المحلية، وتقوية وتنويع القاعدة الاقتصادية للمدن الجبلية. وتناولت تدخلات أعضاء اللجنة، التي أوكلت رئاستها لوزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، إلى الفلسفة العامة ومنهجية العمل، التي يتوجب اتباعها لبلورة الاستراتيجية المتعلقة بتنمية المناطق الجبلية والاستجابة لحاجيات وانتظارات سكانها، انطلاقا من التوجيهات الملكية السامية. ودعا الوزير الأول في ختام الاجتماع إلى تقييم الإنجازات وإجراء تشخيص للوضعية الحالية، وإجراء جرد للوثائق والدراسات المتعلقة بتنمية المناطق الجبلية، بالإضافة إلى تحديد الحاجيات المالية لوضع هذه الاستراتيجية وتفعيلها وترجمتها إلى مشاريع عملية، مشددا على ضرورة إنجاز وتقديم خارطة طريق في هذا الشأن، قبل متم السنة الجارية. حضر الاجتماع، على الخصوص، شكيب بنموسى، وزير الداخلية، وإدريس الضحاك، الأمين العام للحكومة، وأحمد توفيق احجيرة، وزير الإسكان والتعمير والتنمية المجالية، ومحمد بوسعيد، وزير السياحة والصناعة التقليدية، وخالد الناصري، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، ونزار بركة، الوزير المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة، وعبد السلام المصباحي، كاتب الدولة المكلف بالتنمية الترابية. كما حضر الاجتماع المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر، وأمين السر الدائم لأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، والمدير العام لوكالة التنمية الفلاحية، وممثلو القطاعات الوزارية المعنية.