منظمة العفو الدولية تكشف كيف يتم اختراق هواتف المغاربة الحوار كما صدر في العلم الورقية العلم الإلكترونية: عزيز اجهبلي شد الحبل بين منظمة العفو الدولية "أمنيستي" والمسؤولين المغاربة متواصل، كل طرف يحاول أن يلقي بالكرة في نصف ملعب الطرف الآخر ليحمله المسؤولية. المنظمة الدولية أصدرت أخيرا تقريرا يتعلق بما أسمته بالاعتداءات الرقمية، والهجومات عبر وسائل الاتصال الحديثة على نشطاء حقوق الإنسان، وعلى المعارضين السياسيين. هذا التقرير أثار حفيظة الحكومة المغربية وردت عليه بقلق شديد، واعتبرته يشوش على صورة المغرب، ويعكر صفوة علاقته بالمنتظم الدولي، خاصة على ما راكمته المملكة في الجانب المتعلق بالحقوق والحريات. في المقابل، "أمنيستي" تبرئ ساحتها، وتقول إنها راسلت مسؤولين مغاربة لاستطلاع رأيهم في الموضوع لكنهم لم يولوا الموضوع الأهمية المطلوبة، وتجاهلوا الأمر، الشيء الذي أدى بهم إلى استدعاء محمد السكتاوي ممثل المنظمة في المغرب للقاء به والاستماع إليه. في هذا الحوار يكشف السكتاوي للجريدة عن تفاصيل استدعاء المسؤولين المغاربة له، وما راج في لقائهم به، وقال إن منظمة العفو الدولية ستكون مجبرة للكشف عن معطيات اعتبرتها في السابق تدخل ضمن ما يطلق عليه بسرية المراسلات. كما رد المدير العام ل"أمنيستي" بالمغرب على ما يروج في عدد من وسائل الإعلام حاليا على أن منظمته تتربص بالمغرب. تسلط الجريدة الضوء الكاشفة من خلال هذا الحوار على تفاصيل دقيقة من العلاقة المتوترة بين هذه المنظمة وحكومة سعد الدين العثماني. خلال الحوار منظمة العفو الدولية راسلت رئيس الحكومة عبر خمسة عناوين إلكترونية دون جواب * بعد الاطلاع على تقرير منظمة العفو الدولية "أمنيستي"، المتعلق بالتجسس على الهواتف، أول سؤال يتبادر إلى الذهن: هل منظمة العفو الدولية معتادة على إصدار مثل هذه التقارير، التي تستوجب أبحاثا علمية وخبراء متخصصين، أم أن الأمر يتعلق بأول مرة ؟ بداية، منظمة العفو الدولية تشتغل على المستوى العالمي، وبالتالي لا يمكن أن نقول، إن بلدا محددا، أو معينا مستهدفا من طرف "أمنيستي انتيرناسيونال" لأنها تتعامل مع كل دول العالم، وترصد انتهاكات حقوق الانسان على قدم المساواة بين هذه الدول. فيما يتعلق بملف الاعتداءات الرقمية، والهجومات عبر وسائل الاتصال الحديثة على نشطاء حقوق الإنسان، وعلى المعارضين السياسيين أو غيرهم من النشطاء، وهذا يهم العالم الآن، كلنا في مناخ جديد، وفي فضاء يسمى الفضاء الرقمي، بمعنى أن هناك انتهاكات لحقوق الإنسان لم يعرفها العالم في الزمن السابق، مرتبطة بهذا الوضع الجديد وبالثورة التكنولوجية الرقمية. فيما يخص عمل منظمة العفو الدولية على هذا المستوى هو عمل رائد، وكانت سباقة إلى ذلك في رصد الانتهاكات، التي تتم عبر هذه الوسائل الجديدة، ويمكن أن أقول ، فيما يخص المغرب تحديدا، إن منظمة العفو الدولية فتحت هذا الملف سنة 2012 حينما تمكنت من خلال مؤتمرها التقني في مجال الرقمية. * هل "أمنيستي" تتوفر على مختبر (تقني) لرصد اختراقات الهواتف، ومن هم هؤلاء الخبراء الذين انجزوا هذا التقرير؟ تماما لديها مختبر لرصد هذه الانتهاكات، وهذا التقرير قام به المختبر الرقمي لمنظمة العفو الدولية، الذي يشتغل فيه خبراء على مستوى عال. ومنهجية عمله، بالإضافة إلى الجانب المتعلق بالتقنيات المتمكنة منها منظمة العفو الدولية من خلال خبرائها، أيضا تتعاون مع الكثير من المؤسسات الدولية، المختصة في مثل هذه القضايا، وأشير هنا لمختبر كبير، ومشهود له بالخبرة في هذا المجال، وهو «مختبر المواطن في كندا»، وكذلك جامعة نيويورك، التي تتوفر على مرصد ومختبر عالي المستوى في مجال التقنيات الرقمية، بل إن منظمة العفو الدولية تشتغل من خلال مختبرها الرقمي على تتبع القضايا والملفات المرتبطة بحقوق الإنسان. يجب أن نفرق بين ما يحق للدول أن تقوم به، كالدفاع عن أمنها الوطني، ومواجهة الارهاب والجريمة الخطيرة، وغير ذلك من الأمور، وأن تستعمل كل التقنيات الحديثة، سواء في مجال التجسس أو غيره، لكن نحن في منظمة العفو الدولية، ما يهمنا هو حماية خصوصيات الأفراد ومعطياتهم الخاصة وفقا لما تقتضيه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والقوانين الوطنية. منظمة العفو الدولية تهدد بالكشف عن أصحاب العناوين إن تمادت الحكومة في التعنت * مادام التقرير متعلق بقضايا تقنية خاصة باختراق الهواتف، فالأمر يحتاج إلى المزيد من التوضيح والكشف عن طبيعة هذا التقرير ومن قام بإعداده؟ وضعنا هذا التقرير رهن إشارة الرأي العام الوطني كما بعثنا به إلى السلطات المغربية، وهو متوفر ويمكن للجميع أن يطلع عليه، ما حصل أننا حينما هيأنا هذا التقرير منذ مدة، وكما أشرت أنه في سنة 2012. حيث تمكنت "أمنيستي" من الوقوف على اختراقات حصلت على برنامج تجسس إيطالي تم في سنة 2019، بحيث «الفايسبوك» التي تملك برنامج "واتساب"، اكتشفت أن برنامجها هذا، مخترق من خلال برمجية خبيثة، تخترق الهواتف الذكية وهي برمجة رقمية، تجسسية اخترقت «الواتساب»، وقامت الفايسبوك بجرد الهواتف على المستوى العالمي. تقريبا ما يزيد عن 4000 هاتف تمكن "الفايسبوك" من ضبط الاختراق فيها. و«الفايسبوك» عثرت على اختراق 8 هواتف لمغاربة، واتصلت بأصحابها، بعدما قامت بإجراء توقيف هذا الاختراق، ونبهت إلى المسألة على اعتبار أن من حق أصحاب هذه الهواتف أن يقدموا شكايات في هذا الصدد . هؤلاء أصدروا بيانا في الموضوع، وقدموا شكاية إلى الحكومة، يطلبون فيها فتح تحقيق. وتقدم بعضهم بشكاية إلى «أمنيستي» لأنها لا يمكن أن تشتغل إلا بطلب من الضحايا، وقد طلب بعضهم دعم ومؤازرة «أمنسيتي»، فقامت بإجراءات الفحص والتتبع العلمي والتقني، وتأكد لها أيضا على أن هواتف هؤلاء تم اختراقها ببرنامج اسمه «بيغاسوس» في ملك شركة اسرائيلية "NSO" تعمل بترخيص من وزارة الدفاع الإسرائيلية. قامت آنذاك منظمة العفو الدولية، بعد استكمال تحرياتها وتقصيها للموضوع، من كل جوانبه، بالاتصال بهذه الشركة، ولم تنكر الشركة أنها تبيع منتوجها "بيغا سوس"، إلى العديد من دول العالم، ولكن قالت، إنها تبيعه على أساس ميثاق مشروط بأن يستعمل فقط في الارهاب والجرائم الخطيرة. ولا ينبغي أن يستعمل في التجسس على الحياة الخاصة للأفراد، وقالت إنها ستراجع عقودها مع هذه الدول لتتأكد إذا ما كان هناك خرق لهذه الشروط. بعد ذلك، أصدرت منظمة العفو الدولية، بيانا وتقريرا في الموضوع سنة 2019 ، يهم المغرب، ولم يحرك المسؤولون المغاربة ساكنا، ولم يكن لهم أي رد فعل، ولذلك نحن نستغرب أن يكون لهم الآن رد فعل غاضبا وقويا، وإثارة هذه الضجة الإعلامية بمناسبة صدور التقرير الأخير، الذي لم يأت بجديد باستثناء أنه أضاف عنصرا ثالثا. * الوقائع تثبت أن ملايين الهواتف كانت مراقبة في إطار التجسس، في ألمانيا، في فرنسا، وفي كثير من الدول، وأثارت القضية ضجة عبر العالم، لماذا لم تتكلم "أمنيستي" عن هذه الأمور؟ في الحقيقة هذا هو القصد السيء للمسؤولين المغاربة، لأنهم ينظرون الى الأشياء حينما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان، على أن هناك مؤامرة، سأعطيك مثالا لتوضيح هذا الأمر، وهو مثال بسيط، فحينما أصدرنا هذا التقرير في 22 يونيو الماضي، وقبل ذلك في 16 يونيو الماضي، "أمنيستي" أصدرت تقريرا آخر يتعلق بتطبيقات رقمية لاقتفاء مخالطي المصابين بكوفيد 19، وكيف تتحول هذه التطبيقات إلى وسائل وآليات للتجسس على الحياة الخاصة، والكثير من دول شملها هذا التقرير، الذي لا يختلف عن التقرير المتعلق بالمغرب، ومن هذه الدول: الجزائر، البحرين، فرنسا، إسلاندا، الكويت، لبنانالنرويج، قطر، تونس والإمارات العربية المتحدة… "أمنسيتي" دعت هذه الدول الى توقيف هذه التطبيقات. النرويج كانت سباقة للرد على "أمنسيتي"، ولم تتهمها بأنها تهدد استقرارها أو أنها تستهدفها، أو أنها تشتغل بنية مبيتة ضد مصالح النرويج، بل سارعت إلى توقيف ذلك التطبيق مؤقتا، وفتحت تحقيقا في الموضوع، كما طالبت ذلك منظمة العفو الدولية.وليس المغرب هو الدولة الوحيدة، كما يحاول المسؤولون أن يروجوا على أن "أمنسيتي" تشتغل ضد المغرب، بل الأكثر من هذا ففي سنة 2018، منظمة العفو الدولية اكتشفت أن أحد مسؤوليها في بريطانيا مخترق هو أيضا من طرف برنامج "بيغاسوس". "بيغاسوس" برنامج إسرائيلي يستعمل للتجسس في المغرب وكثير من الدول * أخيرا، وقعت أزمة بين الرئيس الأمريكي ترامب، مع كثير من وسائل إعلام، وصلت حد احتقار الصحفيين والتمييز ضدهم بسبب اللون والعرق، هل "أمنسيتي" قدمت تقريرا في الموضوع؟ منذ بداية عهد دونالد ترامب، يمكن أن أقول لك، وهذا قدمناه من خلال تقرير في ندوة صحفية بحضور عدد كبير من الصحافيين، كان الموضوع الأساسي لتقريرنا منذ ثلاث سنوات، هو سياسة ترامب الجديدة في مجال حقوق الإنسان، والتي وصفناها بأنها قائمة على الشعبوية، وعلى التحريض، وعلى العنف، وعلى الكراهية، وعلى التعصب، وعلى منطق «نحن والآخر» أو شيطنة الآخر. وقامت منظمة العفو الدولية منذ ذلك الحين برصد هذه السياسة، وآثارها التدميرية، ليس فقط على مستوى الولاياتالمتحدةالأمريكية ومواطنيها، بل على مستوى العالم، بحيث وجهت رسالة إلى المستبدين والطغاة في مختلف بلدان العالم إلى أن أيديهم مطلوقة في ارتكاب ما شاؤوا من انتهاكات لحقوق الإنسان، هذا من ناحية. من ناحية ثانية، منظمة العفو الدولية لم تتوقف عن إصدار التقارير في متابعة الانتهاكات التي يقوم بها ترامب من خلال سياسته وآخرها بطبيعة الحال تقرير في موضوع الشاب ذي الأصول الافريقية، حيث تحركت منظمة العفو الدولية على مستوى عالمي لفضح السياسة العنصرية لترامب. * الكيان الإسرائيلي يقتل عشرات الصحافيين ويراقب هواتفهم، هل تفاعلت "أمنسيتي" مع هذه الأحداث؟ أقول لك وبدون مبالغة على أن ما انجزته منظمة العفو الدولية حول انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها اسرائيل، ربما يفوق جميع الدول الأخرى، ليس فقط فيما يتعلق باختراق الهواتف، بل شمل كل القضايا المتعلقة بالانتهاكات الجسمية، التي ترتكبها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني، إلى درجة أن منظمة العفو الدولية وضعت ملفا على أنظار المحكمة الجنائية الدولية لمتابعة المسؤولين الاسرائيليين، المتهمين بجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية. وبما أنك طرحت هذا الأمر، وبموازاة مع هذه التقارير المتتالية ل"أمنيستي" حول كل بلدان العالم، وليس المغرب فقط، فقد أصدرت "أمنيستي" منذ أسبوع تقريرا حول برنامج اسرائيل الخبيث لضم الأراضي الفلسطينية. ومنظمة العفو الدولية رفعت دعوى ضد شركة "NSO" الاسرائيلية، وضد وزارة الدفاع الاسرائيلية، والدعوى جارية منذ أكتوبر الماضي للمطالبة بتوقيف برنامج «بيغاسوس» لأنه ينتهك حقوق الإنسان، وافتح قوسا لأقول إنه من خلال هذا البرنامج تمت مراقبة وتتبع جمال خاشقجي إلى أن اغتيل. "أمنيستي" تتعامل مع كل الدول وترصد انتهاكات حقوق الإنسان على قدم المساواة * اسمح لي أن أعود بك إلى التقرير موضوع الحوار، هل استشارت "أمنيستي"، وهي تعده، مع المنظمات الحقوقية والمهنية المغربية، وهل استطلعتم رأيها في هذا الصدد؟ * أولا منظمة العفو الدولية دائما تعمل بتنسيق مع الحركات الحقوقية، بل أقول إشراك الحركة الحقوقية الوطنية والدولية، ولكن في بعض التقارير ذات الطبيعة الخاصة، لا يمكن أن تكون هناك مشاركة في هذه القضايا، ولكن أشير على أن منظمات العفو الدولية اشتغلت في هذا الإطار مع عشرات المنظمات الدولية غير الحكومية لحقوق الإنسان، وسبق لهذه المنظمات أن أصدرت جميعها بيانا في الموضوع، وكان مطلوبا آنذاك من الحكومة المغربية أن تتحرك للرد على هذه المنظمات الحقوقية. – بالنسبة للسطات العمومية، هل طلبتم رأيها هي الأخرى وموقفها في الموضوع بعد توصلكم لهذه النتائج؟ – بطبيعة الحال، أنا آسف لأن الحكومة المغربية تنكر لحد الآن أن أمنيستي اتصلت بها، ولكن من منبركم أقول لك، إن منظمة العفو الدولية، كعادتها، تقتضي منهجيتها دائما حينما تهيئ تقريرا، أن تستشير فيه الحكومة المعنية، بل الأكثر من هذا، إننا نلتقي مع المسؤولين الحكوميين، إذا سمحوا لنا بذلك، ونطرح كل بواعث قلقنا وانشغالاتنا فيما وصلنا إليه من بحث حول انتهاكات حقوق الإنسان. في هذه المرة هيأنا هذا التقرير، الذي صدر في 22 يونيو الماضي، وقبل ذلك في 6 يونيو الماضي بعثنا برسالة إلى رئيس الحكومة عبر خمسة عناوين إلكترونية لمسؤولين بوزارة حقوق الإنسان، والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، نطرح عليهم التقرير للإدلاء بكل ما لديهم من أدلة تفند ما ذهب إليه التقرير، وبعثنا بنفس التقرير إلى الشركة الاسرائيلية المعنية بإنتاج برنامج «بيغاسوس» . ردت الشركة الاسرائيلية ولم ترد الحكومة المغربية، بل نفاجأ أن الحكومة المغربية أصدرت بيانا أو بلاغا تخبر على أنها لم تتوصل بأي شيء. "أمنيستي" تكشف خطورة تحويل تطبيقات رقمية لاقتفاء مخالطي مصابي "كورونا" إلى آليات للتجسس * أنتم تقولون إنكم راسلتم الحكومة والحكومة تنفي ذلك، من نكذب ومن نصدق؟ لقد احترمنا سرية المراسلات، وأنه ليس بالضرورة أن نكشف عن الجهات التي أرسلنا إليها الرسالة الموجهة إلى رئيس الحكومة، ومبررنا في ذك احترام سرية المراسلات، ولكن سنكون مضطرين الآن، لكشف عن أصحاب العناوين التي بعثنا إليها بالرسائل. أما الجواب عن من تكذب ومن تصدق فهو بسيط جدا، يجب أن نصدق الوقائع ، أن نصدق الوثائق، ونحن سننشر الوثيقة المتعلقة بالرسالة الموجهة إلى رئيس الحكومة، والجهات التي وجهت إليها المراسلات بعناوينها المحددة والمضبوطة، كما سجلها البريد الإلكتروني. منظمة العفو الدولية لا تشتغل ضد المغرب وليست لها نية مبيتة تجاهه * التقرير خلف ردود فعل غاضبة وقد تم استدعاؤكم، ماذا جرى بالضبط؟ – اللقاء تم بعد صدور التقرير، واستدعيت من طرف الكاتب العام لمندوبية وزارة حقوق الإنسان، دون أن يحدد لي في البداية جدول أعمال هذا اللقاء، وقال لي إنه يود اللقاء بي. تم اللقاء على كل، بحضور عدد من المسؤولين الحكوميين، لم تقدم لي أسماؤهم، وفي بداية الجلسة، قيل لي: معنا الإخوان من وزارة الخارجية، والاخوان من وزارة الداخلية، والاخوان من المندوبية الوزارية لحقوق الانسان، والاخوان من وزارة الداخلية، والنقطة التي نود مناقشتها معكم تتعلق بأمرين، الأمر الأول المنهجية التي تعتمدها "أمنيستي" في اعداد تقاريرها، والنقطة الثانية هو التقرير نفسه. شخصيا رحبت بهذا اللقاء، لأنه لقاء يجب أن يستمر لمعالجة أية قضايا وأية انشغالات، سواء كانت انشغالات "أمنيسني" أو انشغالات الحكومة المغربية، لأن جميع الأمور يجب أن تعالج في هذا الإطار، ولأن خيار أمنيستي هو دعم مسارات حقوق الانسان، وخيار المغرب كما هو معلن عنه دائما وباستمرار هو خيار احترام حقوق الانسان. إذن لا إشكال في الموضوع. سجلت فقط نقطة في بداية اللقاء بأن الأمر في هذا التقرير يتعلق بجوانب تقنية. وليست الشخص المؤهل علميا للحديث عنها، كما أنكم أنتم كمسؤولين لستم في موقع الحديث عن الجوانب المعقدة في الشق التقني للموضوع. أما فيما يتعلق بالمنهجية، قلت لهم، وكما تعلمون دائما، أن "أمنيستي" وفي حوارها معكم، حريصة على بعث ما تتوصل إليه من انتهاكات لمعرفة رأي الحكومة قبل نشرها، وبهذا الخصوص لقد بعثنا لكم في 6 يونيو الماضي على خمسة عناوين ما توصلنا إليه، وكنا ننتظر ولم نتلق أي رد. من حيث مضمون التقرير حاولت أن أوضح للمسؤولين أمامي، أنه لا يجب أن يبالغوا في تضخيم الأمر، فالموضوع لا يتعلق فقط بالمغرب، بل بكثير من بلدان العالم. واشرت إلى تقريرنا الأخير، المتعلق باستعمال تطبيقات لتتبع حالات كورونا، وكيف تستعمل هذه التطبيقات في اختراق الخصوصيات والمعطيات الخاصة، وقلنا إن هذا التقرير صدر على مستوى يهم عددا كبيرا من دول العالم. لقد طرحنا الموضوع في سنة 2019، ولم يكن أي رد على التقرير آنذاك، وأتساءل عما هو الجديد الذي جعل الحكومة تتحرك بهذا الشكل وتعلن «مرارتها» وإحساسها بأن جهة ما تتربص بأحوال المغرب واستقراره، وهذا الأمر لا أفهمه شخصيا لأني مغربي قبل أن أكون مسؤولا في منظمة العفو الدولية، وكمواطن مغربي، فإني حريص أيضا على أن يكون بلدي محميا ومؤمنا، وأن يعطي بلدي تلك الصورة القوية في العالم التي تفسر احترام حقوق الإنسان، وأنا حريص مثل حرصكم وربما أكثر، ولا أحد يجب أن يزايد على الآخر بمواطنته. وفي جميع الأحوال وما يمكن أن أِكد عليه أن هذا التقرير يندرج ضمن جملة تقارير تصدرها منظمة العفو الدولية، أوجبتها هذه التطورات التقنية، التي حصلت في العالم. فهناك العديد من الدول التي توجهت إليها «أمنيستي» بنفس الطلبات، وبنفس بواعث القلق، وبنفس الاحساس بأن هناك اختراقات، وقلت أيضا أن هناك بعض الدول تجاوبت بشكل إيجابي، وأعطيت مثالا لذلك بحالة النرويج، لكن في الأخير، أصر المسؤولون في هذه الجلسة على أنهم لم يتوصلوا بالتقرير، و أصروا ثانية على أن هناك نية الاساءة إلى المغرب، ويظهر ذلك من خلال التغطية الواسعة لكبريات الصحف الدولية لهذا التقرير، وقلت أيضا إن كان الأمر كذلك، فهل "أمنيستي" تتحكم في «الكارديان»، وفي "واشنطن بوست" وفي "الباييس" وفي «لوموند» ؟ وبهذا المعنى ف"أمنيستي" تشكل قوة كبرى على ما يبدو.. ! . وفي هذا الإطار، من حق الصحافة، ومن واجبها تتبع الأخبار والأحداث، و"أمنيستي" ليست المسؤولة عما تنشره الصحافة، وأعطيت أمثلة لذلك، ولا داعي للكشف عنها الآن. الحكومة المغربية انقلبت على "أمنيستي" ب 180 درجة وتنكرت لها وكذبتها * في نظرك، هل المستقبل يخبئ المزيد من الاحتقان والتوتر بينكم وبين السلطات المغربية، أم العكس؟ – في منظمة العفو الدولية، لا يمكن أن نقول إنها تدخل في صراع مع أي كان، لأن ذلك ليس من شأنها، وهي منظمة لا تفتعل الصراعات والاصطدامات، لأنه ما يهمنا هو أن نحمي حقوق الناس، لأنها لا تحمى بخلق المعارك الهامشية، بل بالدفاع عن حقوق الإنسان. نحن نعتقد أن افتعال الصراعات لا يخدم حقوق الانسان في المغرب، ولا يخدم ما أنجزه المغرب من تراكمات عديدة، خاصة في العقود الأخيرة، والصراعات لا تخدم المغرب في شيء أمام المنتظم الدولي. أما فيما يخص "أمنيستي"، سواء كان لها فرع في المغرب، أو لم يكن لها ، فوجودها في العالم مستمر عبر 160 دولة، تحتضن "أمنيستي"، و 160 دولة تخضع أيضا لمراقبة "أمنيستي" فيما يتعلق بحقوق الإنسان، ونسمع دائما من هذه الدولة أو تلك غضبا، ولكن خدمة حقوق الانسان فوق كل اعتبار. ونتمنى أن يكون هذا هو الاتجاه الذي يحكم علاقة "أمنيستي" بالمسؤولين المغاربة. وقد علمنا التاريخ، هنا في المغرب، الكثير من الدروس، وأن منظمة العفو الدولية كان لها حضورها القوي والمفيد للمغرب، ولا أحد أنكر ذلك حتى من أعلى المستويات، ونتمنى أن يظل هذا الحضور بهذه الإرادة، إرادة خدمة حقوق الانسان.