عقب التقرير الأخير الذي نشرته منظمة العفو الدولية «أمنيستي» حول ما أسمته بالاعتداءات الرقمية، والهجمات عبر وسائل الاتصال الحديثة على نشطاء حقوق الإنسان، وعلى المعارضين السياسيين، و التجسس على الهواتف باستعمال تكنولوجيا «بيغاسوس»، تواصل شد الحبل بين الأخيرة والمسؤولين المغاربة، محاولا كل طرف أن يلقي بالكرة في نصف ملعب الآخر لتحميله المسؤولية. هذا التقرير أثار حفيظة الحكومة المغربية وردت عليه بقلق شديد، واعتبرته يشوش على صورة المغرب، ويعكر صفوة علاقته بالمنتظم الدولي، خاصة على ما راكمته المملكة في الجانب المتعلق بالحقوق والحريات، الشيء الذي تبرأت منه في المقابل "أمنيستي" مؤكدة إنها راسلت مسؤولين مغاربة لاستطلاع رأيهم في الموضوع لكنهم لم يولوا الموضوع الأهمية المطلوبة، وتجاهلوا الأمر، الشيء الذي أدى بهم إلى استدعاء ممثل المنظمة في المغرب للقاء به والاستماع إليه. جريدة العلم المغربية سلطت الضوء على الموضوع وغاصت في تفاصيله من خلال حوار صحفي أجرته مع السيد «محمد السكتاوي» المدير العام لمنظمة العفو الدولية الصادر بتاريخ الاثنين 13 يوليوز 2020 ، حيث كشف الأخير خلال تصريحه عن تفاصيل استدعاء المسؤولين المغاربة له، وما راج في لقائهم به، وقال إن منظمة العفو الدولية ستكون مجبرة للكشف عن معطيات اعتبرتها في السابق تدخل ضمن ما يطلق عليه بسرية المراسلات. كما رد المدير العام ل"أمنيستي" بالمغرب على ما يروج في عدد من وسائل الإعلام حاليا على أن منظمته تتربص بالمغرب، و أعرب ذات المتحدث في نفس السياق أن منظمة العفو الدولية تشتغل على المستوى العالمي، وبالتالي لا يمكن أن نقول، إن بلدا محددا، أو معينا مستهدفا من طرف "أمنيستي انترناسيونال" لأنها تتعامل مع كل دول العالم، وترصد انتهاكات حقوق الإنسان على قدم المساواة فيما بينها. و أضاف خلال حواره بجريدة العلم فيما يخص الاعتداءات الرقمية، والهجمات عبر وسائل الاتصال الحديثة على نشطاء حقوق الإنسان، وعلى المعارضين السياسيين أو غيرهم من النشطاء، أن العالم الآن بات كله في مناخ جديد، وفي فضاء يسمى الفضاء الرقمي، بمعنى أن هناك انتهاكات لحقوق الإنسان لم يعرفها العالم في الزمن السابق، مرتبطة بهذا الوضع الجديد وبالثورة التكنولوجية الرقمية، وعمل المنظمة في هذا الصدد هو عمل رائد، ودائما ما كانت سباقة في رصد الانتهاكات التي تتم عبر هذه الوسائل الجديدة، كما سبق لها فتح هذا الملف حول المغرب بالخصوص سنة 2012 من خلال مؤتمرها التقني في مجال الرقمية.ه وأكد في ذات الحوار على أن المنظمة تتوفر على مختبر رقمي و الذي أنجز تقريرها الأخير، إذ يشتغل فيه خبراء على مستوى عال، ومنهجية عمل لرصد هذه الانتهاكات، كما تتعاون مع الكثير من المؤسسات الدولية، المختصة في مثل هذه القضايا، كمختبر المواطن في كندا»، المشهود له بالخبرة في هذا المجال، و مختبر جامعة نيويورك الرقمي لتتبع قضايا وملفات مرتبطة بحقوق الإنسان. وشدد على ضرورة التفريق بين حق الدول في مكافحة الإرهاب و الجرائم الخطيرة باستعمال كل الوسائل التقنية الحديثة كالتجسس و غيره، و عمل المنظمة في حماية خصوصيات الأفراد ومعطياتها الخاصة وفقا لما تقتضيه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والقوانين الوطنية، الأمر الذي يحتاج إلى المزيد من التوضيح والكشف بشأن ماجاء به التقرير حول ممارسات اختراق الهواتف و التجسس عبر استعمال تقنية «بيغاسوس» التجسسية التابعة لشركة اسرائيلية مرخص لها من طرف وزارة الدفاع الاسرائيلية، التي اخترقت 4000 هاتف بالعالم عبر تطبيق الواتساب، و من بينهم 8 هواتف لمواطنين مغاربة، اكتشفته شركة الفايسبوك المالكة للتطبيق الفوري المخترق، و قامت بإقفال ثغراته و تبليغ ضحايا الاختراق، لاتخاذ الإجراء القانوني من خلال وضع شكايات للجهات المختصة في بلدهم ضد هذا الأمر، والذين بدورهم لجأوا بشكايتهم تلك للمنظمة، كما اوضح أن التقرير الأخير الصادر في 16 و 22 يونيو، لم يشمل المغرب وحده بل بلدان عدة من افريقيا و اوروبا و الشرق الاوسط وملايين الهواتف المخترقة من خلال تطبيق تتبع مخالطي المصابين بكوفيد19، وكيف تتحول هذه التطبيقات إلى وسائل وآليات للتجسس على الحياة الخاصة، ومن بينهم دولة النرويج، التي لم تتهم المنظمة بالتربص ببلدها، بل على العكس سارعت في ايقاف خدمة هذا التطبيق، و فتحت تحقيقا في الأمر.