أكد الأستاذ محمد السوسي المفتش العام لحزب الاستقلال خلا ل لقاء له مع المشاركين ضمن فعاليات الملتقى الوطني للحوار التلمذي بالمهدية على أن أهم ما ميز نشأة حزب الاستقلال هوأنه أسس تلقائيا من طرف الأمة و للدفاع عن الأمة و البلاد , وليس للدفاع عن مصلحة طبقة معينة . وأضاف المفتش العام لحزب الاستقلال أن البدايات الأولى لنشأة الحزب كانت في يناير 1925 حينما تم تأسيس بعض الجمعيات السياسية من طرف مختلف القبائل المغربية , و من طرف شرائح المجتمع المغربي آنذاك ، و ذكر أن حزب الاستقلال دافع منذ تلك الفترة الأولى من تأسيسه عن الهوية وعن الفكر المغربي , وذلك عن طريق الدروس الدينية ، مستغلا في ذلك المناسبات العربية و الإسلامية و الأناشيد الحماسية و الوطنية , وتوج العمل الحزبي بتأسيس أول نقابة سنة 1934 بالقنيطرة ثم تقوى عضد الحزب ليصبح القوة الأولى في البلاد التي تعبر عن لسان حال الشعب وتدافع عن قيمه ، وقد ووجه نضاله من أجل الحرية والحفاظ على الإنسية المغربية في المرحلة الاستعمارية بأبشع أصناف القمع . وعرج الأستاذ السوسي على فترة فجر الاستقلال عندما فتح المجال للأشخاص الذين تفاوضوا من أجل الاستقلال في اتفاقية أيكس ليبان سنة 1955 فخيبوا ظن المغاربة فيهم ، بحيث أن نتائج هذه الاتفاقية لم تعجب زعماء الحزب و على رأسهم الزعيم علال الفاسي. وشدد الأستاذ السوسي في ندوة «الهوية في المشروع المجتمعي لحزب الاستقلال » التي أحتضنها ملتقى الشبيبة المدرسية للحوار التلمذي بالمهدية أخيرا على أن الهوية بحزب الاستقلال كانت مبنية على القيم التي يؤمن بها الإنسان المغربي مثل القيم الدينية واللغوية والثقافية والاجتماعية والتاريخية والحضارية, هذه القيم تختصر في الدفاع عن الإسلام و عن اللغة العربية ، وعن باقي المكونات الثقافية و اللغوية للأمة المغربية ، وهو ما جسده موقف حزب الاستقلال وباقي المكونات الحية للبلاد من الظهير البربري الذي حاول من خلاله المستعمر الفرنسي خلق جذور التفرقة بين المغاربة . و أردف الأخ السوسي قائلا «إن احد مكونات الهوية التي دافع عنها حزب الاستقلال منذ نشأته ، السلفية ، التي تعني الاندفاع إلى الأمام وفق جذور ثابتة و قواعد راسخة ، فاللبنات الأولى للهوية في المشروع المجتمعي لحزب الاستقلال نجدها في المقالات , القصائد الشعرية, الدروس الدينية, نجدها كذلك في المدرسة الحرة المغربية و التي كانت تشكل العمود الفقري للحزب من أجل بناء هوية مغربية و إخراجها من الالتباس الذي كان الاستعمار الفرنسي يحاول حصرها فيه». وأكد أن صون الهوية المغربية من القضايا البارزة في البرنامج المذهبي لحزب الاستقلال عكسه دفتر مطالب الشعب المغربي, بالإضافة إلى وثيقة المطالبة بالاستقلال , و كتاب النقد الذاتي للزعيم علال الفاسي. ففي الفصل الأول من هذا الكتاب تكلم فيه المفكر عن الأنانية التي يجب أن ترافقها المصلحة العامة , و أفاد أن هذا الكتاب شكل لحظة فارقة في صيرورة دفاع حزب الاستقلال لما تضمنه من أفكار و رؤى تتجاوز فكرتي بناء الذات و العودة إلى الذات , إلى مفهوم متفرد هو مفهوم النقد الذاتي الذي يشتمل تشخيص الاختيار وبنائها في الحال و الاستقبال . وهذا المفهوم الذي مازالت الأسئلة الكبرى الذي تضمنها تحتفظ براهنيتها . وذكر أن حزب الاستقلال استمر في نشاطه ليدافع عن الهوية في سياق ما عرف بعد ذلك «بالإنسية الإسلامية المغربية » ، الأمر الذي عرف تطورا هاما مع حصول المغرب على استقلاله سنة 1956 حيث بدأ حزب الاستقلال يضع مشروعه المجتمعي حول الهوية قيد التطبيق فتأسست اللجنة الملكية للتعليم سنة 1957 ، وتوجت نتائج هذه اللجنة بأول باكالوريا مغربية في الموسم الدراسي 1962-1963 التي كان للحزب دورا كبيرا فيها . وأوضح الأستاذ السوسي أن الإنسية أو الهوية لابد أن تكون مبنية على تاريخ المغرب ، فالحزب لم يفتعل الصراع بين العرب و الامازيغ بل هناك تكامل و تعاون فيما بينهما، إلا أن الحزب لا يمكن أن يساير من يفتعل مثل هذه الصراعات ، فالامازيغية و العربية تتعرضان للاضطهاد من طرف لغات أجنبية كالفرنسية مما يتوجب معه الدفاع بشكل جماعي و موحد عن اللغتين . وأكد أن الوثيقة التعادلية الاقتصادية و الاجتماعية التي أصدرها حزب الاستقلال سنة 1963 أكملت ملامح الهوية التي دافع عنها حزب الاستقلال وأصل لها.