لم تضع “حرب” البيانات بين”هيومنرايتسووتش”، المنظمة الدولية غير الحكومية، والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان أوزارها بعد، حتى عادت الأولى لتحريك المواجع على المغرب، مشيرة في تقريرها الأخير الصادر يوم أمس الجمعة 8 فبراير الجاري، أنه على السلطات المغربية إطلاق سراح سفيان النگاد، المدان بسنتين سجناً نافذا بعد متابعته من طرف النيابة العامة لنشره تدوينة على “الفايسبوك” عقب مقتل حياة بلقاسم في حادث إطلاق النار على قارب للهجرة السرية في عرض المتوسط. وقالت هذه المنظمة، التي يوجد مقرها بنيويورك، إن المحكمة الابتدائية لمدينة تطوان، حكمت على النگاد (29 عاما)، وهو مالك مشترك لوكالة عقارية، بالسجن وغرامة بقيمة 20 ألف درهم (ألفي دولار أمريكي) بتهمة التحريض على المشاركة في مظاهرة غير مرخص لها، استندت القضية إلى تدوينات على “فيسبوك” حث فيها النگاد على الانضمام إلى مظاهرة. وأضافت في التقرير ذاته، أن سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، قالت: “لم يفعل سفيان النگاد سوى التعبير عن غضبه والحث على الاحتجاج على مقتل شابة بريئة. التهم الموجهة إليه غير مشروعة، ويجب إطلاق سراحه فورا”. وسبق لتقرير هيومن رايتس ووش حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم سنة 2019 في الجزء المخصص للمغرب، أن أثار غضب المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، واعتبرت هذه الأخيرة هذا التقرير فاقدا للموضوعية وتطغى عليه تقديرات واستنتاجات عامة انتقائية وأحادية الجانب من شأنها أن تبعد المنظمة صاحبة التقرير عن روح التعاون والحوار الإيجابي والبناء مع مختلف الفاعلين المعنيين بتعزيز حقوق الإنسان بالمملكة المغربية. وأضافت المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، أنه تقرير يعكس المواقف السلبية لتوجهات مسبقة للمنظمة المذكورة، ردا على ما ورد في التقرير على أن السلطات المغربية لم تكن متسامحة مع المعارضة من خلال ردها في مارس الماضي على احتجاجات في مدينة جرادة باستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، واعتقلت قادة الاحتجاج، الذين حُكم عليهم فيما بعد بأشهر في السجن. في يونيو الماضي، كما حكمت محكمة في الدارالبيضاء على قياديي حراك الريف بأحكام تصل إلى السجن 20 سنة بعد محاكمات اعتبرتها هيومنرايتش ووش جائرة. كما أثار التقرير محاكمة حميد المهداوي بالسجن 3 سنوات بتهمة، قال التقرير، إنها مشكوك فيها مُتعلقة بالأمن، بينما كان يقضي بالفعل حكما بالسجن بتهمة التحريض على مظاهرات غير مرخص لها. وسجلت المندوبية أن الوقائع والاستنتاجات الواردة في التقرير مخالفة للحقيقة والمعطيات الموثقة كما هو الشأن بالنسبة لادعاء المنظمة “القمع والاستخدام المفرط للقوة لتفريق الاحتجاجات” واعتبار “المعطيات المتعلقة بعنف المتظاهرين بأنها فقط مزاعم لتبرير اعتقالهم وتقديمهم للعدالة”، إضافة إلى تبني ادعاءات “التعذيب بالنسبة للمتهمين على إثر أحداث الحسيمة للقول بأن تصريحاتهم انتزعت منهم”، وأن “المحكمة أدانت جميع المتهمين”، وأن “صحفيين وناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي تمت محاكمتهم بجرائم غير متعلقة بالصحافة ظاهريا انتقاما منهم لنشاطهم في مجال حرية التعبير”، وادعاء “المنع الممنهج للتجمعات في الصحراء المغربية وعرقلة التسجيل القانوني للجمعيات وضرب النشطاء والصحفيين بالمنطقة”؛ وهي ادعاءات وردت في التقرير بصيغة الاحتمال أو المبالغة وحتى التناقض مع وثائق سابقة للمنظمة، وقد اعتمد في تبنيها على مزاعم وشهادات أحادية لمدعيها ودون تقديم إثباتات ولا أدلة مؤكدة. وقال تقرير هيومن رايتش ووش إن الحكومة المغربية لم تُصادق بعد على مسودة أول قانون للمغرب بشأن حق اللجوء. وأن بين 2013 و2017، منحت لجنة وزارية بطاقات لاجئ وإقامة لمدة عام قابلة للتجديد ل 745 شخص، معظمهم من أفريقيا جنوب الصحراء، اعترفت بهم “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” كلاجئين. ومنذ ذلك الحين، سمح المغرب ل 1,106 آخرين من اللاجئين المعترف بهم من قبل المفوضية بالحصول على الخدمات العامة الأساسية، مثل التعليم والصحة، لكن دون الحق في العمل.