أكدت التنسيقية الوطنية للهيئات المهنية الأكثر تمثيلية، والتي تضم في عضويتِها كلاًّ من الاتحاد العام للمقاولات والمهن، والفضاء المغربي للمهن، والنقابة الوطنية للتجار والمهنيين، أنها عقدت يومَي الاثنين والثلاثاء المنصرمين جلسات حوار ماراثونية مع كل من المدير العام لإدارة الضرائب، والمدير العام لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، وذلك بغاية الوقوف على الملف المطلبي والإشكالات الضريبية والجمركية الآنية والمستعجلة التي تهم القطاعين التجاري والمهني ببلادنا. وجاء في بلاغ صادر عن التنسيقية، تلقت "العلم" نسخة منه، أن المحادثات بين الأطراف المذكورة توجت توقيع اتفاق بحضور وزير الاقتصاد والمالية هم جملة من النقط في مقدمتها أن التجار الصغار والمهنيين الخاضعين للنظام الضريبي الجزافي غير معنيين بالإلزام القانوني المتعلق بالفواتير، وبالتعريف الضريبي الموحد وبالتصريح الإلكتروني. وحل إشكال العلاقات بين التجار الصغار وتجار الجملة ونصف الجملة، فيما يخص التعريف الضريبي الموحد، وهو ما سيعفي هؤلاء من إلزامية تقديم هذا التعريف. وتكفل الإدارة الضريبية بحل مشاكل التجار والمهنيين مع المؤسسات التي تشترط التوفر على التعريف الضريبي الموحد (وخاصة أمانديس).
إلى جانب اعتراف إدارتي الضرائب والجمارك بجميع الوثائق المثبتة لمصدر السلع أو إثبات حيازتها خاصة (البونات)، وعدم اشتراط الفواتير وهو الأمر الذي كان أثار موجة احتقان كبير على المستوى الوطني. والاتفاق على مأسسة الحوار بين الأطراف لحل الإشكالات العالقة.
في هذا السياق، أكد أحمد أفيلال، رئيس الاتحاد العام للمقاولات والمهن، أن ممثلي التجار والمهنيين، تلقوا تطمينات من المدير العام للجمارك بإعادة السلع المحجوزة إلى أصحابها، كما تم الاتفاق مع المدير العام للضرائب على عدم فرض "التعريف الضريبي" على التجار الصغار. وكانت مديرية الجمارك قد شنت أخيراً حملة استهدفت السلع المهربة غير المتوفرة على فواتير، ما أسفر عن حجز أطنان من السلع سواء في مخازن التجار أو في الطرق، بما فيها الطريق السيّار، وفق المتحدث، وهو ما خلف غضبا لدى تجار الجملة، خاصة في مدينة الدارالبيضاء.
ورغم أن توسيع صلاحيات أعوان الجمارك لتمتد إلى الطرقات، عوض النقط الحدودية، اعتمد في القانون المالي 2014، إلا أن تطبيقه بقوة لم يتم إلا في الآونة الأخيرة. وتزايد غضب التجار، أيضا، بسبب إجراء تضمنه القانون المالي 2018، الذي نص على "التعريف الضريبي للتجار"، واعتماد الفواتير الرقمية.
وبخصوص مشكلة حجز السلع في الطرقات والمخازن، أشار ممثلو التجار مع مدير الجمارك، أن مشكلة التهريب تكمن في "مراقبة الحدود، والضرب على المهربين الكبار، الذين يُدخلون السلع المهربة بمختلف الطرق عبر الحدود"، أما التاجر الذي يشتري هذه السلع داخل التراب الوطني، فهو "الحلقة الضعيفة التي يتم استهدافها". وأضاف أفيلال، أن مدير الجمارك رد بأن حملات المراقبة عبر الطرق تروم التعرف على مصدر السلع، والطريقة التي تدخل بها، للتصدي لهذا المشكل، وأن التجار ليسوا هم المعنيون، و"وعد بإعادة السلع لأصحابها". أما في يهم الإجراءات الضريبية، وخاصة "التعريف الضريبي"، فقد تم الاتفاق على أن يلزم به التجار الكبار فقط، وليس الصغار، وعبر أفيلال عن ارتياح التجار لما أسفر عنه اللقاء في وزارة المالية، مشيرا إلى أنه سيتم توقيع محضر في هذا الشأن.
بينما أكد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أول أمس الثلاثاء، بمجلس المستشارين، أن التجار والحرفيين الذين يخضعون للنظام الجزافي غير ملزمين جبائيا بتسليم الفواتير، لأن القانون الضريبي لا يلزمهم بذلك، نظرا إلى أنهم معفيون من مسك المحاسبة. وشدد على أنه "لم يطرأ أي تغيير على الوضعية الجبائية التي تخص هذه الفئة من التجار والحرفيين"، واعتبر أن القراءات والتفسيرات المتعلقة بالمقتضيات الجديدة التي جاء بها قانون المالية لسنة 2018 تعكس فهما خاطئا لمضمون هذه المقتضيات.
واعتبر العثماني أن "الفاتورة الإلكترونية" لا تهم "سوى الخاضعين للضريبة حسب نظام المحاسبة"، وأنها تأتي لإدخال المغرب في الرقمنة والتقدم ومسايرة القرن الحادي والعشرين. وكشف أن هناك مسعى لإصلاح المنظومة الجبائية الخاصة بالتجار والحرفيين الصغار، بما يرقى إلى طموحاتهم وتحديد التركيبة التي تتناسب مع مستويات حجم معاملاتهم التجارية، وسيتم "إشراك التنظيمات المهنية في أشغال المناظرة الوطنية للجبايات المقبلة، من خلال فتح نقاش موسع حول كل السبل الكفيلة بتحديد الإطار القانوني لتجارة القرب تحديدا".