على الرغم من رسائل الود والتهدئة التي بعثها قبل أسبوعين من داخل قبة البرلمان وزير الخارجية والتعاون ناصر بوريطة تجاه موريتانيا, الى أن حكام الجارة الجنوبية من الواضح أن لهم حساباتهم الخاصة وأجندتهم التي لا تتماهى في الغالب مع مصالح وخيارات المملكة. آخر تجليات هذا العقوق غير المعلن سكوت ديوان الرئاسة الموريتانية عن تصريحات خطيرة وغير مسبوقة لقيادي إنفصالي ومبعوث زعيم الرابوني ابراهيم غالي الى الرئيس الموريتاني من شأنها أن تثير المزيد من الشكوك لدى المغاربة حول نوايا النظام الموريتاني الحقيقية تجاه المغرب. القيادي الانفصالي ومستشار زعيم الجبهة البشير مصطفى السيد أكد في حوار منشور أول أمس الأحد بموقع إخباري موريتاني جوابا على سؤال في شأن مناقشته مع الرئيس الموريتاني موضوع فتح سفارة للكيان الوهمي بنواكشوط وجوابه بالنفي مع تأكيده أنه لمس تشبث موريتانيا وتشبث الرئيس (الموريتاني طبعا) أساسا بكل مفردات السيادة، مفردات سيادة موريتانيا وصمودا وعنادا في أي محاولة تجاوز من طرف المغرب للسيادة الموريتانية أو التدخل في شؤونها الداخلية، ولمست كذلك توثق العلاقات مع بقية الجيران وخصوصا مع الجزائر والإستعدادات لجعل المعبر بين الجزائروموريتانيا سببا لتخفيض الضغوط وعمليات الإبتزاز المغربية «الوضع هنا أن قياديا انفصاليا يتحدث بصريح العبارة على لسان السيد رئيس الجمهورية الاسلامية الموريتانية وينسب اليه مواقف بالغة الخطورة والحساسية في علاقات حكومة دولته الشقيقة مع المملكة. اذا أضفنا هاذه التوليفة الجديدة التي تحتاج الى توضيح عاجل من حكومة الجارة الجنوبية وتحديد دقيق لنسبة الحقيقة من درجات الافتراء في تصريح مبعوث زعيم الوهم الذي خصه الرئيس ولد عبد العزيز باستقبال رسمي, الى ما سبق تسجيله من خطوات ومبادرات غير ودية لنظام موريتانيا تجاه المصالح العليا للمغرب بدءا بالسلوك المتخاذل خلال أزمة الكركرات وانتهاء بفتح معبر حدودي مع الجزائر قريبا من الحدود الجنوبية للمملكة ومجاراة متعجلة ومتهافثة أيضا لأجندة الجزائر بالمنطقة دونما اكتراث وإعتبار لشعور الجار المغربي أو مجرد أخد وجهة نظره من الخطوة «العدائية». خارج تفاصيل النزاع المفتعل بالصحراء المغربية ومشكل تسوية عناصر المعارضة الموريتانية الموجودين فوق التراب المغربي, يبدو أن اعتبارات أخرى تضايق حكام انواكشوط و تؤلب عداوتهم على الرباط لكنهم لا يطرحونها بصراحة ويكشفون عنها بشفافية ومسؤولية في أفق حلها وفق الاصول الدبلوماسية المعتادة بين البلدين الشقيقين. البعض يدفع بأن نظام الرئيس ولد عبد العزيز متضايق جدا من التحركات المغربية النشيطة بمنطقة غرب افريقيا و الساحل القاري ويدرجها ضمن مساعي لعزل موريتانيا مستقبلا ومحاصرتها اقتصاديا وخاصة على مستوى المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا التي انضمت الرباط اليها مبدئيا فيما موريتانيا لا زالت خارجها, والتي قد ترتقي الى فضاء اقليمي موحد متحكم في اقتصاد زهاء نصف القارة السمراء مما يعني موتا مؤكدا للاتحاد المغاربي وتهميشا تلقائيا لموريتانيا التي تسعى جاهدة لافشال هذا المسعى بتحالف مع الجزائر وتمد يدها الى انفصاليي تندوف لدفع الرباط الى ايجاد موقع قدم لنواكشوط بمشاريعها السياسية والاقتصادية واعتبار موريتانيا حلقة وصل جيواستراتيجية ومستقلة القرار في محور اوربا الساحل الافريقي الذي يتجسد تدريجيا بقيادة مغربية مستحقة.