تخفيض عدد سكان العالم بالمجاعات والحروب المفتعلة ونشر أوبئة الدمار الشامل مثل الإيدز وأنفلونزا الخنازير وانفلونزا الطيور وإيبولا أصبح هاجسا أمريكيا إلى درجة أن مجلة علمية رصينة ومختصة مثل مجلة ساينتست أمريكان تتساءل في مقال رئيسي نشرته في عددها الأخير هل نستطيع تجنب تحديد عدد سكان الأرض؟ وفي عام 1969 قدم كيسنجر دراسة إلى الكونغرس بعنوان النمو السكاني في العالم الثالث خطر على أمن الولاياتالمتحدة ساعده في إعدادها تلميذه برينت سكوكروفت الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي في إدارة ريجان، واحتفظ بنفوذه في إدارتي بوش الأب والابن . وتقول الدراسة إنه ما لم يحدث انخفاض طبيعي في عدد سكان العالم الثالث عن طريق تحديد النسل والكوارث الطبيعية، ينبغي على الولاياتالمتحدة أن تسعى لتحقيق التخفيض عن طريق الحروب ونشر الأوبئة . ومجلة ساينتست أميريكان لا ترى بديلا عن التضحية ببعض الركاب لكي تنجو السفينة من الغرق، وتقول: في الوقت الذي كان المزيد من السكان يعني المزيد من الابتكار والموهبة والإبداع، فإنه يعني الآن تراجع هذه الأشياء، ونقص الماء لكل مربي ماشية في القرن الأفريقي، وعدم كفاية الأرض للزراعة، وعدم قدرة الجو على معالجة الغازات التي تنطلق إليه وتسبب الدفيئة الحرارية، وندرة الطاقة والغذاء وارتفاع أسعارهما، وتشير الدراسات إلى أن ما يزيد على أربعة مليارات من البشر سيعيشون في دول تعاني من الحاجة للماء مع حلول عام 2050 . وتقول المجلة إن الزيادة السكانية المطردة في العالم أكبر بكثير من أن نتجاهلها، وردود الفعل إزاءها تكاد تنحصر حاليا في أصوات ترتفع ضد العمال الأجانب أو الهجرة غير المشروعة، ولكن ردود الفعل لن تلبث أن تتجه إلى الهدف الحقيقي، ففي أوائل هذا العام أعرب جوناثان بوريت، رئيس لجنة التنمية المستمرة في الحكومة البريطانية عن خطورة الزيادة السكانية في العالم، والهجرة غير المشروعة، وقال في مقابلة أجرتها معه صحيفة الديلي تلجراف إن الشبح أمامنا على الطاولة، ولا نستطيع تجاهله . وفي كل مكان في العالم الغربي، ترتفع الأصوات محذرة من مخاطر حدوث انفجار سكاني في العالم، وبدلا من استخدام العلم لمعالجة هذه المشكلة بتوفير مصادر جديدة للغذاء والطاقة والمصادر الأخرى التي يحتاجها الإنسان في حياته، عن طريق التكنولوجيا، يفكر الغربيون في تخفيض عدد السكان بالمجاعات والحروب والأوبئة . وسكان العالم ليسوا بحاجة إلى موبايلات وفضائيات وفيديوات، إنهم بحاجة إلى لقمة العيش، وإذا كانت التكنولوجيا الحديثة عاجزة عن توفير لقمة العيش لهم فإن كل العلوم، بالنسبة لهم، تصبح غير ذات فائدة .