تحلّ الذكرى الخامسة والخمسون لثورة الملك والشعب في وقت تتعبَّأ فيه الإرادة الوطنية خلف جلالة الملك لتقوية الكيان الوطني المغربي وترسيخ قواعده من منطلق الملكية الدستورية والمنهجية الديمقراطية وحكم المؤسسات ودولة الحق والقانون وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية. ففي مثل هذا اليوم من سنة 1953، امتدّت يَدُ الإجرام الذي مُورس باسم الدولة الفرنسية الحامية، إلى جلالة الملك محمد الخامس رمز السيادة الوطنية، لتنفيه خارج الوطن في تحد صارخ للقوانين الدولية، ومنها وثيقة حقوق الإنسان والمواطن التي جاءت بها الثورة الفرنسية، وفي مسٍّ خطير بالشرعية الوطنية التي تتمثل في الملك الشرعي للبلاد السلطان محمد بن يوسف المبايَع من طرف الشعب المغربي بيعةً شرعية في الثامن عشر من شهر نوفمبر سنة 1927. تحلّ ذكرى ثورة الملك والشعب هذه السنة في أجواء التفاؤل الوطني العارم بتصحيح مسار العملية الديمقراطية بقيادة جلالة الملك وإدخال إصلاحات عميقة على العمل السياسي الوطني انطلاقاً من التوافق والالتزام بقيم الوطنية والمواطنة المنبثقة من مبادئ الحركة الوطنية المغربية التي قادها حزب الاستقلال بدعم كامل من جلالة الملك محمد الخامس في مرحلة بالغة الخطورة والصعوبة من تاريخ المغرب المعاصر. ففي خضم المعركة الوطنية الجديدة بقيادة جلالة الملك محمد السادس، نحتفل في هذا اليوم بإحدى ملاحم المغرب العظيمة التي كانت حدا فاصلاً بين عهدين؛ عهد الحماية والحجر والاستعمار، وعهد الحرية والاستقلال والكرامة والعزة الوطنية. إنَّ الدلالات والمعاني والدروس التي نخرج بها من احتفالنا بهذه الذكرى الوطنية الجليلة، من الكثرة والتعدّد بحيث تشكّل منظومة قيم خالدة تُثري الوجدان الوطني وتغني المسيرة الوطنية وتنير الطريق أمامها لتحقيق الأهداف الوطنية السامية التي تلتقي عندها وتلتفُّ حولها الإرادة الوطنية المعزَّزة بإرادة جلالة الملك الأسمى. فالعبرة من الاحتفال بثورة الملك والشعب هي الاستمدادُ من التاريخ الوطني ما يقوّي الوطنَ ويدفع به إلى الأمام على طريق الديمقراطية الحق وفي دائرة الخصوصيات الوطنية والمقدسات والثوابت التي هي الضمان الأكيد لكسب رهان المستقبل. إن المغرب الذي احتفل قبل ثلاثة أسابيع بذكرى عيد العرش، يحتفل اليوم بثورة الملك والشعب يحدوه الأمل والطموح نحو غدٍ مشرق تسود فيه قيم الوطنية والمواطنة، ويحتكم فيه العمل السياسي إلى القانون، تحت مظلة الدستور وقيادة العرش.