لا غرو أن الأدب العربي الحديث والمعاصر يحفل بمجموعة من الحكايات الطريفة والعجيبة التي تضفي عليه طابع الفرادة والتميز . ولعل من أهم هذه الحكايات قضية العصامية ؛ أي اعتماد عدد لا يستهان به من الأدباء العرب على أنفسهم في عملية تكوينهم العلمي ؛ لان هناك العديد من الصعاب والعراقيل التي حالت دون إتمامهم لدراستهم بشكل منتظم .وفي هذا الصدد نشير إلى بعض هؤلاء تمثيلا لا حصرا .. العملاق عباس محمود العقاد مؤلف العبقريات،والشحرور محمد شكري صاحب الخبز الحافي.ونضيف إلى هذين الاسمين اللامعين شاعر مصريا اسمه سعدني السلاموني ؛ والذي ليس من باب المجازفة في القول والتأكيد اعتباره واحدا من أشهر شهراء العامية في الوطن العربي . ومن الضروري – ونحن نشير إلى الرجل- أن نضيء بعض التفاصيل الثاوية في حياته والتي ساهمت في تبلور موهبته الشعرية الكبيرة. 1-سعدني السلاموني .. طفولة قاسية في الريف المصري عاش الطفل سعدني في قرية نائية ،عازفا على أوتار البؤس والحرمان؛حرمان تبدى في منعه من ولوج المدرسة الابتدائية.وفي ظل هذا الوضع ،وجد السلاموني نفسه مرغما على تعلم وامتهان حرفة نجارة السواقي ؛التي سيلازمها سنين عددا،إلى أن أصبح شابا ليقر قراره ذات يوم على ترك قريته وتطليق النجارة إلى الأبد .فكانت القاهرة الوجهة والحضن الجديد الذي ارتمى فيه 2-القاهرة.. حياة الصعلكة والشهرة والمعاناة لا شك أن القاهرة قد ترسخت في أذهان ووجدان العرب كمدينة ضخمة ،تضم ملايين السكان وآلاف الأحياء ،من مختلف الطبقات الاجتماعية .وتردد صداها عميقا في الشعر العربي الحديث ، في قصائد الجميل احمد عبد المعطي حجازي، وشاعر الرفض أمل دنقل ؛حيث حضرت كفضاء مخاتل يضرب بسهامه في الأفئدة ليزيدها ألما واغترابا ،فتتداعى حزينة ومكلومة. وهكذا ، سيجد سعدني نفسه وسط هذا العالم الجديد ،متأبطا أحزانه وهمومه ومعاناته ، ومعانقا طموحاته التي لا تحد ولا تعد ،باحثا عن فرصة ذهبية لركوب موج حياة جديدة تنسيه جراحات الذي انقضى ومضى .