بالشراكة مع منشورات أجراس يقتحم الصالون الأدبي ميدان النشر ، وقد تم افتتاح هذه المغامرة بكتاب نقدي للكاتب التونسي عبد الدائم السلامي تحت عنوان"شعرية الواقع في القصة القصيرة جدا: قصص عبدا لله المتقي و مصطفى لغتيري أنموذجا" ، والكتاب عبارة عن دراسة نقدية وافية لكتابي عبد الله المتقي" الكرسي الأزرق" ومصطفى لغتيري"مظلة في قبر"، وقد تضمن فصلين: - الفصل الأول حول معنى الواقع أو مسألة تشخيص المعيش اليومي والفصل الثاني حول واقع المعنى أو تقنيات الخطاب. ونقرأ على ظهر الكتاب فقرتين مجتزأتين من الكتاب. جاء في الفقرة الأولى: وإذا كان الواقع الموضوعيُّ واحدًا وحيدًا فإنّ عبد الله المتقي ومصطفى لغتيري تعاملا معه تعامُلاً مخصوصًا، إذْ نجدهما، وهما يُوَصِّفانِه في كتابَيْهما، "يُقَطِّعانِه" أجزاءً أشتاتًا وتفاصيلَ تختَطِفُ من اللحظةِ عُصارةَ أحداثِها ومن الحركةِ دَوْزَنَةَ إيقاعِها ومن الشخصيّات ملمحًا فيها دالاًّ عليها مَا جوّز لنا القولَ بأنّ للواقع في القصّة القصيرة جدّا شعريّةٌ مَّا سنحاول تبيُّنَها في عملنا هذا. وقد تجلّى هذا التفريع الدَّقيقُ في عدد الأقاصيص الواردة بكلّ كتابٍ، ففي "الكرسيّ الأزرق" يتمرأى لنا الواقع في ثمانٍ وخمسين قصّة قصيرة وفي كتاب "مظلّة في قبر" نجد سبعًا وخمسين قصّةً قصيرةً تحاولُ تشخيصَ كلّ ما في المرجع اليوميِّ من دقائقَ حَدَثيّةٍ وهو الأمرُ الذي سينعقد عليه الجزء الأوّل من الفصل الأوّل من هذه القراءةِ. أما الفقرة الثانية فجاء فيها: وما قصص لغتيري والمتقي سوى استعارات صغرى لمفردات واقع يومي يعيشانه، يمثل بدوره استعارة كبرى لا يمكن تحديد مكوناتها، لتشعبها، إلا بتجزئتها على غرار ما جاءت عليه قصص "الكرسي الأزرق" و"مظلة في قبر"، استعارات قامت على تفصيل المرئي إلى مشاهد تفصيلا لم يغفل أدق الأجزاء فيه ما جعلها تضفي متضافرة، شعرية شفيفة على الواقع حولت فيه "مرارة" الحقيقة "لذة" في التأويل.