في إطار النقاش الدائرحاليا حول مصير الجامعة الوطنية للأندية السينمائية (جواسم )، واستمرارا للإجتماعين الذين شهدتهما كل من مدينتي سيدي قاسم و القنيطرة والذين شارك فيهما ثلة من الفاعلين في الأندية السينمائية بالمغرب للتداول حول أوضاع الجامعة، وفي انتظار اجتماع يوم الأحد المقبل 19 يونيو 2011 بالمكتبة الوطنية بالرباط، توصلت "طنجة الأدبية" من طرف السيد عزيز أربعي رئيس نادي دون كيشوط للسينما بطنجة بمقال عبارة عن أرضية ثقافية حول حال ومآل الجامعة وحول جدوى طرق الإشتغال الحالية للأندية السينمائية في المغرب وأشياء أخرى ذات صلة، هذا نصه : بدءا تجب الإشارة أن شساعة الانتظار لحراك جدي وجدري في الحقل المسترخي للأندية السينمائية..كانت كبيرة.وبالتالي فان الترحيب والتشجيع والمواكبة هو مآل كل التحركات الحالية والتي تأتي في إطار البلورة الفعلية للنقاشات ومحاولات التجميع التي انطلقت من طنجة في بحر سنة 2007 وحافظت على نواياها الاقلاعية حتى صدور البلاغ الصحفي الأول بتاريخ 25 يناير 2011 والى موعدنا هدا. هدا الحراك يأتي كفعل تغييري ملموس نابع من تجدر وعمومية القناعة لدى الكثير من الفاعلين الثقافيين وفي حقل الأندية السينمائية خصوصا بمدى الركود والعجز البئيس لحركة الأندية السينمائية بالمغرب وما اعترى هياكلها الجامعية من تيبس وهزال في العطاء وبيروقراطية.هدا الواقع المتردي للأندية السينمائية هياكل وحضورا وآليات اشتغال أفرز ومند بداية التسعينات قلقا عميقا ومربكا بخصوص مستقبل النادي السينمائي كأفق للاشتغال وكمنظومة جمعوية تهتم بنشر الثقافة السينمائية الهادفة والجميلة وباختصار حاد ومباشر..هل مازلنا في حاجة للنادي السينمائي على الأقل بشكله التنظيمي والعملي الحالي؟ هل هناك خطوط حمراء تجاه ابتكار واستحداث صورة جديدة للنادي السينمائي وآليات اشتغال مختلفة أم أن هويته تبقى مرتبطة بعرض الأفلام ومناقشتها شفويا ؟ هل الأزمة هي أزمته الذاتية الخاصة المرتبطة بآليات الاشتغال وتجديد الوظيفة وتحديث التصور الثقافي وخلخلة آلياته التنظيمية على مستوى الجامعة أم الخلل أكبر من مساحة النادي والجامعة والسينما والفن والثقافة بل هو إشكال حضاري مجتمعي محوره موقع الثقافة والفن داخل هيكلة أولويات الذهنية الجمعية للمغاربة ؟ ونحن في معمعة البحث عن المخارج التنظيمية والوظيفية الممكنة للرقي بأداء ودور الأندية السينمائية بالمغرب ..وبرغم الواقع المشلول للجامعة الوطنية للأندية السينمائية فلا يمكن لنا إلا أن نسجل اعترافا بوزنها كمكسب ثقافي وتنظيمي لعب دورا حاسما في لحظات مفصلية من التاريخ الثقافي للبلاد لصالح الانتصار للمشروع الثقافي الديموقراطي عموما وكبؤرة مكابرة ومناضلة قامت عن طريق نواديها المنتشرة عبر أكثر من مدينة بنشر وترسيخ ثقافة قراءة ومعالجة الصورة وأنتجت عبر مسارها نخبا سينمائية ومهتمين ونقادا أثروا الحقل البصري والسينمائي المغربي أيما إثراء. لكن هدا الاطراء الواجب في حق تاريخ جواسم لا يخفي حالة الاحباط وعدم الرضى عن واقعها التنظيمي الحالي وعن ما أفرزه هزالها من سلوكيات بيروقراطية وانتفاعية شبه ريعية فاقمت من ضمور تماسك وحضور وبريق الأندية السينمائية المنضوية تحت لوائها..وبالتالي فان الاستكانة لأمراض جواسم في ظل هدا الحراك الاجتماعي والسياسي الذي يهب على البلاد لهو بمثابة جبن وعهر ثقافي خصوصا ادا صدر عن مخضرمين في مجال الفعل الثقافي السينمائي ومن مهتمين بمجال اشتغال الأندية السينمائية. والثورة التنظيمية المرتقبة في دواليب جواسم تتطلب ضمن أذرعها ابداع تصور ثقافي بديل ومحين ينطلق من دراسة متأنية للإشكالات التي أعاقت عمل الأندية السينمائية وقلصت من توهجها ويتوخى خلق دينامية دافعة جديدة.وهو تصور تنطلق معالمه بداية من تفكيك مجموعة من النقاط العالقة التي نلخصها على سبيل المساهمة لا الحصر في : ** الحسم في مسألة الصراع الثقافي. هل أجواء النضال الثقافي التي واكبت فترة تأسيس وطيلة مسار توهج جواسم مازالت قائمة ؟ نحن نرى أن هوية جواسم المستقبلية وبجانب تأكيدها على تربية الذائقة الجمالية وخلق شروط التمكن من أواليات ومستلزمات الإبداع السينمائي، مازالت مدعوة للانتصار لقيم الحداثة والتقدمية ومفاهيم التنوير والانسية وهو انتصار يعتبر في ظل الشروط المجتمعية المغربية شكل من أشكال الصراع الثقافي ضد العقلية الجمعية الجاذبة للجمود والتقليد والاستبداد الذهني والفكري.وبالضرورة لايمكن لجواسم إلا أن تكون في خندق المضروع الثقافي الديموقراطي الحداثي..هدا التخندق لا يجب في كل الأحوال أن يكون ميكانيكيا وفجا بل هو تابع ولاحق للالتزام الأساسي المتمثل في فسح المجال للجمال الابداعي والحبكة الفنية أولا وأخيرا مع تجنب السقوط في فخ الانحباس في ترويج السينما النضالية والانفتاح على سينمات العالم المبهرة بالفرجة والتقنية والصنعة والفن. ** ادماج المعيار الجهوي في مرجعية جواسم سواء على مستوى منظومتها الهيكلية باعتماد تقسيمات جهوية لها حظها من الاستقلالية أو على مستوى التصور الثقافي للأندية المنضوية تحت لوائها.
** الاعتراف بأن هزال فعل الأندية السينمائية ليس ناتجا حصرا عن أسباب ذاتية تخص نمط الاشتغال أو آليات الترويج أو بفعل القرصنة أو لاديموقراطية المكتب الجامعي بل ان مأزق جواسم والأندية السينمائية هو مأزق كل فعل جمعوي يروم الاشتغال على الرمزيات الثقافية في مجتمع يسوده جو التخلف الفكري والضحالة المعرفية ومسكون بهواجس التسليع المادي واحتقار الثقافة وتمظهراتها وبالتالي فان قلق الحضور والتأثير والجذب سيبقى شعورا مصاحبا لتساؤلات كل المتدخلين في المجال الثقافي عموما وفي مجال الثقافة السينمائية بالأخص.مما يستدعي استحضار البيئة الذهنية المحلية عند أي تداول في وظيفة النادي السينمائي وآليات اشتغاله وكمثال نورد مسالة المطالبة بتنظيم عروض مقابل تأدية واجب التذكرة..في ظل وضع تجد فيه الأندية صعوبات جمة لجلب المتفرجين لعروضها مجانا فكيف سيكون حال الإقبال إذا ألزمتهم بالتذكرة ... ** الخوض في الوظيفة المنشودة للنادي السينمائي..في ظل الإشباع الفيلمي الحاصل حاليا بفعل تكاثر الوسائط البصرية وديموقراطية الولوج لعوالم الصورة نتيجة القرصنة وتعدد القنوات الفضائية المختصة بعرض الأفلام..هل مازلنا في حاجة للاقتصار على الوظيفة التقليدية المحصورة في عرض فيلم ومناقشته شفويا ؟ طبعا عرض الأفلام هو مكون أساسي من هوية النادي السينمائي لكن ألا يقتضي الأمر المرور للسرعة القصوى وإبداع آليات اشتغال جديدة..عندما يلج الفرد ناديا للتيكواندو مثلا يكون قصده ومآله التعلم التطبيقي لفنون القتال..ألا يقتضي الأمر التركيز على التعليم التطبيقي لآليات الإبداع الفيلمي من قبيل ورشات التصوير.. الإخراج ...إبداع فيلم جماعي للنادي يخلق لترويجه مهرجان لأفلام الأندية السينمائية..مما سيخلق نوعا من التنافس الإبداعي الجميل.. ** في غياب ارادة سياسية توفر الإمكانيات المادية واللوجيستيكية لاستمرارية اشتغال الأندية السينمائية ، فان الأمر يتطلب الاجتهاد في ابتكار وسائل الدعم المالي وإيجاد نوع من الدخل الكافي لتطوير فقرات البرنامج العام للنادي..عموما إشكالية التوفر على قاعة للعرض الفيلمي تبقى مطروحة..وهي إشكالية أساسية بالنسبة للنادي السينمائي تنضاف للخصاص العام الذي يعوق سلاسة عمل الأندية..يجب إذا إدراج النظرة التدبيرية البراغماتية وانتهاج الأساليب التشاركية .دون أن ننسى أن جواسم في انبعاثها الجديد المأمول يجب أن تتحمل بكامل المسؤولية والقتالية دورها كمركز ضغط مصلحي لفائدة الانشغالات المادية واللوجيستكية للأندية..وفي هدا الصدد لا نفهم حاليا عدم انخراط جواسم في الائتلاف المغربي للثقافة والفنون.
** اعتبار أن إستراتيجية المواعيد السينمائية الكبرى أعطت أكلها..وما الصيت الطيب الدي يحظى به مهرجان السينما الافريقية بخريبكة الا مثال ودافع للاستمرار في نهج وتطوير نفس الآلية المتمثلة في خلق مجموعة من المواعيد السينمائية المتباينة موضوعاتيا وصنفيا بريادة وتأطير من لدن الجامعة وبإشراك للأندية توخيا لتمكينها من المعرفة التنظيمية وتكثيف تجاربها. ** الرهان على محورية التكوين والتكوين المستمر..خصوصا في ظل تناسل المدارس والمعاهد المهتمة بالتكوين البصري والسينمائي مما يفتح المجال واسعا أمام ابرام شراكات وتفاهمات بهدا الخصوص.مع الحرص على التأكيد أن تمكين منخرطي الأندية من الآليات الأساسية لقراءة الصورة ومعالجتها وإبداعها هو هدف رئيسي ضمن أهدافها. ** الاشتغال على الجانب التواصلي وتدارك الضعف المريع الذي سجلته جواسم في هدا المجال وفي هدا الإطار تدخل ضرورة العودة الحثيثة لإصدار دورية سينمائية مختصة لمواكبة أنشطة النوادي ونشر أدبياتها النقدية والتحليلية.كما هو الحال في تبني التواصل الالكتروني باعتماد موقع على الشبكة العنكبوتية. ** تبني السلوك والعقلية الديموقراطية في التعامل مع الهيكلة التنظيمية والانتدابات والمواعيد الانتخابية ..فالفن هو خيار حداثي اٍنسي والإنسية هي توأم الديموقراطية . وما حال جواسم اليوم الا نتيجة لنبذ التدبير الديموقراطي وانتهاج الفردانية . تبقى هده مجرد انطباعات للنقاش وللاٍغناء في أفق الخروج بأرضية متوافق عليها تكون بمثابة الانطلاقة الفعلية لحياة ثانية لجواسم