جريا على عادته الحميدة في تكريم الوجوه الفنية الشابة التي أنجبتها المدينة ، يحتفي ملتقى شفشاون الثالث لأفلام الهواة القصيرة (27 30 أبريل 2011 ) بالممثل الشاب أنس العاقل (35 سنة ) وذلك في حفل الإفتتاح الذي تحتضنه قاعة العروض بدار الشباب مساء الأربعاء 27 أبريل الجاري . تتضمن فقرة هذا التكريم عرض الفيلم السينمائي القصير " شك في صمت " (2010) من إخراج ياسين أحجام وبطولة أنس العاقل وحميد الحضري ودلال البرنوصي ، وإلقاء شهادات في حق المحتفى به ، وتقديم هدايا رمزية وتذكارات بالمناسبة .. ومعلوم أن أنس العاقل يعتبر واحدا من الممثلين الشباب القلائل الذين جمعوا بنجاح بين الممارسة الميدانية في المسرح والسينما والتلفزيون والدراسة الجامعية الأكاديمية للفن الدرامي والتنشيط الثقافي وجماليات التلقي في فنون الفرجة . فمنذ مرحلة مبكرة في حياته وجد نفسه منجدبا بقوة إلى الأدب وفنون التشخيص ، فانفتح على عوالم نجيب محفوظ ودوستويفسكي ومكسيم غوركي ومحمود درويش وغارسيا لوركا وأمل دنقل وغيرهم كثير عبر قراءة رواياتهم وأشعارهم ، وعزز ذلك باطلاعه على مجموعة من النصوص المسرحية المترجمة ضمن سلسلة المسرح العالمي الكويتية الذائعة الصيت ، فتكون لديه نتيجة لذلك وعي فني وثقافي متقدم بأهمية فنون الفرجة في تربية الفرد والمجتمع على القيم الإنسانية النبيلة ، مما جعله ينخرط في الممارسة المسرحية الهاوية أولا (جمعية العمل المسرحي بشفشاون نموذجا) ثم الإحترافية بعد ذلك . ولكي يعزز هذا الإنخراط ويصقل موهبته في التشخيص ترك جانبا الدراسة العلمية بعد حصوله على بكالوريا العلوم التجريبية سنة 1994 و دبلوم الدراسات الجامعية العامة في الفيزياء والكيمياء سنة 1996 والتحق بالمعهد العالي للفن الدرامي والتنشيط الثقافي بالرباط وتخرج منه سنة 2000 بعد سنوات من التحصيل النظري والعملي . لم يتوقف الطموح المعرفي للعاقل ، وهو إسم على مسمى ، عند هذا الحد ، بل تجاوزه بالتسجيل في كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز بفاس وحصوله سنة 2007 على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في الأدب والفنون الحديثة ببحث عنوانه " الدراماتورجيا وإشكالية المنهج " أشرف عليه الباحث المسرحي الدكتور يونس لوليدي ، الذي يشرف حاليا على أطروحة أنس الجامعية لنيل شهادة الدكتوراه في موضوع " جمالية التلقي في المسرح والتلفزيون والسينما بالمغرب " . وبالموازاة مع الدراسة شارك أنس العاقل ، منذ مرحلة المراهقة وعلى امتداد ما يقارب العقدين من الزمان ، في العديد من الأعمال المسرحية ، توج بعضها بجوائز كحصوله مثلا على جائزة أحسن ممثل عن دوره في مسرحية " حدائق لوركا " (2005) من إخراج ياسين أحجام بالمهرجان الوطني للمسرح الإحترافي بمكناس . من المسرحيات الأخرى التي يتشكل منها ريبيرتواره نذكر على سبيل المثال : " ساندريون " (1990) من إخراج رفيقة بن ميمون و " جاراة أبي موسى " (1997) و " الكراسي " (2000) لبوسلهام الضعيف و " الذب " (1997) لرشيد أمحجور و " لعب الدراري " (2001) لعبد العاطي لمباركي و " مذكرات شيطانية " (2004) لحميد البوكيلي و " نداء الوطن " (2006) لجمال الدين الدخيسي و " غجر منتصف الليل ' (2007) و " سيدة المتوسط " (2008) لياسين أحجام و " ورطة " (2010) لعبد الحق بلمجاهد...أما أعماله السينمائية فقد انطلقت بفيلم " وبعد" (2002) لمحمد إسماعيل وتلته مجموعة من الأفلام القصيرة والطويلة مثل " برابول " لنرجس النجار و " دم الحبر " لليلى التريكي و " مرية وعسو " لسلفيا كير و" فين ماشي يا موشي " لحسن بنجلون و" شك في صمت " (2010) لياسين أحجام ... وفي الجانب التلفزيوني شارك الممثل أنس العاقل في عدد من الأعمال نذكر منها أفلام " الملف الأزرق " للراحل محمد لطفي و" حلم ليلة ممطرة " لفاطمة أبو شان و" مطاردة " لليلى التريكي و " ماجدة " لعبد السلام الكلاعي و" محاين الحسين " لمحمد عبد الرحمان التازي ، وسيتكوم " للا فاطمة " من إخراج علي الطاهري ، والمسلسل السوري " صقر قريش " لحاتم علي ، ومسلسلي " جبروت " و " الغريب " لليلى التريكي ، وحلقات من سلسلات " رمانة وبرطال " لفاطمة بوبكدي و " ساعة في الجحيم " لياسين فنان و" الحسين والصافية " لمحمد عبد الرحمان التازي ... إن تكريم الممثل الشفشاوني الشاب أنس العاقل وهو في أوج عطائه سيكون ، لا محالة ، حافزا قويا له على المزيد من العطاء الفني والثقافي ، شأنه في ذلك شأن زميليه الممثلة المحبوبة سامية أقريو والممثل والمخرج الوسيم والهادئ ياسين أحجام ، اللذان تم تكريمهما تباعا في دورتي 2009 و 2010 لملتقى شفشاون المذكور . وتجدر الإشارة إلى أن مشاركات العاقل الفنية لم تقتصر على الأعمال المغربية فقط بل شارك في مسرحيات وأفلام سينمائية وأعمال تلفزيونية من إخراج أجانب ، كما استفاد من تداريب عدة داخل المغرب وخارجه واحتك بكبار الفنانين والمؤطرين ، الشيء الذي جعله يراكم خبرة معتبرة في حقول التشخيص والتواصل وإدارة الممثلين والتنشيط الثقافي والسياحي والإشراف على الإخراج الفني للتظاهرات الثقافية والفنية وغير ذلك ، مما جعله بدوره مؤطرا للعديد من الورشات التكوينية . فما أحوجنا في المغرب إلى فنانين مثقفين من عيار أنس العاقل وأمثاله ، بإمكانهم الرفع من مستوى إبداعاتنا الفنية والمساهمة في تنمية الحس الجمالي لدى المتلقي العادي وغير العادي . فتحية لهذا الفنان الشاب والعاقل وتحية لمن فكر في تكريمه وتكريم أمثاله من المتألقين الشباب في مجالات فنون الفرجة المتنوعة.