عندما تيقن الحسين بن علي ومن معه بأن الحرب قائمة لا محالة ، كان لا بد من اتخاذ خطوات احترازية لا سيما وأنه لا توجد مقارنة عددية منطقية بين الجيشين فأمر أصحابه بحفر خندق في الجهة الخلفية للمخيم وإضرام النار فيه حتى يأمنوا مجئ العدو من الخلف خاصة وأن الخيام تحوي أطفالا ونساء ، فتقدم رجل من معسكر بن سعد نحو الحسين وصاح به : أتعجلت بالنار يا حسين ؟ والقصة لا تنتهي هنا ولكني أتساءل : كيف تجرأ هذا الرجل واسمه عبد الله بن حوزة وقال ما قال ؟ ، هل كان يعتقد فعلا بأن الحسين من أهل النار ؟ ، أم كان يعلم بأنه من أهل الجنة بل وسيد شباب أهل الجنة ولكنه كان يكابر بكلامه ويشوه الحقائق؟ على أي حال هو اختلاف في الحسين قبل أن يكون اختلافا مع الحسين والمختلفون في الحسين على قسمين اثنين ، قسم جاهل وقسم عالم وقائد الجيش عمر بن سعد بن أبي وقاص كان على رأس القسم الثاني كما اعترف بنفسه على نفسه بتمنيه ملك الري ، وفي أسفل قائمة القسم الجاهل يقف رجل أعرفه ، انتقل إلى رحمة ربه ، كان قد سمى أحد أبناءه عبد الساجد ليتناغم الإسم مع أسماء إخوته الآخرين عبد الماجد وعبد الواحد فقلت له إن هذا الإسم ليس مما حمد وعبد والساجد ليس من أسماء الله تعالى ولا يجوز تسمية الولد بهكذا اسم ويمكنه أن يسميه حسنا أم حسينا فقال : نحن لا نسمي أبناءنا بهكذا أسماء ظنا منه بأنها أسماء مختصة بالرافضة وهو لا يدري بأن أهل السنة لا يقلون حبا للحسين من غيرهم بأي حال وأن اختلفت طريقة التذكر ولا عبرة بالدكتور ذاكر ناوك )الهندي) ولا بالحجازي المجهول المنتشر صوته على اليوتيوب ، إذ قد يتخلى عن الحسين من هو من شيعته حيث تقول الروايات بأن جمعا ممن كانوا مع الإمام تركوه في ليلة عاشوراء بطلب منه : إن القوم يطلبوني وهذا الليل اتخذوه جملا ، وقد يلتحق بركبه عليه السلام من هو عثماني الهوى مثل زهير بن القين أو من هو يزيدي الولاء مثل الحر بن يزيد الرياحي الذي جعجع مع فرسانه الألف بالحسين ومنعه من التحرك من مكانه في بداية وصول الركب الى ارض الغاضرية أعني كربلاء. الحسين سيبقى ويُذكر على مر الأزمان والعصور ، هكذا أراد الله ، ولا فائدة من محاربة هذه الحقيقة فماذا جنى المتوكل العباسي عندما ساوى قبرالحسين بالأرض وماذا جنى الفريق أول ركن حسين كامل عندما وقف أمام ضريح الإمام مخاطبا إياه أمام حشد من جنوده ومرافقيه كما يروى عنه : أنا حسين وأنت حسين ونرى من منا الأقوى ؟ ثم أمر جنوده بإطلاق النار تجاه الحرم الآمن وقتل اللائذين به . الحسين لمن لا يفهمه عشق مطلق والعشق لا يستند إلى قواعد فقد ترى الملايين تتجه نحو قبر الحسين مشيا على الأقدام ، وأنا شخصيا لا أفعل ذلك ولكن هذا لا يعني بأني على حق والمشاة على باطل فالتعامل مع القلوب غير التعامل مع العقول والقلوب اقرب إلى الفطرة والصواب . وقد سبق و التقيت بأستاذ جامعي في دولة إسلامية كان قد فرغ للتو من ترجمة كتاب ( أمير المؤمنين يزيد بن معاوية ) فهنأته في محضر جمع من الفضلاء على جهده وإثراءه المكتبة الإسلامية بهذا السفر الجليل فاستبشر وتهللت أساريره زهوا وفرحا ثم قلت له وليحشرك الله يوم القيامة مع يزيد لا سيما وأن المرء يحشر مع من أحب ، فانقبضت أساريره وتغيرت ملامحه وبدت على وجهه علامات الامتعاض . أي صورة قاتمة يريد هؤلاء تلميعها ؟ لا أدري و أي جهل أو أي علم يدعو أحد زعماء الحركات الإسلامية إلى عقد قران ابنته في يوم عاشوراء ؟. أنا لا أنظر لقضية الحسين من وجهة نظر شيعية أو سنية وإنما من وجهة نظر إنسانية بحتة ، وقد يجمع المنصفون على أن الحسين بن علي هو قديس بل سيد القديسين ، هو سيد شباب أهل الجنة وريحانة رسول الله ، و لا أستطيع أن أتصور قاضيا (مسلما) يتغير ويغير فتاواه في يوم وليلة ويأمر بقتل الحسين بسيف جده الذي أمر بطاعة ولاة الأمر ، ولا أتصور وجود شخص عاقل يطالب بتعجيل ذبح الحسين لئلا يفوت الناس فريضة العصر ، فهل هذا عداء مع الحسين وهو من هو ؟ أم مودة مع يزيد وهو من هو ؟. ثم لماذا العجلة في الإجهاز على هذا الجريح المقدس؟ لشهوة في حرق الخيام وتشريد النساء والأطفال في العراء أم لطمع في السلب والنهب وانتزاع الأقراط من بنات الرسل ؟ ، أم للإسراع في التوجه بالرؤوس الى قصر الإمارة طلبا لجائزة الأمير . وهذا اليوتيوب قد جاء لنا بصوت نشاز لأحد العلماء الجهلاء يقول : لقد أخطأ الحسين في خروجه ( وجهة نظر ) ولو كنت مكان القوم لقتلته(!!!) لا أدري على ماذا بنى هذا الشيخ سقطته عندما لم يكتف باعتزال ( الفتنة) فتمادى فصار في عداد قتلة الحسين وهو بعيد عنه زمانا ومكانا وباء بغضب الله تعالى ، وهل صدق الناس في ظنهم بان يزيدا قتل الحسين ، كلا بل قتل الحسينُ يزيدا . فيا أبا عبد الله لعن الله امة قتلتك ولعن الله امة سمعت بذلك فرضيت به ،أي والله لقد جلت المصيبة وعظمت الرزية. ملاحظة هامة : إن قصص حسين كامل و عبد الله بن حوزة وعقد القران لها تكملات مروعة أحجمت عمدا عن ذكرها لئلا اتهم بالغلو والمبالغة .