كعادتي، قررت الإلتحاق برفاق السوء،هكذا أنعتهم ممازحة. الساعة تخذلني دائما،خاصة حين اعتزم السفر. أمي التي فقدتها يوم نال مرض الزهايمر من كيانها،أخبرتها قصد توطيد حضورها البهي: أمي أنا ذاهب إلى الحسيمة، ولا داعي للقلق. في الطريق إلى المحطة الطرقية، شدني إلى حد الآلم، زحف الخراب الظلامي الذي أتلف معالم مدينتي،ذاكرتي،فتذكرت مقاهي وحانات وفنادق…شاهدة على أيام بيضاء خلت.وتذكرت بعض المومسات الصالحات اللواتي تكالب عليهن الزمن حتى أصبحن وجوه بلا ذاكرة. تذكرت كيف كانت تمتعني آهات زليخة كي توهمني بقوة فحولتي،وأنا العابر من طور الطفولة إلى عنفوان الشباب!. تذكرت يوم كفرت بالمؤسسات وصرخت في وجه العائلة معلنا نهاية مساري الدراسي. تذكرت اشياء جميلة بعثرتها شخوص سيئة تتناوب على الشر فوق منصة الحياة، جلهم مات بلا استئذان ولا تتوجب عليه الرحمة! والبقية في وعلى الطريق. تذكرت كيف كنت أوهم رفاقي بقرب الإنتصار على ذاك، ذاك…. تذكرت وتذكرت، لكن خاب ضني قبل أن يخيب ضمنهم. أحسن ذكرى لازمتني وأنا في الطريق إلى الحسيمة هي ذكرى إبتسامة صادقة ممزوجة بتعاسة الانتظار، إبتسامة رفيقي لعشير( عليليت) الذي أمن بالتغيير الحتمي، ومات على أمل أقوى من توهماتنا المملة. _________________________________________________ لعشير: هو بلقيدي علي، معتقل سياسي سابق، استشهد نتيجة الأمراض التي فتكت به في المعتقلات.