من فقرات البرنامج العام لمهرجان أسا الوطني للسينما الصحراوية ، المزمع تنظيمه من 29 أبريل الى 02 ماي 2014 ، الاحتفاء بكتاب سينمائي جماعي يحمل عنوان "سينما الصحراء - القضايا والدلالات " عبر توقيعه بعد تقديمه والتعريف به . ويعتبر هذا الكتاب الجديد (2013/2014) ثمرة لمجهودات عدة جهات من بينها وزارة الاتصال وثلة من النقاد والباحثين والمدير العام لمهرجان أسا الوطني للسينما الصحراوية والمنسق الفني للملتقى الوطني للشباب السينمائي بمدينة الطانطان الأستاذ الحسين أنشاد . وقد عملوا جميعا من خلال اصداره على تأسيس لبنة من لبنات توطيد ممارسات سينمائية تكتسب مصداقيتها من الفعل الثقافي الجاد والهادف الذي يجعل من السينما وسيلة ناجعة لملامسة القضايا الوطنية الكبرى، ويساهم في تفعيل الدبلوماسية الثقافية والفنية التي تعتبر السينما أحد مجالاتها الخصبة بفعل قُدُرَاتِها الجماهيرية على التواصل ، وترسيخ دعائم الانتماء والتربية على المواطنة، ومُسَاءَلَة الهوية، ونشر قيم الاحترام والتعايش والاختلاف والديمقراطية... ويأتي هذا الكتاب النقدي تتويجا لمجهودات نخبة من النقاد والباحثين الذين ما فتئوا ينادون بأهمية نشر الثقافة السينمائية في الأقاليم الجنوبية، وضرورة الانخراط في توثيق الندوات التي تنظم في اطار تظاهراتها السينمائية. من هنا تنبع قيمة وأهمية كتاب " سينما الصحراء " الذي جمع بين دفتيه مداخلات المشاركين في ندوة "حضور الصحراء في السينما المغربية" التي نُظِّمَت ضمن برنامج الدورة الأولى لمهرجان الطانطان الوطني للشباب السينمائي سنة 2013 ، فضلا عن دراسات أخرى حول الصحراء ارتأينا إدماجها ضمن مواد هذا الكتاب لتعزيز متنه، وتنويع وجهات نظر المساهمين في تأليفه ، والانفتاح على مختلف مقارباتهم المنهجية... لقد تنوعت الأشكال التعبيرية البصرية التي تناولت الصحراء كالتشكيل والفوتوغرافيا والڤيديو والإشهار والتلفزيون والإرساءات الفنية ، إلا أن للسينما سحرها الخاص كفن جامع قادر على استدماج جل الفنون كالموسيقى والرقص والغناء والمسرح... وتحقيق نوع من الانسجام بينها ، وبذلك فإن لهذه المواضيع تجليات وأبعادا فنية تكتسي حلة متجددة بفعل مرجعيات المخرجين. ومن هنا تلامس المقاربات الواردة في هذا الكتاب مختلف التجارب الفيلمية المغربية التي استثمرت الصحراء، جزئيا أو كليا، مُقَارَنَةً ببعض التجارب السينمائية السامقة خاصة الأصيلة منها كتجارب المخرجين: ناصر الخمير، وعبد الرحمان سيساكو، وسليمان سيسي.. الأمر الذي سيسمح للقارئ بتمثل الصحراء وفق حمولات دلالية مُضَاعَفَة (شاعرية، روحانية، وجدانية، عاطفية، حسية، تراجيدية، أسطورية...). يتشكل المحتوى الفكري لهذا الكتاب من دراسات ومقالات تتناول، تنظيرا وتطبيقا، ثيمة الصحراء في السينما، وتنفتح على صورة الصحراء المغربية في السينما الوطنية. ففي القسم العربي يتأمل عبد الله الشيخ العلاقة الجمالية القائمة بين السينما والصحراء؛ ويقارب حميد اتباتو سؤالَ شَاعِرِيَّةِ الصحراء استنادا على متن فيلموغرافي عالمي ومغربي؛ ويبحث محمد اشويكة في تجليات الصحراء في السينما؛ ويطرح مبارك حسني أسئلة الوجود والتحقق في سينما الصحراء؛ ويتناول حبيب الناصري صورة الصحراء في السينما من خلال بعض الدلالات والأسئلة الممكنة؛ أما سمير عزمي فيدرس رمزية الصحراء في فيلم "طرفاية أو باب لبحر" لداوود أولاد السيد ؛ ويختم إبراهيم الحيسن هذا الجزء من الكتاب مُسَائِلا وضعية السينما في الأقاليم الصحراوية من خلال واقع وآفاق تطوير الفرجة الفيلموغرافية بها... وفي القسم الفرنسي بحث يوسف آيت همو في الخيال المرتبط بالصحراء المغربية في السينما؛ أما بوشتى فرقزايد فقد رصد تمثلات الصحراء في الفيلم الروائي المغربي القصير "ريگلاج"؛ وانفتح عبد الخالق صباح على تجربة سينمائية مغاربية مُؤَسِّسَةٍ لعلاقة السينما بالصحراء ويتعلق الأمر برصده للشاعرية في فيلم "بابا عزيز: الأمير الذي يتأمل ذاته" للمخرج التونسي ناصر الخمير... وبهذا تكون مواد هذا الكتاب بمثابة المقدمات أو المداخل التي تفتح آفاق البحث العلمي والنقد السينمائي على أسئلة وإشكالات جديدة من شأنها أن تساهم في إثارة القضايا الوجودية والمعرفية والقيمية والإستيتيقية التي تنطلق من الصحراء للوصول إلى تشكيل رؤية عامة للذات والآخر ضمن سياق كوني متفاعل...