قال الناقد والمخرج السينمائي المغربي عبد الإله الجوهري ، إن السينما المغربية أصبحت اليوم من أهم وأبرز السينمات في المنطقتين العربية والإفريقية من خلال ما تقدمه من أعمال متفردة لفتت انتباه النقاد والمهتمين. وأشار الجوهري، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء ، على هامش فعاليات مهرجان "الجونة" السينمائي في دورته الرابعة التي اختتمت مساء أمس الجمعة، بمنتجع الجونة بالغردقة، إلى أن المهرجانات الدولية أصبحت تتهافت على ما ينتجه السينمائيون المغاربة، مسجلا أن الأفلام السينمائية المغربية أضحت اليوم متفوقة على غيرها من الأفلام التي كانت تنافسها فيما مضى خاصة منها الأفلام المصرية. وأوضح أن السينما المغربية عموما تسير في الاتجاه الصحيح وتؤكد على وجودها ، مشيرا إلى أن هذا التقدم ما كان ليتحقق لولا مسألتين أساسيتين ، لخصهما المتحدث في وجود إرادة سياسية من أعلى مستوى لدعم الفن بصفة عامة والسينما على وجه الخصوص ، وتوفر مدارس ومعاهد متخصصة في تدريس السينما تساهم في تكوين جيل جديد من الشباب ستكون له كلمته في المستقبل القريب. وعن الجرأة التي أصبح يتمتع بها الجيل الجديد من السينمائيين المغاربة في تناول قضايا وتيمات كان من الصعب التطرق إليها في السابق ، قال الجوهري ،إن هذه الجرأة في تناول الكثير من القضايا، أساسا ما يسمى بالطابوهات الثلاث، الدين ، والسياسة والجنس، تعود الى اعتبارات متعددة، منها هامش الحرية التي أصبح يتمتع بها السينمائي المغربي والتي لم تكن متاحة في مراحل سابقة الى حدود التسعينيات. كما تطرق لانفتاح السينما المغربية الكبير على نظيرتها العالمية وتأثرها بها ، فضلا عن الشجاعة التي تحلى بها عدد من المخرجين الذين لا يمارسون رقابة ذاتية على إنتاجهم، موضحا أن كل هذه العوامل ساهمت الى حد كبير في جعل السينما المغربية تتناول قضايا كان من الصعب التطرق اليها سابقا. وبالقدر الذي حققت السينما المغربية نجاحات باهرة على المستوى العالمي، من خلال الحضور المتفرد ، وحصدها العديد من الجوائز ، عبر الجوهري عن الأسف لكونها لم تحقق الاهداف المرجوة في الداخل، أي معانقة الجمهور ، وعزا ذلك لعدة اسباب ،منها قلة وضعف القاعات السينمائية ، حيث لا يتوفر المغرب الان سوى على 50 قاعة صالحة للعرض، فضلا عن كون الثقافة عامة والسينما برأيه لاتزال ترزح في مراتب دنيا من اهتمامات المواطن المغربي. كما أعرب عن أسفه لكون المؤسسات التربوية والتعليمية والجمعوية والثقافية لازالت تعتبر السينما شيئا ثانويا، معتبرا أن عدم الاهتمام بالصورة بشكل عام و السينما بشكل خاص، يؤكد بأن المجتمع المغربي لم يدخل بعد مجال الحداثة لأن العصر الحالي هو عصر الصورة بامتياز . وقال "ينبغي علينا كمجتمع مدني وقوى حية أن نبذل جهدا كبيرا للمطالبة بإدخال الفن بشكل عام والفن السابع بشكل خاص في برامجنا التعليمية وتعويد أبنائنا على المشاهدة السنمائية". وعن الدعم الذي تقدمه وزارة الثقافة لبعض المشاريع الفنية والذي أثار مؤخرا ضجة كبيرة ، قال عبد الإله الجوهري ، إن هذا الدعم هو حق للفنان المغربي، ولم يستفد منه الاشخاص وانما المشاريع. وتابع في هذا الصدد "للأسف بعض الجهات خلقت نقاشا شعبويا مقيتا من أجل ضرب الممارسة الفنية في المغرب ، وأوهمت الكثير من الناس بأن هذا الدعم هو تبدير للمال العام، بينما ما قدم للفنانين من أجل انجاز مشاريعهم الفنية هو من صميم مهام الوزارة الوصية. وأكد أن "ما يقدم للفن في المغرب هو قليل جدا بالنظر لما يحققه من انجازات على المستوى الداخلي والخارجي حيث اصبحت السينما المغربية خير سفير بالنظر لانجازاتها المتفردة التي تحظى باهتمام وأعجاب كبيرين". وحول تأثير وباء "كورونا" على القطاع الفني، قال الجوهري إن الجائحة أثرت بشكل سلبي على الممارسة الفنية بالمغرب عموما والسينمائية على وجه الخصوص،مسجلا تراجع عدد الافلام الأجنبية التي يتم تصويرها داخل المغرب والتي تدر أموالا مهمة ، كما انها تساهم في التعريف والترويج لوجه المغرب. وأضاف أن الجائحة كان لها تأثير أيضا على مهنيي القطاع من تقنيين وفنيين ،دون إغفال تأثيرها الكبير على وجهات تنتعش من خلال السينما والسياحة من قبيل مدينة ورزازات. وتساءل عن الأسباب وراء استمرار اغلاق المسارح ودور السينما بينما تم فتح المقاهي والاسواق الشعبية وغيرها من المرافق التي طالها الإغلاق مع انتشار الوباء ،مشيرا إلى أن القاعات السينمائية في الاوقات العادية لا تستوعب الا نصف طاقتها من الحضور .