في إطار مجالس طنجة في ظل الحجر الصحي، نظم رفاق الحزب الاشتراكي الموحد، على المنصة الرقمية للحزب، لقاء مفتوحا مع المبدع الدكتور عبد النور مزين، تحت عنوان:" التجربة الإبداعية عند عبد النور مزين"، بمشاركة كل من الاعلامية الأستاذة حنان عزوز، والأستاذ الشاعر بوعزيزي عماد والمحتفى به الدكتور المبدع عبد النورمزين. بعد تقديم المشاركين والترحيب بهم، استهل المسير اللقاء بورقة سمّاها ب:"تجليات الذات الانسانية في كتابات عبد النور مزين بين القبح والجمال"*. وسؤال حول حقيقة البطل في رسائل زمن العاصفة. مباشرة بعدها وفي تدخلها، قدمت الأستاذة حنان عزوز شهادة مجروحة في حق الدكتور عبد النور مزين، قبل أن يتوجه هذا الأخير في بيان حقيقة السارد، أوليكشف لنا عن حقيقية حبيب غادة الغرناط، حيث ارتضى هذا الاسم لبطل الرواية، ويكفي- في نظر الكاتب- أنه انتسب إلى هذه المرأة التي ضحت وأضحت أيقونة، والتي تتماهى مع الرواية كلها ، ولربما تَعَمُّداً تركه دون اسم ليكشف عن تجربة ذاتية عاشها السارد خلال مرحلة الثمانيات وبداية التسعينات، مرحلة مهمة من تاريخ المغرب. وهي محاولة – دائما في نظر الكاتب قد تصيب وقد لا تصيب، لتترك أثرا ما لجيل، لكل واحد منهم عاشها بطريقته، لمرحلة خصبة، وهي بذور زُرعت كآمال وأحلام، قد تؤتي فتعطي ثمارها. وأنّ المحاولات الأولى التي أُريدَ لها أن تُجْتَث وتُقبر، ومشروعها أن يُطمر، لا يمكن أن نراها إلاٌ كعواصف حاليا، بمعنى أنه في غياب كل فكر تنويري أو منحى تقدمي ديمقراطي، يتوق للحرية، تغيب هذه الأشياء. وقد تبين حاليا، أنّ تحجيم تلك الأصوات في تلك المرحلة، كان له أثر سلبي على شيوع الفكر التنويري. والكل قد بدأ يعي تلك المعاناة، فلماذا يعطي اسما لبطل تلك الرواية، فكل الذين عايشوا مِحن تلك المرحلة، كل واحد مر بتلك التجربة سواء اعتُقل أو الذي استشهد، والذي ناضل، أو الذي حقق شيئا مع نقابة ما أو في عمل سياسي، فهذا وذاك يستحق أن ينتمي إلى تلك التجربة. وهو في نهاية المطاف حبيب غادة الغرناط أو غادة الغرناط ذاتها، فبالتالي كل الشخصيات تُركت هكذا. لكل من عاشوا تلك المرحلة أن يجدوا فيها ذواتهم، لتنقل تجربة معينة كسنوات الرصاص، إلى الأجيال اللاحقة، والتي تمنى الدكتور عبد النور ألاٌ تعيشها. واعتبر أنه رغم كل ذلك، فإنهم كانوا فخورين بنضالهم، لأن لا شيء يأتي دون دونضريبة..لا حرية ولا ديمقراطية. وأضاف أن رسائل زمن العاصفة كأثر أدبي دون لذلك. وعقبت بعد ذلك الأستاذة حنان عزوز، بأن الحديث عن رواية رسائل زمن العاصفة لا ينتهي، فهو نتاج ثقافي لمبدع لا يأتي من فراغ، واعتبرت تلك الرواية نجمة الروايات، بما احتوته من مضامين فكرية، ثقافية، وسياسية ولغوية. وبما حوته من تدقيق للكلمات، وتناسق في المعاني. وتساءلت عن السر الذي كان وراء هذا الابداع، وأي موطن وأسرة تفتَّق منها، برعم الابداع ذاك؟ – اعتبر الدكتور عبد النور مزين أنّ الحيز الأكبر من الكتابة لأي كاتب، فهو يمتحه من من ينابيع الطفولة والذاكرة بشكل عام. فتجربته كانت موزعة بين بادية شفشاون، قرية بني أحمد. وهي وعاء خطير من الحكايا ومن الواقع المرير. فما معنى الكتابة أن لا تجد مثل هذا الواقع. فالبادية المغربية في فترة الستينات والسبعينات كان صعب جداأن تتمسك بالدراسة في تلك المرحلة. فلا طريق معبدة، والمدرسة بعيدة، ولكن الأمل والتشبث بالتعليم مان هذا حلم، والاستثمار في المستقبل كان ديدن كل العائلات المغربية، وكان شيئا جميلا ليته يعود. فكانت تلك التجربة الأولى في البادية، وشتائها البارد الطويل، الذي قد يمتد إلى ثلاثة أو أربعة أشهر متتالية. وكل هذا السرد عن طفولته كان له أثره في الكتابة. ويتذكر هنا مبدعنا والده الذي كان يتميز بعمق تفكيره وبعد رؤياه، حيث كان يرى في التعلم ولاشيء غير التعلم مفتاحا للنجاح، لأي أسرة ولأي بلد. فإن نجح التعليم نجح كل شيء وإن خاب التعليم خاب كل شيء، فهو الأساس. فوالد الدكتور عبد النور مزين في تلك المرحلة المبكرة جدا، كان يعي جيدا معنى التعلم، وقوة التعليم في أسرة، وفي جماعة، وفي مدينة، وفي دولة. حتى أنّ والده -رحمة الله عليه- أصرّ على تعلم جميع أفراد أسرة مِزين، حتى أختهم الصغيرة. وهو يعترف بتضحية الوالدين الكثيرة من أجل الذهاب بعيدا في ميدان التعليم. وبسبب عدم وجود مدرسة تتوفر على قسم الشهادة الابتدائية في بادية الدكتور، اضطر- رفقة إخوته للانتقال إلى مدينة شفشاون وهو بعد ابن العشر سنوات وهي مرحلة الطفولة كما أراد مبدعنا أن يسميها، ليتمكن منمواصلة مساره الدراسي. وهكذا تحمل مسؤولية تدبيره شؤونه في هذه المرحلة العمرية المبكرة، والذي اعتبره شيئا جميلا. وتصور الكاتب أنّ مراحل هذه الطفولة سواء ببني احمد أو بشفشاون، مازال أثارهما حاضرا في كتاباته، بل وظلتحاضرة تلك البادية وذكرياتها، في رسائل زمن العصفة وفي ديوان وصايا البحر. وفي رواية رسائل زمن العاصفة، ومجموعته القصصية قبلة اللوست أو حتى في الديوان الشعري وصايا البحر، تجد إشارات عديدة إلى هذا الفضاء البدوي، والبادية المغربية، وبالضبط بادية شفشاون. ستظل حاضرة في كتابات المبدع عبد النور مزين،بشكل أو بآخر، كذكريات أو ذاكرة، وكحنين لم لا. – وفي توجيه آخر للقاء المفتوح، تحدثت الأستاذة حنان عزوز عن الدكتور مزين، من خلال معرفتها به مسبقا،حيث عرفت فيه ذلك الطبيب المبدع، والانسان الشاعر والمبدئي الذي لم يتغير، والذي دافع عن المرأة كذلك. فعندما تقرأ رسائل زمن العاصفة، ستدرك مدى غيرته على مكانة المرأة في مجتمع له وما عليه. فعِظم تقدير الدكتورعبد النور للمرأة يتجلى يلنا واضحا في علاقته بأمه، فهو الابن البار والمحب لأمه قبل أن يكون كاتبا وشاعرا. وقبل أن يطرح الدكتور عبد النور مزين وجهة نظره حول المرأة، حمّلت الاعلامية حنان عزوز تدخلها بأسئلة أخرى حول مسألة القراءة واختياراته، وكذا سؤال حول الأمكنة في روايته رسائل زمن العاصفة، بحيث أنه عند ذكرها لا يمر عليها مرور الكرام، بل يشعر القارئ بأدق التفاصيل حولها. – في معرض إجابته عن كل ذلك، بادر مبدعنا بالإجابة أوّلا عن مكانة المرأة، ففي نظره لا تحرُّرلشعب إلاّ إذا تحررت المرأة فيه. فهي الأم والحبيبة والأخت والمربية المؤتمنة على النشء وعلى المستقبل. وهذه حقيقة، لكن للأسف هذا مشكل المجتمعات العربية والاسلامية، التي لا تُقَدِّر هذه المسألة. فلا يمكن تصور تحرر لهده الشعوب دون تحرير للمرأة، وهذا الأمر لاسبيل إلا به- يضيف الدكتور مزين- فالإنسان لا ينجح في عمله إلاّ إذا كان يعمل بحب وبشغف وبحرية، هذا من جانب. ومن جانب آخر أنّ الاحتفاء بالمرأة وتشريفها وتكريمها في المجتمع، هو تكريم للرجل أيضا، فلا غرابة في الأصل في المشاعر الانسانية منذ الطفولة هو الحب، فليس غريبا وصدفة أن يكون الحب هو الأمل المشاعر عند الطفل، فميلاني كلاين Melanie Klein,الحب والكراهية L'amouret la haineالذي يعد مرجعا أساسيا عند كل الأساتذة والأكاديميين، يجسد كيف تزداد برصيد كامل من الحب، ثم تأتي الكراهية بالتدرج من المجتمع. فالحب كامل يكون عند المرأة، أي للأم وبالتالي هذا التشريف لأول أنثى في حياة الابنهو الأم الذي هو بمثابة الخزان الحقيقي والكبير للحب، ولا شيء غير ذلك في تلك المرحلة، حب شامل صاف، نقي عند الولادة، من الطفل لأمه. وعندما يكبر الطفل، ينقص الحب لديه ويكون ناتجا عن ذاك الخليط الذي يكتسبه داخل المجتمع. فيحل محلها بعض مشاعر الكراهية، وبالتالي فأصل الحب هو المرأة. فتشريفها هو عمل التوازن بالنسبة للرجل أيضا. وكلما كانت هذه العلاقة متوازنة، وفيها كثير من الاحترام والحرية، تعود بالنفع على الرجل أيضا. فكلما كانت المرأة حرة، سيدة نفسها في مشاعرها، في جسمها، وفي علاقتها بذلك الزوج أو ذاك الحبيب، تعطيه أكثر ما لديها، وهذا ما يطلبه الرجل. وبالتالي نرجع إلى التربية، فالتربية هي الأساس في المجتمع، والتربية هي المبنية على الاحترام. فهي الأساس الرئيس لأي نظام اجتماعي، نظام تعليمي في أي بلد، يكون فيه النظام مبني على هذا الاحترام على هذه الحقوق، على هذه المساواة، لتعطي نتيجة لأطفالنا، بالإيمان بهذه الحقيقة، بهذا الاختلاف، وأيضا بهذه المساواة. وهو الضامن لسلوك طفل يحمل بذرات الحب التي يكتسبها في طفولته، وتجعله في مأمن من السقوط فيسلوكات الكراهية التي تسود المجتمع. فهذا الوعاء التربوي القائم على احترام المرأة هو الكفيل وحده بحفظ هذه العلاقة بين الرجل والمرأة في جو يسوده المساواة والمحبة. ويعود الدكتور عبد النور مزينليؤكد مرة أخرى على أنّ المشكل ليس في الحمولة الفكرية، ولا في المجتمعات، ولكن المسؤولية تقع داخل النظام التعليمي، فهو الأساس لتكريس هذا. فكل ما كان هذا الفكر سائدا في الحمولة الثقافية الفكرية، وفي كل شيء سيكون متضمنا. والمشكل ليس في موروثنا الثقافي، ولكن المشكل في نظامنا التعليمي، هو الذي يُحَوِّ هذا الفكر أو يقوم بتغليطه. فالنظام التعليمي هوالأساس، وحرية المرأة تبدأ من التعليم أوّلا وأخيراً. – وفي جوابه على مستوى القراءة، فالكتابة ليس بالأساس ي تفريغ لقراءات كاتب أو أي شخص. بل هي مزيج من القراءات والاطلاع على تجارب شعوب، تجارب كتاب، تجارب تاريخ انساني، تجارب علوم وتقنيات ولغات. فعندما تمزج الذات الشخصية، أو بالذات كجماعة، أو فضاء اجتماعي، مجتمع. فعندما تمزج هذه الحمولات تعطي نتاج أو نتائج في الكتب المميزة، وبالتالي هذه القراءة لا تقل أهمية، بالنسبة لكاتب. فالكاتب، إن لم يكن نصف وقته أو أكثر هو للقراءة، وكذا تأمل الأشياء والمحيط، ثم تأتي بعد ذلك عملية الابداع التي هي في نهاية المطاف، توليفة لكل هذه التأملات والقراءات، وأيضا الحمولة الفكرية التي يحملها الكاتب. وبالنسبة لاختيار الكاتب لهذه المقروئية، ففي نظر مبدعنا الخاص، يبقى هذا التوظيف لتجويد الكتابة، ما يكون نفعا لهذه الكتابة أيضا. فإذا كان سيكتب عن التجربة الانسانية أو حرب الريف، أو مسألة الهجوم الإسباني بالغازات السامة على مناطق الشمال مثلا، فمقروئيته تتجه للرواية أو الكتاب أو الكتابات التي يكون أقرب لهذا الموضوع، فتكون عصفورا بل عصافير عدة بحجر واحد، وأيضا التنوع في النهل من لهذا الموضوع. فهناك كتاب يتناولونه من الناحية الشعرية والأدبية، والرواية أو القصة، ولكن الموضوع يكون محددا. فالحافز في القراءات يكون ما هو الشيء أو الموضوع الذي أنت بصدد الشروع أو العمل من أجله. أما بخصوص الأماكن، فالأماكن حياة، فنحن نحيا في الأماكن، في الأمكنة وفي الأزمنة،وهما المحددان الرئيسيانللوعي بهذا الكون، وبهذا الوجود، وبالتالي انعكاسهما داخل العملية أو الكتابة الابداعية فهي ضرورية ولتكون حقيقية. والأجمل أن تكتب عن أماكن، تعرفها بالتدقيق. فعلى الكاتب أن يستشعر من قارئه بأن مايقوله هو كذب حقيقي. فالكاتب يكتب لوقائع هي أقرب إلى الخيال، ولكنها في حقيقة الأمر هي تتماهى مع هذا الواقع بشكل جيد. وهذا من بين أسباب نجاح عناصر هذا العمل. فإذا كذبنا في الأماكن التي نعرفها حق المعرفة، فلا بأس بهذا إن هي وجدت، فإن لم توجد فيجب أن نخلقها، ولكن أن تبدو حقيقية في خَلقنا وفي إبداعنا. فإذا اضطرتك الظروف أن تخلقها- ويضرب الكاتب مثلا لأماكن يكتب عنها في روايته الجديدة، تدور أحداثها في كندا والولايات المتحدةالأمريكية، غير أنه لم يسبق له أن زارها- وهو عمل شاق يتطلب الكثير من الاطلاع من أجل التوثيق، لكي تكون في الحقيقة. لأن القارئ أو الراوي أو السارد، يجب أن يكون في مستوى إدراك حقيقي وجيد لتلك الأماكن، ولو كانت خيالية. فمثلا الكاتب بول أسير خلق مدينة كاستن روك، وهي مدينة اختلقها، بأزقتها وشوارعها وكل شيء فيها، من أجل أن يكتب عنها رواية. وفي الأخير عندما قرر أن يتخلص من هذه المدينة نسفها، ولم تعد موجودة، وكتب عن روايات عن أماكن أخرى جديدة. – وفي معرض حديثه عن سؤال طرحه المسير، مفاده استعمال صاحب رسائل زمن العاصفة لظاهرة الثنائيات، كانت إجابة عبد النور مزين كالآتي: إنه من الضروري هناك صراع، هو ليس بالضرورة أن يكون صراعا كلاسيكيا، بل هو صراع اجتماعي بين أطراف بالتقدم نحو الحريات، ولكن هناك قوى في مقابل ذلك قوى الرجعية، قوى القمع، وقو التقهقر، وهذا من قوانين الصراع الاجتماعي، وبالتالي كانت بالضروري وبتقنية الكتابة خلق والمزاوجة بين هذه الثنائيات: الخير والشر، الانسان وظله، القوى والقوي المضادة. فكان يجب أن تكون أقرب إلى الواقع كما هي في الحقيقة، فكان هناك مُعطى ما بين الزهرة وغادة أنهما أختان، ولكنهما متضادان في كل شيء. فإن كانت غادة ناجحة، وسعيدة بحبها وبحبيبها. فإن الزهرة وإن كانت أحبت بعنف، فإنها وقعت في انتكاسة. ربما تكون غيرة، أو مجبرة للإخبار عن حبيب غادة الغرناط، وتكون سببا في اعتقاله. وبالتالي هناك كثير من الأسباب المتداخلة في هذا الجانب. ولكن كان هناك أيضا صراع اجتماعي، وهي كانت تقف في صف معين، وبالتالي فكل تصرفاتها في المجتمع، يلزمها أن تكون كل تصرفاتها منطقية في إطار ذاك الصراع الاجتماعي. لكن الزهرة ولكي توصل صوتها وسلوكاتهاوحكاياهاوسردها، كانت هناك تقنية توظيف الرسائل، فهي سارد من نوع ثان.فإذا كان السارد الرئيس هو حبيب غادة الغرناط، فإن رسلة الزهرة كانت طويلة، طويلة جدا، لإخبار القارئ بأشياء لا تعلمها إلا هي. وبالتالي، كانت هذه طريقة أو التقنية نجحت إلى حد ما بما هي سارد ثان. نجحت في تقنية الكتابة. أما بخصوص الكتابة للأجيال القادمة، فالزمن فضّاح، كما يقول المثل. فكل ما نكتبه لاشك أنه سيأتي يوم فتقرأه. وسيبكون جميلا لو تعرفت على زمن القمع والاضطهاد الذي نلت منه. وإن لم يكن ما تقدمه من هذه الكتابة إلا هذا فليكن. وهذا من صميم الأدوار التي يمكن أن تلعبها الرواية أو السرد أو الأدب بشكل عام. لنقله ولتجسير هذه الهوة بين الأجيال. ولربما نحن أقرب الأجيال إلى سنوات الرصاص. والأدب يبقى مع الزمن، فتبقى كوثائق. فهي في نهاية المطاف نحن في النصوص التاريخية نرجع إلى نصوص أدبية سردية، من خلالها نستطيع أن نستنبط إنتاج وقائع الحياة، التي كانت في الأزمنة الغابرة. وبالتالي، فالأدب ناقل لهذه الارهاصات، لأنماط الحياة الاجتماعية، وفي تنظيم العلاقات، وكذلك للصراع بين الأديال اللاحقة. – بعد هذا التوضيح من الدكتور مزين، عادت الأستاذة حنان عزوز لتؤكد مرة أخرى أن رسائل زمن العاصفة، يمكن اعتبارها وثيقة تاريخية، مجموعة من القصص المنسوجة من الخيال، تتميز بحبكة وصنعة تفرد بها المبدع عبد النور في كتاباته، بشكل يجعل القارئ اليوم يلج هذا السهل الممتنع، وخاصة جيل اليوم. ومن ثَمَّ جاء سؤالها مباشرا عن أسلوب الكاتب، فهناك من رأى أنه خندق نفسه في كتاباته ضمن زمرة محدودة، أو أنه نتاج عفوي من تراكمات التجارب؟ ثم انتقلت الاعلامية في تساؤل آخر عما أسمته بورطة رسائل زمن العاصفة، ونجاح هذا العمل، وبالتالي تساءلت عن سبب تأخر نوعا ما، مبدعنا في اصدار جديد. ومن زاوية تخصصها الاعلامي، تساءلن عن مدى دور الاعلام في انتشار رواية رسائل زمن العاصفة، وهل أعطيت غادة الغرناط حقها. – كانت إجابة الدكتور عبد النور مزين عن هذه الأسئلة كالآتي: بالنسبة عن توجهه في الكتابة، فهو يحتفي بالكتابة وباللغة. فبمجرد نشر العمل تنقطع صلته به، فيصبح ملكا للقارئ. وأي قرئ للرواية أو لهذا النص، هو احتفاء ثنائي بينه وبين الكاتب، وهو عملية تواصلية عميقة جدا، وفيها كثيرا من التواصل الحسي بين الكاتب وأي قارئ. النسخة الكاملة والنهائية من العمل ليس هي التي كتبها، بل هي التي تفاعل معها القارئ، بكثير من التخييل. لتكون النسخة النهائية هي تلك النسخة المشتركة ما بين الذي كتبه المبدع وتفاعل معه القارئ. وربما هذه النسخ قد تختلف من قارئ إلى آخر. فكلٌّ يقرأ الرواية أو أي عمل ابداعي انطلاقا من تصوره. فالقارئ له ذاكرة، وبتلك الذاكرة يتفاعل ويحس، وهذه الذاكرة، وهذا الاحساس مختلف، وبالتالي النسخ تختلف. ولكن تظل اللغة حبل الود الذي يبقي على تلك المحبة بين القارئ والكاتب، ورسائل المحبوب هي مشفرة، وبالتالي الاعتناء بهذه الرسائل والحكايا بهذه الوسيلة أي اللغة – هو احتفال واحتفاء بالقارئ في نهاية المطاف. وهذه هي قناعة كاتبنا، فيجب الاحتفاء بالقراء من خلال الكلمة. فكلما كانت هذه الكلمة جميلة، والحكاية أو الرواية أقرب إلى الحقيقة الكاذبة– وكما يقولون أجمل الكذب هو الأصدق والأقرب إلى الحقيقة بالنسبة للقارئ – تكون الحكاية والرسائل أجمل. فإذا كان العمل نخبوي فليكن، ففي نهاية المطاف نحن نريد أن نرتقي بقارئنا إلى مصاف النخبة، ولمَ لا. ربما لتتسع فئة النخبة، وبالتالي يتسع حس التلقي لكل الروايات الجميلة والأشعار والقصائد والقصص.فلنرجع إلى التربية أصلا، وإلى العملية التربوية للتعليم. ومن جهة أخرى فالكاتب لا يشترط أن يكون وصف كتابته بالسهل الممتنع، لكيلا يكون ثقيلا على القارئ، بل ليجعل أسلوبه مقبولا، بمسحة جمالية، كأي لوحة ترسم بقواعدها، فتعطي التطلع والنظر إليها. وبالنسبة لتأخره في اصدار عمل جديد، يرى عبد النور مزين أن خمس سنوات أو أربع، مدة زمنية ضرورية قد يستغرقه عمل روائي بهذا المفهوم. فلا بد من ترك الأفكار لتختمر. فرواية رسائل زمن العاصفة مثلا أخذت منه سنتين فقط للكتابة، ثم سنتين أخرى للتنقيح. فأربع سنوات أو ثلاث ونصف، هذا في نظره وقت محترم، وعادي من أجل مشروع رواية. وفي المقابل نجد كتاب يكتبون بوتيرة أسرع، فهؤلاء لهم وجهة نظر وطريقة أخرى. ومن جانب آخر- يضيف مبدعنا- أنه ليس متفرغ للكتابة بالكامل. فالكتابة هي قارة ولجها من قارة هي الطب والصحة وهي ظروف عمل تفرض عليه اكراهات(فيروس كوفيد المستجد مثلا). وميدان الكتابة والإبداعبالإضافة إلى ذلك يحتاج إلى القراءة والتأمل، الذي يمارسه حتى في أوج متاعب المهنة. لأن الفكر يحتاج إلى القراءة والتأمل معا. وهو يعد رغم هذه الإكراهات بنصوص روائية قادمة، يشتغل عليها في مراحلها الأخيرة، ويشتغل كذلك على رسائل وتيمات جديدة متباينة، ليس نصا واحدا، بل ثلاثة نصوص، وكل نص منها في مرحلة من النضج يتقدم. وأقربها إلى الخلاص والاكتمال منه هو جسر النعمانية، ورواية إيرسيا، ونص أخير هو الشرفة والقمر. وفي نظره أن الاشتغال على انتاجها في خمس سنوات تقريبا مُشرِّف جداً. وفي حديثه عن رسائل زمن العاصفة، فقد اعتبر الكاتب أن الرواية قد أخذت حقها من قراءات نقدية متنوعة، حتى على الصعيد الأكاديمي من جامعات، فقد كانت موضوع مجموعة من البحوث والأطروحات الجامعية لنيل الاجازة والماستر بل وحتى الدكتوراه، في مدن عديدة كالجديدة، وفي الدارالبيضاء وفي الراشدية كذلك. رسائل زمن العاصفة استطاعت أن تحفر لها اسما على الصعيد الأكاديمي وبين جمهور واسع من القراء، حتى أنه في ظرف أربع سنوات تم طبعها مرتين، والطبعة الثانية في طريقها إلى النفاذ من الأسواق. وهي تجربة ناجحة بالنسبة له، استفاد منهافي ميدان الرواية وفي التعامل مع القراء وكذا على المستوى الاعلامي. فهي تجربة غنية جدا، أعطته اسما على الصعيد الوطني والعربي وكذا حتى العالمي. ثم هو لا يطمع بالنسبة لهذه الرواية شيئا أكثر من هذا. وحول سؤال صديقه الكاتب المسرحي عزيز قنجاع، ما إذا كان سيستطيع تجاوز نجاح هذا العمل، فمبدعنا عبد النور يرى أنها وجهة نظر محترمة للنقد. وإذا كانت تجربة رسائل زمن العاصفةباعتبارها عرفت نجاحات على المستوى السردي والإبداعي، إذا ما قورنت بأعمال قادمة، فليكن، فلكل كاتب تفرده في رواية معينة عرف بها، فغابرييل ماركيز له مائة عام من العزلة، وفريديريك غارسيا لوركا له بعض الكتب المميزة التي تجسد التجربة. فعندما نتكلم عن كاتب معين، فإن نظرتنا تتجه مباشرة إلى كتاب وعمل بعينه. ورسائل زمن العاصفة عندما أدرجت ضمن القائمة الطويلة لجائزة البوكر سنة 2016،كان اسمه مجهولا قبل ذلك الوقت رغم اصداراته الأولى كالمجموعة القصصية قبلة اللوستوديوانه الشعري. كان الانفجار الإعلامي، ففي ظرف شهر ونيف كانت تتقاطر عليه مجموعة كبيرة من الحوارات مع الجرائد والمنابر الاعلامية الصادرة في الاتحاد الأوروبي. وكان الحديث أيضا عن هذه التجربة. فكان لها صدى اعلامي في الشرق وفي المغرب. وربما أعطت لهذا الكاتب المغمور اسما على هذه الخريطة الضيقة، والكتابة كما نعرف تخضع للعلاقات والصداقات على مستوى الدوائر الرسمية، وتلعب دورا في عملية الانتشار على مستوى المنتديات والمحيط والمؤتمرات. وبالنسبة لعبد النور مزين فهذا شيء لا يهمه. ولمن الذي يحز في النفس أن المشهد الثقافي في المغرب مازال محصورا في دوائر مُغلَقة خاصة، مما يؤثر سلبا على بعض المبدعين، فتسلط الأضواء على البعض دون الآخر إذا كان المبدع لا يحسن التواصل مع بعض هذه الدوائر المقربة. ولكن الحقيقة يجب أن تقال، وهو أن الكاتب لا يكتب ليكون تحت دائرة الضوء، ولكن الكاتب يكتب ليؤسس لكتابة أخرى تكون مميزة تبقى مع الوقت. فالأدب والكتابات الجيدة تبقى وتصمد مع الوقت، وهذا هوالأساس، لأنها يلزم أن تعير عن روح هذا المجتمع، في هذا الزمان وهذا المكان، ويلزم أن يكون، وأن تصل رسائله إلى المجتمع، وهذا هو الهاجس لدى الكاتب، أما المسائل الأخرى فربما تكون لحظية ووقتية. – من ناحية أخرى، ثمنت الإعلامية حنان عزوز مسألة رفع الحيف عن كل كاتب ومبدع، وأضافت قائلة: أن ما ذكره المبدع عبد النورمزين لخصه الكاتب البريطاني صامويل جونسون بقوله (ما يُكتب دون جهد، يُقرأ دون متعة". ولأن استمتعنا برواية رسائل زمن العاصفة لأنه بذل جهدا في كتابتها. فهو المثقف المجتهد، لا يشبع من تطوير قدراته، وإمكاناته. فلقد حاول أيضا تطوير لغاته أيضا، فهو بالإضافة لإتقانه لغة موليير، فقد خضع لبعض التكوينات في لغات أخرى. وكان السؤال بالتالي بخصوص إمكانية كتابة عبد النور بلغة أخرى. – أشار المبدع عبد النور مزين أن التنوع في القراءة هو غنى في التجربة، ويذكر أنه في دراسته الاعدادية والثانوية، كانت معظم قراءاته باللغة الفرنسية وبعضا من عيون الأدب العربي للكاتب الكبير نجيب محفوظ. حيث عمل بالموازاة مع الفرنسية – للحنين الذي يجر ه إليها -على تطوير لغته العربية فكان الاشتغال على البلاغة وأصول اللغة العربية وتطوير المعجم، لتكون أداة قادرة على التوصيل بشكل جميل، وفي إيصال رسالته السردية بشكل صحيح. فكان الاطلاع أيضا على الأدب الفرنسي وتكوينه العلمي بكلية الطب بالرباط، وحيث كان الالمام باللغة الفرنسية ضروريا بحكم الدراسة والتحصيل العلمي أكسبه قدرة على الكتابة بالفرنسية حيث كان ينشر ببعض الدوريات والجرائد والمواقع الالكترونية نصوصا شعرية،ممكن أن تكون مشروع لديوان شعري أو قابلة للتوظيف في روايات قادمة. ولا يرى مانعا في الكتابة بالفرنسية، فله مشروع رواية علمية فلسفيةLa Neuroideتطرح قضية المصير الذي تتجه إليه البشرية بسبب الطفرة التكنولوجية. وفي السنتين الأخيرتين، ركز اطلاعه على اللغة الإنجليزية وعلى الأدب الأنجلوساكسوني بالولايات المتحدةالأمريكية وبإنجلترا وأستراليا أو حتى بالهند. فكثير من النصوص الجميلة نجدها مكتوبة باللغة الإنجليزية، ولكن تتم قراءتها مترجمة إما باللغة العربية أو الفرنسية. فرفع مبدعنا هذا التحدي مع لغة شكسبير، للاطلاع على الأدب الإنجليزي الغني، رغم وجود ترجمات لذلك، لكون الاطلاع على النصوص الأصلية يكون أجمل، ويطمح للكتابة بها أيضا. بعد سنتين قضاها من التكوين لها وهو نفس الأمر مع اللغة الاسبانية حيث يخضع الآن بالدراسة بمعهدسيرفانتيس. والكل يعرف مدى مساهمة الأدب اللاتيني بإسبانيا وأمريكا الجنوبية الرائدة في الأدب. والجميع يتذكر الكاتب غابرييل ماركيز، فهو ساحر في رواياته وقصصه، وقد ألهم كاتب عبد النور مزين إلى حد كبير. وبالتالي فالاطلاع على هذه الأعمال بلغة سيرفانتسجميل ومفيد جدا، وإتقان اللغات المختلفة بشكل عام، يفيد الكانب لتوسيع مداركه سواء في القصة أو الرواية أو الشعر. فكلما زاد المبدع من اطلاعه بلغة أخرى على التجارب الانسانية، كلما نمت تجربته وفق اطلاعه، ويجعل اطلاعه أكثر ثراء. فكان هذا التحدي والاطلاع، على اللغة كان تحديا من أجل تطوير الكتابة وتنويع المقروئية وليكون انعكاس ذاك إيجابا على النصوص اللاحقة بإذن الله. – وفي سؤال للمسير الأستاذ بوعزيزي عماد حول علاقة الكاتب الروائية بالشعر، وعن رأيه في المشهد الثقافي المغربي والعربي، وعلاقته باتحاد كتاب المغرب. أجاب الدكتور عبد النور مزين بما يلي: إن الكتابة الشعرية فيما هو سردي، هو موضوع تداخل الأجناس الأدبية من شعر وقصة ورواية. فقد أصدر ديوانا شعريا "وصايا البحر" الذي توجد قصيدة منه متضمنة داخل رواية رسائل زمن العاصفة وهي قصيدة "أمي". وفي نهاية المطاف فقد ترسخت لدى كاتبنا قناعة مفادها، أن الشعر يتطور، فمن الشعر الجاهلي إلى تجارب شعرية تطورت إلى الشعر الحر، ثم لأي شعر نثري، وقصيدة النثر. فهذا التطور في الشعر هو تطور موضوعي وتاريخي، وبالتالي ليس بالضرورة الاستمرار على نفس النسق. وفي نظره أنه من ناحية التفريق فيلزم أن يكون التفريق في المنهجية وفي الدراسات وفي التعاطي المنهجي وفي التحليل، حيث يجب أن تصنف الأشياء. لكن من ناحية التلقي ومن ناحية الجمالية فهي وسيلة للتواصل مع هذا القارئ. ففي التواصل لابد من توظيف الصورة الشعرية في نسق سردي وهذه جمالية، تضيف إلى العملية الروائية أو السردية أو القصصية. لكن الأهم في هذه العملية ألا يكون النفح الشعري دخيلا على النص، بل يلزمه أن يكون من صميمه، وليس متكلفا، أو أن يقال إنهشيء دخيل على عملية الحكاية. فكلما كان من صميم عملية الحكاية ومن صميم الأحداث، وعملية التواصل الحسي مع الشخصيات كلما كان النفس الشعري في عملية التواصل مع القارئ أجمل وأجود، لمَا لها من انعكاسات حسية وجمالية ونفسية على المتلقي. وهذه عملية ترسخت في كتابات المبدع عبد النور مزين عن قناعة وبدون تكلف، حيث أضحى لا يستطيع الفكاك من هذا الأسلوب – أي في تضمين العمل السردي الشعر – بل أصبح من سليقته، لأنه لا يقدر على التخلص ولا الفكاك منها، فهولا يستطيع الكتابة بدونها. فإذا كانت شعرا فلتكن، وإن كانت سردا بنفحة الشعر فلتكن، وإذا كانت قصيدة سردية فيها حكاية فلتكن أيضا. ولنترك في النهاية الكلمة للنقاد فهذا عملهم، والمهم في ذلك كله هو إقامة تلك العلاقة الجميلة بين النص والمتلقي. وفي جوابه عن علاقته باتحاد كتاب المغرب، فهو لم يتوصل لحد الآن ببطاقة العضوية، رغم أنه قد أرسل جميع نسخ طلب العضوية منذ 2013م، وربما مان بسبب من فشل انعقاد مؤتمرها للبث في الانخراط. فهو مازال ينتظر. وبالنسبة له فالانتماء إلى هذا الاتحاد هو دعم معنوي ورمزي لا غير، وإلا فهي مؤسسة وطنية عمومية وجمعية ذات نفع عام، تستخلص ميزانيتها من جيوب الموظفين ومن ضرائبهم، فهو يساهم فيها من اقتطاعات الضريبة، فلا بد أن يكون انتماء الكتاب المغاربة له بقوة القانون. – بعد ذلك كانت أسئلة الإعلامية حنان عزوز عن دور الإعلام في انتشار الكاتب، وعن الوسائل التكنولوجية والرقمية وتأثيرها على القراءة، بفعل انغماس بعض الناس في تثقيفهم الذاتي على الصورة. وكان استشهادها بمقولة للكاتب الأمريكي ستيفن كينغ: "إنْ لم يكن لم يكن لديك وقت للقراءة يعني أنك لا تملك وقتا وأدوات للكتابة". وكان سؤالها بالضبط إلى مدى مساهمة الوسائل التكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعي في انتشار الكاتب، وفي جانب آخر أثرت بشكل سلبي على الناشئة والناس عموما، وساهمت في هجرنةالقراءة؟ – بالنسبة لعبد النور مزين الإعلام هناك ثورة تكنولوجية لا يمكن أن ينظر لها بشكل سلبي، فهي من أكبر الثورات الي تأثرت بها الإنسانية. فعبر الانترنيت وغيره كم هائل من أسباب التواصل وسرعتها، ولكن في المقابل هناك آلة كاسرة تحاول جر الإنسان إلى مسائل الاستهلاك، أكثر منها إلى مسائل الإنتاج. وهنا تحضر مرةأخرى أهمية التربية ودور التعليم في السنوات الأولى للطفل بكيفية الاستفادة بشكل عقلاني من هذه الثورة التكنولوجية، للاستفادة أكثر ما يمكن منها، والتقليل من سيئاتها. ففي نهاية المطاف نحن نعيش في عالم يوجد فيه كثير من الأشرار والكثير ممن لا يحبنا، وليسوا طوباويون مثلنا. ولهذا فسلاحنا الوحيد هو التربية على عقلنة استعمال والاستفادة من وسائل التواصل والتكنولوجيا الرقمية فيما هو متاح ويتيح التطور الاجتماعي، والتطور الفكري والتراكم الإيجابي للرؤية. فالكثير من الكتب التي هي متوفرة على الانترنيت، تتيح عملية القراءة. والاشكال ليس في الانترنيت، ولكن الاشكال الحقيقي في التربية، وهذا ما يلزمنا المسؤولية بإعادة التفكير في النموذج التنموي، بحيث يجب أن يكون التركيز الأساس على الطفل وفي مراحله الأولى، لكي يكون هذا التركيز هو طفرة للمستقبل. والتكنولوجيا ودورها لا محيد عنها، فقط يجب عقلنة استعمالها لدى الناشئة. أما بالنسبة للمقروئية، يرى الدكتور عبد النور مزين، أن عقلنة الزمن في الانترنيت، وفي الشبكة العنكبوتية رهين بالسلوك، والسلوك هو فكر، والفكر هو نتاج مجموعة من المسائل ومجموعة من التأثيرات. والتحكم في التعامل مع الشبكة العنكبوتية ومع الانترنيت والثورة الرقمية، هو تقريبا نفس الطريقة التي نصارع من أجل الفوز بها.فللاستفادة منها لابد من برامج في التعلم للجيل الصاعد، والتوجيه التربوي للآباء لظفر بالمسائل الايجابية من الثورة الرقمية والاستفادة منها، ومحاولة مساعد الابناء على التقليل من عرضتهم لمسائلها وتأثيراتها السلبية، وهي كثيرة جدا، باعتبار أن هذه الثورة الرقمية هي انعكاس حقيقي ومرآة حقيقية للمجتمعات على الصعيد العالمي. فإن كانت فيها كثير من الأخيار، فكذلك فيها الأشرار، وهي بمثابة غابة، يجب تعليم الأطفال المرور بها، وكيفية الخروج والنجاة من هذه الشبكة العنكبوتية، والاستفادة أكثر من هذه البيئة التكنولوجية التي هي نهاية المطاف لا محيد لنا عنها في المستقبل. وفي نهاية اللقاء شكر المبدع عبد النور مزين الحزب الاشتراكي الموحد بطنجة، على إتاحة الفرصة للكلام في الأدب والثقافة بدورها أثنت الاعلامية حنان عزوز على الدكتور عبد النور مزين، وتوجهت بحديثها نحوه ومن خلاله إلى الكتاب ليقوموا بأدوارهم تجاه المجتمع لما لهم من تأثير على الرأي العام والشباب والناشئة خصوصا، كما ألقت بكامل المسؤولية على الإعلام ليقوم بأداء رسالته الهادفة نحو المجتمع. وشكرت في خاتمة كلمتها رفاق الاشتراكي الموحد على تنظيم مثل هذه المواعيد الثقافية المفيدة.