أجمعت المداخلات العلمية خلال فعاليات اليوم الدراسي حول موضوع ” المكتبة النقدية النسائية في المغرب: التراث الأدبي واللغوي لمحمد بن تاويت التطواني دراسة تحليلية نقدية، أسماء الريسوني نموذجا ” على أهمية العمل الأكاديمي الذي أنجزته الدكتورة الباحثة حول التراث الأدبي واللغوي لمحمد بن تاويت التطواني، لما تضنمه من تجميع لمعلومات في مجال اللغة والأدب. وشارك في هذا اللقاء العلمي الذي نظمه ماستر الكتابة النسائية في المغرب، وفرقة البحث في الإبداع النسائي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل، باحثون وأكادميون في التراث والأدب المغربي، كالدكتور عبد اللطيف شهبون، والدكتور محمد مفتاح، والدكتورة جميلة رزقي، والدكتور أحمد الطريبق أحمد … ويسعى الكتاب / الأطروحة بحسب المؤلفة أسماء الريسوني إلى التعريف بجزء من أعلام المغرب، لم يلق ما يستحقه من عناية ودراسة. ويعد الكتاب الحلقة الثانية من إنجازات تنوي الباحثة إقامتها عن تراث ابن تاويت التطواني. وأصلها رسالة الدكتوراه تمت بإشراف الدكتور أحمد الطريبق أحمد وفاطمة طحطح. وفضلا عن جمع تراث ابن تاويت والتعريف به والتصنيف ، سعت المؤلفة إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار تاريخ الحركة العلمية بالمغرب في العصر الحديث ، ودور هذا الرجل في إثراء الحياة الثقافية بالمغرب والتأثير فيها . لارتباطه بسلالة الموسوعين العرب وامتدادا لهم ، فقد ظل يكتب دون كلل على امتداد نصف قرن في مجالات معرفية متعددة ومتنوعة. ويأتي الكتاب الموسوم بالتراث الأدبي واللغوي لمحمد بن تاويت التطواني: دراسة تحليلية نقدية. تعميقا للبحث في تراث الراحل، من خلال قراءة وتحليل أعماله الأدبية، ودراساته النقدية واللغوية المرجعية. حيث تنوعت تصانيفه التي أثرت الحياة الأدبية والثقافية المغربية، بنتاج متنوع وعطاء متجدد في موضوعات توزعت بين الأدب المغربي والأدب المشرقي والأندلسي وقضايا الفكر واللغة والثقافة… فقد عرف مؤرخا للأدب ، ولغويا نحويا ومحققا مدققا، وبلاغيا ومهتما بالتشريع الإسلامي، كما شهدت له الساحة الثقافية بدروه في النقد والنظم والترجمة.. وهذه الصفات المعرفية حري على الباحثين أن يهتموا بتراثه، ويخرجوه من ثنايا المجلات والدوريات التي تعج بأبحاثه ودراسته ومناقشته ونقده. وقد انطلق ابن تاويت تقول المؤلفة أسماء الريسوني في دراساته ” من هاجس الدفاع الهوية الثقافية المغربية في أبعادها العربية مستثمرا ذاكرته الخصبة، وموظفا ثقافته الموسوعية التي جمعت بين علوم المشرق والمغرب والذي ظل يعتز بها في مختلف كتاباته. الشيء الذي جعله ينفلت من ضوابط المنهج العلمي رغم اطلاعه عليه، ومطالبة غيره بالتقيد به. فهو يعتبر نفسه فوق المنهج، وبذلك أضحى إشكالا في الثقافة المغربية. إلى ذلك يشير الدكتور محمد مفتاح الباحث والمحقق في التراث المغربي أن المؤلفة بذلت مجهودا لا نظير له، لم يعد يرى في الوقت الراهن. لأنها جمعت تراث ابن تاويت في غالبه. مشيرا إلى أنها وفقت في جمع التراث اللغوي والأدبي وحللته تحليلا ونقدته نقدا خفيفا. وقد تتبعت هذا المسار من خلال نفسها الطويل في القراءة في أغلب ما أنتجه ابن تاويت، وصنفت كتابها من خلال ثنائية تتأرجح بين الثقافة التقليدية التي استقاها من المغرب، وبين تكوينه الأكاديمي الذي تلقاه في المشرق من علماء مصريين مميزين . وهو بمنهجه المتفرد المتمرد الذي لا يرعي أدبيات البحث وعناصره، رغم وعيه بأهميته يمثل إشكالا في الثقافة المغربية كما ترى الباحثة. وفي اثناء مناقشته للكتاب ، حاول الدكتور عبد اللطيف شهبون أستاذ الأدب المغربي بجامعة عبد الملك السعدي بسط مجموعة من الأفكار، والإسهام بقدر ما يمكن أن يكون محفزا للنظر فيه. فقد ركز في مداخلته على الحديث عن أسباب النزول وأشار فيها إلى إشارات عابرة تمثلت في ارتباط الدكتور أحمد الطريبق أحمد بأستاذه ابن تاويت، وكانت علاقة علمية بين طالب علم، وبين رائد ودليل مما نتج عن ذلك إشراف ابن تاويت على أطروحته حول أدب التاستاوتي من خلال “بهجة الناظر وبهجة غصن الناظر” نوقشت بآداب الرباط . وقد تولد عن هذا النقاش بين الأستاذ والطالب أطاريح عديدة ، منها الكتاب / الأطروحة الذي أنجزته الباحثة في مرحلتين وهو علة كبرى في أسباب النزول . ونوه الدكتور شهبون بالمنجز العلمي الذي قامت به الباحثة ، الذي يبرز مجهودا في الجمع والتصنيف والتوصيف، وقد نسجت مراويح رحمة على روح فقيد الأدب في المغرب. وينتظم الكتاب في ثلاثة ابواب، الأول يتعلق بالباب الأدبي، والثاني يعنى بتحقيق النصوص عند ابن تاويت، والباب الثالث يتعلق باللغويات وينقسم بدوره إلى الجانب اللغوي المحض والجانب النحوي. والكتاب دراسة تحليلية تمحورت حول كشف خبايا ابن تاويت . وهو يتشكل من ثلاثة أبواب وتسعة فصول تتخللها عناوين فرعية متعددة ومتشاركة. وقد بني الكتاب على ثنائية محورية، وهي أن ابن تاويت كان هاجسه الأسمى هو الدفاع عن هوية الثقافة المغربية، في خصوصيتها وتفردها ولكن في سياق الهوية العربية في شملويتها وانفتاحها على الثقافية الإنسانية. وتضيف الدكتورة جميلة رزقي أستاذة التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل أن اهتماماته تبلور الشخصية المغربية في الأدب والفكر والثقافة، وهي اهتمامات جادة أملاها عليه إخلاصه وحرسه على الحفاظ على قيم وعادات شعبه المتجذر في الحضارة منذ أبد بعيد. فقد اتخذ البحث عنده مسارين إخراج النصوص وتحقيقها، وإنجاز الدراسات في الأدب المغربي حول شخصية أو ظاهرة، سواء تعلق الأمر بالتراث القديم أو بالموضوعات الحديثة. لهذا كان ابن تاويت بحسب – الدكتورة رزقي – مثقفا فاعلا مناضلا في الثقافة فثبات الذات والهوية لهذا تتوفر ألمعية لشخصيته الفذة التي هي سبق في ريادة المدرسة المغربية في الدراسات الأدبية. غير أن ابن تاويت لم يكن يخضع في منهجه لتصور أكاديمي، رغم علمه بالمنهجين الأكاديمي والتقليدي . لكونه ظاهرة في التأليف المغربي والتراث والثقافة المغربية عموما كما صنفته الباحثة، يقول الدكتور محمد مفتاح جمع ابن تاويت بين الدراسة التقليدية في المغرب وتشبع بالثقافة التقليدية وأخرة حديثة حينما رحل إلى مصر، وتتلمذه على يد مجموعة من العلماء والكتاب الكبار مثل أمين الخولي وطه حسين واحمد أمين وغيرهم من العلماء. فكان يجمع بين المنهجين التقليدي والأكاديمي، لكنه في أثناء التطبيق لا يخضع له، فقد كانت له طريقته الخاصة في التحليل وايراد الشواهد والاستشهاد . ودللت على ذلك الباحثة بشكل دقيق، حين تفيكيك بعض خيوط منهجه في الكتابة. للإشارة فقد سبق لدار الشعر بتطوان أن نظمت حفل تقديم وتوقيع كتاب أسماء الريسوني ، في أكتوبر الماضي، تزامنا مع الذكرى المئوية لميلاد محمد بن تاويت التطواني، الذي اشتهر أديبا ولغويا وأحد أعلام النهضة المغربية الحديثة. بطاقة تعريف : محمد بن تاويت التطواني. ولد في مدينة تطوان وتوفي فيها، درس على والده القرآن الكريم والمتون الأولية، وتابع حلقات العلم في مساجد تطوان وزواياه، ثم التحق بجامعة القرويين بفاس سنة 1933، ودرس فيها العلوم الشرعية واللغوية ، ثم التحق بالبعثة الحسنية سنة 1938 التي توجهت إلى القاهرة ، وحصل من جامعة القاهرة على شهادة الليسانس ودبلوم الدراسات العليا في اللغات السامية. وشغل مهام التدريس في كلية الآداب جامعة محمد الخامس بالرباط (1956)، ثم بكليات الآداب بفاس وتطوان ووجدة وأكادير. من أعماله الشعرية قصائد مخطوطة، وبعضها في كتبه غير المنشورة وما وصل منه قليل، تظهر فيه روح الكاتب، ويغلب عليه المعجم الأخلاقي، والتعبير عن رثاء النفس، وذكر حال الدنيا، وعدم دوامها، وله أنضام في مسيرته العلمية وأخرى تعليمية.. و له مؤلفات منشورة كالوافي بالأدب العربي في المغرب الأقصى 1984، وابن زيدون ، ومحاضرات في تاريخ التشريع الإسلامي، والاستشراق والإسلام… ونشر ابن تاويت التطواني بحوثا ومقالات ب28 عددا من مجلة المنهل ، وترجم عن الفارسية والتركية والإنجليزية والإسبانية والألمانية، وحقق مجموعة من الكتب منها ، دلائل الإعجاز، وشعر ابن عبدربه ..