يذهب بنا مخرج فيلم “أرض متخلية” السنغافوري إيوا سيوا هوا في مسارات غير متوقعة ولا ننتظرها كمشاهدين مكسرا أفق انتظاراتنا وهادما إياها كليا، فهو في فيلمه هذا من تلك النوعية من المخرجين الذين يأخذون جنسا سينمائيا ليعيدوا صوغه بشكل مختلف واللعب فيه حسب مايمتلكونه من خلفيات غير تلك السينمائية التي يتمكنون منها جيدا، وإذا علمنا أن مخرجنا قادم من ميدان الفلسفة التي درسها لسنوات سنتفهم مسار فيلمه ونعشقه. من المعتاد أننا حينما نجد أمامنا مفتشا للشرطة إضافة لاختفاء أشخاص ويبدأ التحقيق فنحن أما فيلم بوليسي كلاسيكي منبني على التشويق وبه كل الحبك البوليسية المعروفة، هنا المفتش موجود وبداية الحبكة حاضرة لكن لاشيء مما سيلي يشبه الأفلام البوليسية التقليدية. إذ سندخل مع الشرطي ثم في فلاشباك طويل مع المختفي في عالم أشبه بالكابوس فكلا الشخصين يعانيان من الأرق والمفتش في لحظة من الفيلم يصبح حلما للمختفي وتختلط الأوراق لكن المخرج يكون قد مرر رسالته التي أراد في قالب فني وجمالي مكنه من الحصول على الجائزة الكبرى(الفهد الذهبي) في مهرجان لوكارنو السينمائي المعروف بكونه مكتشف المواهب الكبيرة في السينما والذي عرف مولد وبدايات مخرجين عالميين كبار. فيلم يستحق أكثر من مشاهدة واحدة.