يمكن القول وبدون تحفظ بأن فيلم “يوم الدين” للمخرج المصري الشاب أبو بكر شوقي ، الذي عرض اليوم ضمن أفلام المسابقة الرسمية لمهرجان الجونة السينمائي، من أهم ما أنتج عربيا في السنوات الماضية ، ومما يجعله مختلفا ابتعاد مخرجه عن الادعاء الشكلاني المبالغ فيه والذي يسقط فيه البعض، وإنسانيته التي لاتخلو منها لقطة أو مشهد منه، على العموم فهو فيلم جد حميمي وجد صادق ، نظرا لأن المخرج انطلق من تجربة حياتية حقيقية ونسج حولها حكايته البسيطة والعميقة إنسانيا في نفس الوقت. اعتمد المخرج في فيلمه هذا على ممثلين هواة أو على الأصح غير ممثلين يقفون أمام الكاميرا لأول مرة وفي أدوار رئيسية، مدعما إياهم بممثلين محترفين في أدوار ثانوية لكن أساسية ولايستغني السرد المحبوك بدقة وحرفية وعشق عنها. حينما نتجرأ على القول بأن وجهة نظر المخرج السينمائي تكمن في الزوايا التي يضع فيها كاميراه وحجم اللقطات التي يختارها فإن هذا الكلام ينطبق بشدة على فيلم “يوم الدين”، فبقدر ما يتماهى أبوبكر شوقي مع شخوصه ويتبنى قضياها من خلال مشاهد تلتصق فيها الكاميرا في لقطات مقربة للشخصيتين الرئيسيتين في مشاهد الفرح والانطلاق والحنين والحيرة، فإنه يفضل في لحظات الحزن المكثف أن يبعد كاميراه ويصور هاتين الشخصيتين في لقطات عامة تبتلع فيها الصحراء الشخصيات لنراها كمشاهدين كخيالات هلامية والأصفر الصحراوي يحيط بها ويشيئها، جاعلا مسافة بيننا وبينها ومانعا عنا كمشاهدين التماهي الفج معها، وهو حينما يفعل ذلك فلِيُطَلِّقَ الميلودراما المبتزة للعواطف والتي تغري بها مثل هاته التيمات. من يشاهد فيلم “يوم الدين” وتكون لديه عين سينفيلية سيعلم أنه أمام مولد مخرج مهم قادم بقوة وسيقول كلماته في القادم من الأفلام، وما التصفيقات الطويلة والتهليلات التي نبعت من جنبات مسرح الجونة في نهاية عرض الفيلم سوى دليل على أنه أبوبكر شوقي قد ربح رهانه الفني بفيلمه الجميل هذا الذي سيسيل كثيرا من المداد حوله مستقبلا.