فلسطين.. كم من الجرح يكفي كي يعبرني شعاع إلى صبح تضيئه قبة وزيتونة مباركة وفرح مُشهّى بسمر بدوي وحارات قديمة تغزل الأساطير مدوّنات للتاريخ وبرتقال للحلم الدامع في الشتات.. فلسطين.. كم من العمر يدوم كي تبقى جرعة منه للفناء في حيفا ويافا وغزة ورام الله وصور وعسقلان وعكا البهية ذات الأسوار والقلاع كم من العمر يدوم وعمري كما تعلمين يا فاتنتي بالأجل موسوم كي ارتمي بين سواري الأقصى تتخطفني دمعة وسجدة وأريج مسرى يجلي الهموم.. فلسطين.. هي ذي الأرجاء تتخطى حتفها إلى أروقة الوهم تبني مجدا للخلد هي ذي الأزمان تعشق روضها كيما يسري رعش العصور في موات الدهر هي ذي الأعشاش تجمع خشاش الأرض كي تقيم جذرا لشهوة في النبض، وبهوك، فلسطين طالع في زهرة الفجر يتنفس غربة الروح وعزلة الشجن المقدس يجدف في نهر المخاض يحفر في الصدف وجها لصلاح وسرا لحطّين.. فلسطين.. هو ذا جرحي يطاوعني يشق في عسعس الليل موطنا يشمخ قامة في خنس جدار يرهب الضوء، يعرج في مدّ الوجع سهرا وحمى رتقا في عسرة الوصل جسدا للتداعي زهرة لنبي ولد ومضى فلسطين.. هذه غزة تغرب في شمس والشمس تشرق من كفها همس تقرأ اليوم تتهجاه ليس كأمس الكلمة نبوءة وحدس غيمة تقلها من منفى تغازلها عروس البحر ترقد تحت شقوة الطفولة ميلاد الصمود والبطولة.. فلسطين.. سَمَرَ الغبار ذات غبطة في نشوة التاريخ سكر عاشقا في فناء المريدين تهجّى الخطو في ملامح السماء ذاب في حضرة الغياب لما تسلقت جبته حائطا وتلاشت إنشادا لبراق.. فلسطين.. هو ذا الحنين يجرجرني أشلاء من مواويل المحبة حجارة الأقصى وأجراس المدينة المقدسة وأغاني المساء الظليل فوق عناق السطوح والبن المعطر بنكهة غضون عمرت على أتربة الوطن و"عائد إلى حيفا" من غور العالم المنسي في هندام التاريخ المؤنّق بالشتات مواويل استثناء فلسطيني شهوة جرح حين يترنم على بوابات النضال متعة الكينونة الممجدة بين الزناد والزيتون..