الكلمات خطوط... منحنيات ونقط تتوارى... تختفي وراء ستار اللاشيء... تأبق من صفحة أضحت عذراء رغم حضور مداد انغرز في نسيج الورق... تغض هي الجالسة الطرف... والأعين منها تتوانى عن ملاحقة طيف أحرف تلك الكلمات... لامبالاة تتساقط زخات... تتماهي في كبرياء... والظلمة تسحل جسد النور بعيدا حتى لا يبدو... باد هو كان يوما ذاك النور... والفينق قد ينبعث من تحت رماد العدم... الأصابع تتخلل الصفحات تبحث عن تلك التي توقف فيها سيل التشفير... والصفحات تتهرب من كشف قد يظهر ما فيها... والأصابع حتى هي لا شأن لها الآن بالبحث... امتنعت عن بذل المجهود... تراخت... فأغمضت هي العينين... ضجيج ما زال يرابط في خلايا الفكر... يرفض أن يفسح لصفاء بعض مجال... فالرجة مُتِحَت من عنف... واختلط الكل بالكل ... واندلق الكل على مساحات الذهن فما عادت تعي سوى أنها هي... هي الناقصة... نعم هي تلك الناقصة... هكذا صرخ ورددها قبيل الآن... وحتى منذ الأزل... قال قد قيل من "عوج"... كنتِ... ومازلتِ... والغلس آنذاك وككل المرات هلَّ يتسلل... وأقبل واحتل الباطن منها أضحى هو الحلكة... وأضحى النور وجلا يتأرجح بين كثير ترحال إذ ينأى عن أنواء صدام، وبين المكث قليل... يتضاءل... انخرم منه عقال الصبر ذاك النور المنقذ، فما وجد الترياق يقويه لكي يبقى... تغذيه هي... لكن نفخة قهر تهاجم منه الجذوة تتقاعس تذوي... ثم تغذيه فلا يقوى حتى على نهوض من كبوة أردته، بله اصطناع القوة ليتفاقم... وهي الآن ذات الحنايا الخائفة من عطر شعاع... من وشمة نور... تتحاشاها حروف الكلمات... تخشى عليها من كلوم تحدثها فيها ومضة صحو تسطع بجنون... تخشى من وقع جراحاتِ صدام بين الغلس سن رماحا، و بين النور انثلم منه سيف سجال، فما عاد يغني حين امتطاء صهوة كر... تتوارى عنها تلك الكلمات تذوب في أتون يصهرها... والغبش يطال الرؤية... حروف تتضاءل... تتداخل... تحرمها رفقا بها من وجبة قد تقيم الأود، من جذوة قد تتعاظم... تتعاظم النفخة تروم الوأد لتلك الجذوة آنذاك... وسنابك خيل ستوري قدحا... وشرر يتطاير حين صدام النفخة والجذوة... وحناياها أرض المعركة لن تحصي ضحايا العنف... فتنهار هي الأنثى... هش منها هو ذاك الباطن... أريد له أن يكون ذاك الهش... وخريف ما فتئ يُستدعى ليمكث فيها... ليسقط أوراقا قد تينع... ليردي الربيع ما ينبغي أن يحط رحالا فيها... لأنها هي الأنثى... ورقات الكتاب انكمشت تتصاغر... تصطنع الرفق لتنسحب... لكي لا تقدح زناد عناد لها حظ منه... وسن يُغفي منها الصحو... والعينان امتزجت فيهما الرغبة في السلم استُمرئ منه مذاق اليسر... تحد كان واندحر ببطء... وما بقي منه إلا شظايا انتثرت... استرخت والأريكة لينة فتحت ذراعين و احتوتها... دفء و تسلل... والكتاب انطرح على الأرض... تملص في خبث متواطئ... أنغام انبثقت من نافذة... انتصرت... كلمات تدعوها للحلم... لاستحضار اللوعة تتأوه منها في خفر... إذ هي... نعم هي حتى الآن ما زالت كما قال هو هي تلك الأنثى...