قال ياسين بنشقرون، رئيس الجمعية المغربية لليتيم (AMO)، إن الوقت قد حان لاتخاذ إجراءات جادة لحماية الأطفال المتخلى عنهم، الذين يعانون في صمت نتيجة الفراغ القانوني والتعصب الفكري. وأكد بنشقرون خلال الدورة الثامنة للملتقى الوطني لليتيم الذي نظمته الجمعية، اليوم السبت بالدار البيضاء، أن قضية هؤلاء الأطفال تفرض نفسها بقوة في ظل النقاشات الجارية حول الإصلاحات القانونية. وأشار بنشقرون إلى أن الجمعية تعمل منذ ثماني سنوات على مشروع "مغرب بدون أطفال متخلى عنهم"، مما أكسبها قناعة راسخة بضرورة التحرك العاجل لمواجهة الأزمة المتفاقمة. وأوضح أن هؤلاء الأطفال يولدون بلا هوية، بلا نسب، وبلا حقوق، فقط لأن والديهم لم يرتبطا بعقد زواج رسمي، وهو وضع غير عادل يحكم عليهم بالضياع ويجردهم من أبسط حقوقهم. وأبرز أن مسألة النسب لا ينبغي أن تكون خاضعة لرغبات الأب، الذي قد يعترف أو يتنكر للطفل وفقًا لهواه الشخصي، ما يؤدي إلى ضياع حقوق الأطفال لمجرد تملص شخص واحد من مسؤولياته. وشدد على أن الكفالة يجب أن تنسب إلى والدي الطفل لأنه وُلد منهما، وأن أي قراءة فقهية تسعى لنقض هذا المبدأ تتجاهل الواقع البيولوجي والإنساني. وفي هذا السياق، استشهد بنشقرون بالآية الكريمة: "ادعوهم لآباءهم هو أقسط عند الله"، داعيا إلى تبني قراءة فقهية أكثر عقلانية تتماشى مع تطورات العصر، بدلا من التمسك بقراءات تجاوزها الزمن، والإسلام منها براء. وشدد على أن رفض الاعتراف بالنسب يؤدي إلى اختلاط الأنساب عند الزواج، مما يخلق كارثة أخلاقية واجتماعية. وأضاف أن قضية النسب ليست مجرد قضية فقهية أو قانونية، بل هي قضية إنسانية بالدرجة الأولى، ولا يمكن أن تبقى حبيسة اجتهادات قديمة لا تخدم مصلحة الطفل. كما شدد على ضرورة توحيد الجهود لكسر الفكر المتعصب الذي يعيق أي تقدم في هذا المجال، رافضًا استخدام الدين كأداة ضد الأطفال، مشيرًا إلى أن الفقه يتجدد بتطور العصور، وأن أطفال اليوم يستحقون قراءات منصفة وتشريعات عادلة. وزاد مسترسلا: "الطفل هو الذي يصنع الأسرة وليس العكس. مهما كانت أسباب وجوده، فهو ابن والديه، ولا يوجد شيء اسمه 'طفل زنا'، كل طفل يستحق حياة كريمة، وهوية، ونسبا، وأن يكون جزءا من هذا الوطن، لذا حان الوقت لوضع مصلحة الطفل فوق كل اعتبار، لأن العدل يجب أن يكون أسمى من كل شيء."