انتخب البرلمان الإسكتلندي، اليوم الثلاثاء، حمزة يوسف، الزعيم الجديد "للحزب الوطني الإسكتلندي"، رئيساً لحكومة المقاطعة البريطانية التي يطمح لقيادتها نحو الاستقلال عن لندن. وأصبح حمزة يوسف، البالغ من العمر 37 عامًا أول وزير في اسكتلند يدخل التاريخ كأول زعيم أقلية عرقية في حكومة مفوضة وأول مسلم يقود حزبًا كبيرًا في المملكة المتحدة. ويوسف الذي فاز في اقتراع حزبي الإثنين بزعامة الحزب الوطني الإسكتلندي سيتولّى منصبه الجديد رسمياً الأربعاء، ليصبح بذلك أول رئيس وزراء إسكتلندي من أصول مهاجرة ومسلمة. ويخلف يوسف بذلك نيكولا ستورجن التي أعلنت استقالتها بصورة مفاجئة الشهر الماضي بعد ثمانية أعوام في الحكم. وحصل وزير الصحة على دعم وتأييد من قبل أعضاء البرلمان البريطاني والبرلمان الاسكتلندي أكثر بكثير من منافسيه، وتوقع نائب الوزير الأول، جون سويني، أن يوسف "سيكمل رحلتنا نحو الاستقلال". ويوسف بلا شك الأكثر خبرة بين المتنافسين الثلاثة على زعامة الحزب، حيث خدم في الحكومة منذ عام 2012 في مناصب من بينها وزير العدل ووزير النقل. ويقول أنصاره إنه محاور محنك وهو الأقدر على توحيد الحزب والحفاظ على اتفاق تقاسم السلطة مع حزب الخضر الاسكتلندي بعد ما كان منقسماً بشدة على القيادة. ويُعد يوسف حليفا وثيقا لستيرجن، ويُنظر إليه عمومًا على أنه "مرشح الاستمرارية" الذي سيسعى إلى مواصلة عمل الوزيرة الأولى المنتهية ولايتها. وهو الوحيد من بين المتنافسين الثلاثة الذي قال إنه سيطعن في منع الحكومة البريطانية إصلاحات ستيرجن المثيرة للجدل بشأن الاعتراف بالنوع الاجتماعي في المحاكم، بحجة أن الاستقلال عن المملكة المتحدة لن يتحقق إلا إذا استمر الحزب في دفع "القيم التقدمية". أصول مسلمة والد يوسف باكستاني الأصل وهاجر إلى اسكتلندا مع عائلته في الستينيات، بينما وُلدت والدته لعائلة من جنوب آسيا في كينيا، وكثيراً ما تحدث يوسف عن الإساءات العنصرية التي تعرض لها. واضطر يوسف للاتصال بالشرطة بعد تلقيه تهديدات، حسبما زُعم، في بداية التنافس على زعامة الحزب، وتم اعتقال رجل يبلغ من العمر 25 عامًا وامرأة تبلغ من العمر 35 عامًا، وتم توجيه اتهامات إليهما. تلقى يوسف تعليمه في مدرسة "هاتشنسونس غرامر" الخاصة في غلاسكو، حيث كان أصغر بعامين من زعيم حزب العمال الاسكتلندي أنس سروار. وبعد دراسة السياسة في جامعة غلاسكو، عمل لفترة وجيزة في مركز اتصالات قبل أن يصبح مساعدًا برلمانيًا لعضو البرلمان الاسكتلندي بشير أحمد، وبعد ذلك مساعدًا لأليكس ساموند. اُنتخب يوسف ضمن قائمة الحزب الوطني الاسكتلندي لمنطقة غلاسكو في عام 2011، ثم عينه ساموند في منصب وزير أوروبا والتنمية الدولية بعد عام واحد فقط. أصبح وزيرا للنقل في عام 2016 بعد فوزه بمقعد دائرة غلاسكو بولوك من حزب العمال، مما جعله أول مرشح من الأقليات العرقية يفوز بمقعد في البرلمان الاسكتلندي. وبعد ستة أشهر من توليه حقيبة النقل، فُرضت عليه غرامة قدرها 300 جنيه إسترليني مع إضافة ست نقاط جزائية إلى رخصته بعد أن أوقفته الشرطة أثناء قيادته لسيارة صديقه دون تأمين. كما واجه انتقادات لأداء شركة "سكوت ريل" للسكك الحديدية بعد أن تولت شركة أبيليو عقد إدارة امتياز السكك الحديدية، مما أدى في النهاية إلى تأميمها. وحصل يوسف على ترقية أخرى في عام 2018 عندما عينته ستيرجن وزيراً جديداً للعدل كجزء من تعديل وزاري لحكومتها. لكن مشروع قانونه الرئيسي المتعلق بجرائم الكراهية أثار جدلا كبيرا بشأن مخاوف من أن الجريمة الجديدة المتمثلة في "إثارة الكراهية" يمكن أن يكون لها تأثير كبير على حرية التعبير. وقال منتقدو التشريع إنه يمكن أن يؤدي إلى مقاضاة المكتبات ومحلات بيع الكتب لوجود كتب مثيرة للجدل على أرففها، مع احتمال تجريم القانون الجديد الأشخاص لإجراء محادثات خاصة في منازلهم. ووصف نائب زعيم الحزب الوطني الاسكتلندي السابق جيم سيلار مشروع القانون بأنه "واحد من أخطر التشريعات التي أصدرتها أي حكومة في العصر الحديث في أي جزء من المملكة المتحدة". وتم تمريره في النهاية من قبل أعضاء البرلمان الاسكتلندي في مارس/آذار 2021 بعد إجراء سلسلة من التغييرات لكنه لم يصبح قانونًا بعد. كما تعرض يوسف لانتقادات بسبب تغريدة عن "اشمئزازه" من مقطع فيديو يُفترض أنه يظهر لاعبي رينجرز يستخدمون لغة طائفية سرعان ما تبين أنها مزيفة. ونفى يوسف المخاوف بشأن حالة مباني الشرطة في اسكتلندا ووصفها بأنها "مبالغ فيها" قبل ساعات فقط من انهيار السقف في مركز شرطة بروتي فيري بالقرب من دندي. وانتقل يوسف مؤخرًا إلى المدينة. وفي غضون ثلاثة أسابيع من توليه منصب وزير الصحة في مايو/آيار 2021 اعتذر يوسف عن أي "إنذار لا داعي له" سببه زعمه خطأ أن 10 أطفال نُقلوا إلى المستشفى "بسبب فيروس كورونا". كما اشتهر يوسف بسبب سقوطه من على دراجة كان يستخدمها في البرلمان الاسكتلندي أثناء تعافيه من تمزق في وتر العرقوب أصيب به أثناء لعب كرة الريشة. في عام 2019، تزوج يوسف من نادية النخلة، وهي اسكتلندية من أصل فلسطيني، ويعيش والدها وشقيقها في قطاع غزة. وأنجب منها طفلة واحدة، وكان متزوجا من عضو اللجنة التنفيذية في الحزب الوطني الاسكتلندي السابق جيل ليثجوي بين عامي 2010 و2017. وعندما نشر جلين كامبل، المحرر السياسي في بي بي سي اسكتلندا، مقطع فيديو على موقع تويتر، رد يوسف: "هل لو كان أي شخص آخر قد سقط على عكازين أو على كرسي متحرك، فهل كان أول ما سيتبادر إلى ذهنك هو تصوير الحادث ونشر تغريدة؟ " وتميزت الفترة التي قضاها كوزير للصحة بارتفاع أوقات الانتظار في المستشفى، على الرغم من أن يوسف يشير إلى أن هذه المشاكل ليست فريدة من نوعها في اسكتلندا، وأن اسكتلندا هي الجزء الوحيد من المملكة المتحدة الذي تجنب الإضرابات من قبل موظفي النظام الصحي الحكومي. ويشير مؤيدو يوسف، ومن بينهم زعيم الحزب الوطني الاسكتلندي في وستمينستر ستيفن فلين وسويني، إلى إنجازاته، مثل تسليم معبر كويزفيري في الوقت المحدد دون تجاوز الميزانية عندما كان مسؤولاً عن النقل، وتراجع معدلات الجريمة عندما كان وزيراً للعدل. وقال فلين إنه يعتقد أن يوسف هو الأفضل لمواجهة التحديات الاقتصادية في البلاد، وأشاد بخطته لتسريع التوسع في رعاية الأطفال الذين يبلغون من العمر عامًا واحدًا أو عامين، باعتباره "قادرا على إحداث تغيير حقيقي لكل من الأسر العاملة والاقتصاد الأوسع".