مع اقتراب حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو، تظهر القوائم النهائية للمشاركين في المنافسات المختلفة، لتكشف عن غيابات اضطرارية لبعض أبطال العرب من ذوي الحظوظ الأعلى بالظفر بميداليات ملونة. وتقام الدورة خلال الفترة ما بين 23 يوليو إلى 8 أغسطس بعد أن تأجلت لمدة عام بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا التي سببت فوضى عارمة في العالم، بينما تغيب الجماهير عن أغلب المنافسات للحد من تفشي الوباء في العاصمة اليابانية التي تحتضن الألعاب للمرة الثانية في تاريخها. ودورة الألعاب الأولمبية هي أكبر تجمع رياضي على وجه الأرض يتنافس فيها اللاعبون من مختلف أصقاع الأرض خلال عشرات الألعاب الرياضية، و كل 4 سنوات. وحصلت الدول العربية على أكبر حصيلة من الميداليات الذهبية في تاريخ الألعاب الأولمبية خلال نسخة أثينا 2004 بعد إحراز 4 ذهبيات، بينما كان المشاركة العربية في سيدني 2000 لافتة بالحصول على الكم الأعلى في الميداليات الملونة بواقع 14 ميدالية. وتحتسب الدولة الفائزة بالدورة الأولمبية على أساس أعلى عدد من الميداليات الذهبية فقط. ماذا يقول التاريخ؟ يعود التمثيل العربي في الدورات الأولمبية لنسخة 1912 في ستوكهولم. حين شارك المبارز المصري أحمد حسني في مسابقة سلاح الشيش خلال تلك الألعاب، لكنه لم يتمكن من تحقيق أي ميدالية. وتمكن العرب عبر تاريخ الدورات الأولمبية من تحقيق 108 ميداليات عبر رياضيي 15 دولة، بينما لم تتمكن 7 دول من الصعود على منصة التتويج في تاريخ الألعاب. وبدأ الحصاد العربي في نسخة أمستردام عام 1928 بعد فوز مصر – صاحبة الرصيد الأعلى من الميداليات الملونة بالنسبة للدول العربية – بأربع ميداليات ملونة. وأحرز الرباع السيد محمد نصير أولى الميداليات العربية في تلك الدورة بعد تحقيقه ذهبية رفع الأثقال للوزن خفيف الثقيل، بالإضافة إلى مواطنه مصطفى إبراهيم الذي نال ذهبية المصارعة الرومانية لوزن خفيف الثقيل أيضا. كما حقق الغطاس المصري فريد سميكة الذي نال ميداليتين هما فضية الغطس من المنصة الثابتة وبرونزية الغطس من المنصة المتحركة. وتوالت الإنجازات العربية لاحقا بدخول دول أخرى التاريخ الأولمبي مثل المغرب وتونس والعراق في حقبة الخمسينات والستينات ثم لبنان والجزائر والمغرب وجيبوتي سوريا وقطر في الثمانينات والتسعينات. وباتت نوال المتوكل أول امرأة عربية تنال ميدالية أولمبية بعد حصولها على ذهبية سباق 400 متر حواجز في نسخة لوس أنجلوس 1984، فيما لا يمكن الابتعاد عن الإنجاز الفريد الذي حققته العداءة السورية غادة شعاع في أتلاتنا 1996 بحصولها على ذهبية السباعي بألعاب القوى، وهي الذهبية الأولى لسوريا في تاريخ مشاركتها بالألعاب. وقبل دخول الألفية الجديدة دشنت السعودية ميدالياتها الأولمبية في نسخة سيدني عام 2000 ثم الإمارات والكويت والسودان البحرين في النسخ الأخرى المتتالية، وأخيرا الأردن حصلت على ميدالية ذهبية خلال النسخة الأخيرة التي أقيمت في ريو دي جانيرو 2016 عبر لاعب التايكواندو أحمد أبو غوش. حظوظ العرب في طوكيو هذه الدورة يشارك في الألعاب الجماعية منتخب اليد المصري الذي اعتاد على المشاركات الأولمبية، بالإضافة إلى المنتخب البحريني الذي يدخل للمرة الأولى في الألعاب الجماعية منذ تدشين مشاركاته في لوس أنجلوس 1984. وعلى مستوى كرة القدم، يدخل المنتخبان المصري والسعودي المنافسات بعد غياب استمر 9 أعوام للفراعنة و25 عاما للصقور الخضراء التي تشارك للمرة الثالثة دون تحقيق حتى فوز واحد. وتحمل تونس لواء العرب في لعبة الكرة الطائرة، لكن حظوظها بنيل ميدالية تبقى أيضا ضعيفة في ظل سيطرة وجود البرازيل والصين ومرشحين أخرين. ولا يبدو أن هناك احتمال قريب لحصول أي دولة عربية على ميدالية في الألعاب الجماعية بعد وقوع المنتخبات الأربعة في مجموعات صعبة بمنافسات اليد والقدم، علما بأن العرب لم يسبق لهم تحقيق أي ميدالية أولمبية في لعبة جماعية. وتلعب البحرين مع مصر في مجموعة واحدة بكرة اليد، تضم بجانبهما كل من الدنمارك، السويد، البرتغال واليابان المستضيفة. في كرة القدم، وضعت القرعة منتخب الفراعنة في مجموعة تضم الأرجنتين، أسبانيا وأستراليا، بينما يواجه المنتخب السعودي كل من البرازيل، ألمانيا وكوت ديفوار. وبينما اقتصرت الميدالية العربية طوال تاريخ الدورات الأولمبية على الألعاب الفردية، اكتفت مصر والعراق بتحقيق المركز الرابع في لعبة كرة القدم خلال مناسبتين الأولى في نسخة طوكيو 1964 والثانية بأثينا 2004 على التوالي. لكن مصر التي تشارك بأكبر بعثة في تاريخها مع 134 رياضيا، تعلق الآمال على رياضات المصارعة والتايكواندو والكاراتيه. وعن فرص الفوز بميداليات في طوكيو، قال رئيس اللجنة الأولمبية المصرية، هشام حطب، لوكالة فرانس برس، "لا أحب تقديم الوعود في مثل هذه المشاركات، والمهم لدينا حاليا استكمال برامج الإعداد للرياضيين بالشكل العلمي الموضوع من جانب اللجنة الأولمبية. نملك رياضيين متميزين في الخماسي والمصارعة والرماية والفروسية والجمباز والتايكواندو". ويبرز لدى الجزائر العداء توفيق مخلوفي بطل سباق 1500 متر في لندن 2012، فيما تعول تونس على السباح الأولمبي أسامة الملولي صاحب أعلى رصيد ميداليات لبلاده بفوزه بذهبية 1500 متر سباحة حرة ببكين 2008 و10 آلاف متر بلندن 2012 على التوالي، كما حصل على برونزية 1500 متر في النسخة ذاتها. ويراهن المغرب على العداء سفيان البقالي المتخصص في سباق 3 آلاف متر للحصول على ميدالية في أم الألعاب بعد الإنجاز الفريد الذي حققه البطل هشام الكروج في أثينا 2004 بجمعه لذهبيتي 1500 متر و3000 متر. وسبق للبقالي الظفر بفضية 3000 متر في بطولة العالم لألعاب القوى في لندن 2017، كما حقق إنجازات في عدد من الملتقيات الدولية. في المقابل، تعول البحرين – صاحبة العدد الأعلى من الرياضيين المشاركين على مستوى دول الخليج – على ألعاب القوى لمواصلة الإنجازات التي بدأت في لندن 2012 واستمرت في ريو قبل أربع سنوات. غيابات اضطرارية وتشهد الدورات الأولمبية غيابات اضطرارية ستحرم العرب من ميداليات كانت شبه مضمونة بسبب المنشطات. وتفقد البحرين التي برزت في محافل ألعاب القوى الدولية العداءة روث جيبيت بطل سباق 3 آلاف متر موانع في ريو دي جانيرو 2016 بعد إدانتها بتناول عقار إيبو المحظور رياضيا. كما تغيب العداءة البحرينية سلوى عيد ناصر عن الأولمبياد وهي بطلة العالم 2019 بسبب إيقافها سنتين لمخالفتها قواعد مكافحة المنشطات بعد الحكم الصادر من محكمة التحكيم الرياضية (كاس). وألغت "كاس" قرارا بتبرئة البحرينية كانت اتخذته في أكتوبر الماضي المحكمة التأديبية التابعة للاتحاد الدولي لألعاب القوى، لتفقد البحرين ميدالية شبه مضمونة بهذا السباق كون عيد المرشحة الأولى لنيل الذهبية الأولمبية في سباق 400 متر. وسبق للبحرين أن جردت من ميدالية ذهبية حققها العداء رشيد رمزي في سباق 1500 متر بألعاب بكين 2008 بسبب المنشطات أيضا، ما يضع أم الألعاب البحرينية في دائرة الضوء خلال نسخة طوكيو المقبلة. في مصر، يغيب الربّاعون نظرا لقرار الاتحاد الدولي بإيقاف الاتحاد المحلي عامين بسبب ثبوت ايجابية عينات المنشطات لعدد من اللاعبين، أبرزهم سارة سمير الحاصلة على برونزية ريو 2016. وتنص لوائح الاتحاد على استبعاد أي اتحاد من المشاركة الدولية حال وقوع أكثر من 3 لاعبين في فخ المنشطات. ويملك ربّاعو الفراعنة الرصيد الأكبر من الميداليات، مع 5 ذهبيات، 3 فضيات و6 برونزيات، أوّلها ذهبية السيد نصير في أمستردام 1928 وآخرها برونزية محمد إيهاب في ريو 2016. وكان إيهاب المرشح للحصول على ميدالية في طوكيو 2020، كتب منشورا على فيسبوك قبل شهر قال فيه إنه المشاركة ضاعت منه بعد خمس سنوات من الكفاح لأسباب لا تتعلق بعدم تأهله ولا بثبوت إيجابية عينته، بل نتيجة للعقوبة الجماعية على الاتحاد المصري. ونال إيهاب على برونزية رفع الأثقال قبل أربع سنوات في ريو، بالإضافة إلى بطولة العالم 2017 بوزن 77 كيلوغرام في كلا المسابقتين. *عن الحرة (بتصرف)