المضمون أولا: بمقتضى المادة 3 لم يعد جائزا مباشرة أي تحقيق أو رفع دعوى عمومية إلا بأمر صريح من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض؛ ثانيا: أمر الوكيل العام إنما يصدر فقط وفقط بناء على إحالة رسمية من المجلس الأعلى للحسابات، أو من الجهات الإدارية المسموح لها قانونا بالإحالة كالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، والإدرات العمومية بموجب تقارير مفتشياتها المختصة؛ ثالثا: المادة 7 وترتيبا لآثار المادة 3 أغلقت الباب على منظمات المجتمع المدني خصوصا تلك المختصة بالنزاهة وحماية المال العام من اللجوء إلى القضاء إدا ما بلغ إلى علمها أو عاينت جرائم اعتداء على المال العام، ودلك بواسطة إيداع شكايات وتبليغات. المغزى أولا: اقتصار إقامة الدعوى على رئاسة النيابة العامة، معناه حرمان النيابات العامة الجهوية والمحلية من أخد زمام المبادرة ونقل هده المبادرة من الأطراف إلى المركز لاتخاد القرار بشأنها، ما يشي بالحساسية المفرطة في التعامل مع الموضوع، علما أن الدعاوى التي تم تحريكها حتى الآن، كانت محلية في أغلبها وهمت أعيانا وسياسيين دوي وجاهة اجتماعية ونفود مالي؛ ثانيا: غل يد رئيس النيابة العامة نفسه من خلال رهن قراره المفترض أن يكون سيدا في إقامة وتحريك الدعوى العمومية بوجود ملزم لإحالة من جهات رسمية يعينها القانون؛ ثالثا : لقد تم عمليا إحداث انقلاب في منظومة التبليغ عن الفساد، من خلال تحويل التبيلغ عن جرائم المال العام من تبليغ حر ومفتوح إلى تبليغ مؤسساتي مغلق؛ رابعا: تم حرمان جمعيات المجتمع المدني بمختلف مكوناتها، من المبادرة إلى طلب تحريك التحقيقات والمتابعات القضائية ضد المشتبه في ارتكابهم جرائم المال العام، بما في دلك الضحايا الدين حرموا من إمكانية رفع دعوى مدنية؛ خامسا: إفراغ المادة 42 من قانون المسطرة الجنائية الحالي الدي يلزم الموظفين العموميين بالإبلاغ عن الجرائم التي يعاينونها أثناء ممارسة وظائفهم، تحت طائلة الوقوع في الجريمة السلبية، إفراغها من محتواها وتجميد مفعولها . الدلالات من منظور فقه النزاهة ومكافحة الفساد أولا: هدا مشروع خطير ترتسم حوله علامات استفهام كبيرة، لأنه يضيق مجال تحرك المواطنين والمجتمع المدني ضدا على الدستور والالتزامات الدولية التي ارتضت الدولة المغربية الانخراط فيها بشكل طوعي. ثانيا: تكبيل يد النيابة العامة في مجال المبادرة إلى إقامة وتحريك دعاوى المال العام مما يضعفها وبالتالي يوجه ضربة قوية لهيبة القضاء وحكم القانون؛ ثالثا: نظام النزاهة يرتكز على تعزيز خطوط الدفاع المؤسساتية ) 1 ( وإسماع صوت المجتمع ) 2 ( وحكم القانون ) 3( ومن يسعى إلى إضعاف هذا الثلاثي الحيوي فإنما يقدم خدمة خالصة وربحا صافيا لجبهة الفساد من خلال خلق بيئة حاضنة له وتحصين مرتكبيه من العواقب . رابعا: لقد خطا المغرب مؤخرا خطوات جوهرية فيما يخص ملاءمة إطاره القانوني والمؤسساتي مع الالتزامات الدولية للمغرب في مجال تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، وهو ما سمح له بالخروج من اللائحة الرمادية فيما يخص جهود محاربة الفساد المالي العابر للحدود وتبييض الأموال. وقد فاز بمقتضى هده الجهود بخط ائتماني مالي ساعده على تجاوز ضائقته الميزانياتية، إلا أن هدا المشروع بقدر ما يعاكس منطوق التوجه الاسترتيجي العام للدولة من جهة، فإنه ضد مصلحتها البرغماتية من جهة أخرى. مهما تحجج أصحابه بخدمة هده المصلحة. خلاصة إدا تم تمرير هدا المشروع بهكدا صياغة فجة وبغيضة حتى لا نقول استفزازية، فإنني أضمن لكم وعلى مسؤوليتي أن دلك سيجعلنا أضحوكة أمام العالم المكتمدن عمزملا ومجتمع النزاهة العالمي خصوصا، بتقويضه لنظام المساءلة المدنية والقضائية على جرائم المال العام وفتحه الباب عل مصراعيه لجهود الفساد في الاستيلاء التدريجي على الدولة وتطويع مؤسساتها. وأي هول أكبر من هدا؟!