هل الواقع سيرتفع هذه المرة أم لن يراوح مكانه ؟ وهل ستعود الطبيعة إلى سابق عهدها مع حمولة الأودية وجريان المياه ؟ في واحاتنا مثلا تراجع الإهتمام بالنشاط الزراعي، كما أصبح الإهمال يطال المساحات المزروعة التي لم يعد يقبل عليها الشباب من " الجيل الجديد " ، وكذلك تربية الأبقار زالت تماما .. حتى أسعار الحقول هوت إلى أدنى سعر في الآونة الأخيرة نظرا للتمثلات السلبية التي يحملها الواحيون عنها .. فهي لم تعد تذر الأرباح ، ما عدا بعض الأسر في مجال أيت واسيف ونواحي قلعة مكونة هي من تسوق منتوجاتها من الخضر في السوق الأسبوعي ، فمعظم الأسر هجرت الأنشطة الحقلية وأضحت تعتمد على أنشطة بديلة ساهمت في تقليص الإهتمام بالأنشطة الزراعية .. !! تهجير قيم الواحة ساهم في إفراغ حمولتها الاقتصادية والثقافية .. فهل أزمة " كورونا " وما بعد كورونا ستدفع الواحيين إلى إعادة النظر في واحاتهم وإعادة الإرتباط بها كصمام أملهم وأمنهم الغذائي ومبعث ثقتهم ؟ هل حولت الأزمة الماضية العقليات في اتجاه المصالحة مع الأرض؟ هل نشهد تحول الواحات من مجالات للتجريف نحو مجالات للجذب؟ ما دور الفاعل السياسي والمدني بعد الذي بشرت به رحمة السماء ؟ أعتقد أنه لم يعد ثمة مبرر يدعو لاستمرار مخططات الهدر التنموي وتنحية نقاش الواحة على مائدة السياسة والإقتصاد، فواحات الجنوب الشرقي التي تحملت جروحا غائرة وتعرضت لمسلسلات طويلة من السلب واللامبالاة، بل الاستئصال ، لا تزال تعد بمؤشرات الصمود والعطاء إذا ما راجع الفاعلون والمواطنون حساباتهم ومنطق تعاملهم. فهل ستعرف الواحات عودة كثيفة لمهاجريها يتصالحون معها لأنها مصدر أمنهم الغذائي والثقافي بعيدا عن السوبر ماركيت وأسواق الرأسمالية الجشعة ؟ هل نشهد حكامة حقيقية لإعادة إحياء الواحة مدخلا للتنمية ومشروعا مجتمعيا واعدا ؟ مجرد تساؤلات، هل نجد لها أجوبة أم إن الوضع سيبقى على حاله؟