بعد مضي عدة أيام ثم أسابيع على اغتيال دولة الاحتلال لإسماعيل هنية في العمق الإيراني، وبعد سلسلة من التهديدات المتكررة من المسؤولين الإيرانيين بضرب الكيان الصهيوني بشكل غير مسبوق؛ أصبح جلياً أن الرد الإيراني في حال حدوثه، لن يرتقي إلى حجم الاعتداءات الإسرائيلية على أراضيها. بما أن إيران في حالة عداء مع دولة الاحتلال منذ عام 1979، كان من المفترض أن يكون لديها خطة وبنك أهداف مسبق في حال انتهاك دولة الاحتلال لأراضيها. وكان من المفترض أن يأتي الرد الإيراني في غضون ساعات قليلة، للحفاظ بقدر الإمكان على عنصر المفاجأة الذي قد يكون العنصر الفاصل في نجاح الرد الإيراني أو مضاعفة تأثيره الفعلي على أرض المعركة بين الطرفين. ولكن ما يحدث الآن هو أن إيران أعطت الكيان العبري مساحة كبيرة من الوقت لإعداد العدة وتوحيد الصفوف، ووصول البوارج والغواصات الأمريكية إلى المنطقة للمساهمة في التصدي لأي هجوم إيراني على إسرائيل وتقويض حجم تأثيره، مع احتمال شنهم هجوماً على طهران لتدمير بنيتها التحتية والمواقع النووية المنتشرة في عدة مناطق في البلاد. سبب تأني إيران في ردها العسكري وتخفيض حدة تهديداتها مؤخرا في حال توصل حماس وإسرائيل الى هدنة ليس لأنها متواطئة مع الولاياتالمتحدة وإسرائيل كما يعتقد الكثيرين، بل لان النظام الإيراني على غرار بقية الأنظمة العربية في المنطقة هو نظام ديكتاتوري يفتقد للشرعية الداخلية؛ ما يعني ان اوليته الأولى هو البقاء في السلطة، وأي قضية قد تهدد استمراره في الحكم ستسقط تلقائياً من سلم أولوياته. ولهذا أعتقد أن الرد الإيراني في حال حدوثه، سيكون محدوداً وخالياً من الدسم؛ مما سيزيد من شراهة الحكومة الإسرائيلية الفاشية في توجيه ضربات مستقبلية أكثر دموية على أراضيها، ويقوض صورة وحجم قوة الردع الإيرانية، ويخفف الضغط الداخلي على الأنظمة العربية التي تقف في خندق واحد مع دولة الاحتلال في حال اضطرارها للتصدي للهجوم الإيراني دفاعاً عن أمن إسرائيل.