في خطوة أثارت حفيظة العديد من الفاعلين في قطاع اللحوم الحمراء، قامت وزارة الفلاحة باستدعاء بعض التجمعات وإقصاء أخرى بشكل "غير مبرر" من أجل حضور الاجتماع الأخير الذي تم عقده يوم أمس من مع بعض المهنيين بغرض مناقشة التدابير اللازمة للحفاظ على توازن هاته السلسلة وتعزيز السيادة الغذائية في ظل سياق صعب مطبوع بالجفاف. هذا الإقصاء اعتبره العديد من المهنيين بمثابة نقطة تثير الشكوك حول وجود نوايا خفية وراء هذا القرار، معتبرين أن الوزارة بهذه الخطوة "تؤكد غياب الشفافية اللازمة" وفق تعبيره. وشارك في الاجتماع رئيس الجمعية الوطنية للأغنام والماعز (ANOC)، ورئيس الجمعية الوطنية لمنتجي اللحوم الحمراء (ANPVR)، ورئيس الفيدرالية المهنية لقطاع الحليب (ماروك لايت)، ورئيس مجلس إدارة البنك الزراعي المغربي، بالإضافة إلى المهنيين وممثلي الغرف الإقليمية للفلاحة، بحضور كبار المسؤولين في الوزارة. في هذا السياق، انتقد يوسف الولجة، نائب الكاتب العام لجمعية بائعي اللحوم الحمراء بالتقسيط بجهة الدارالبيضاءسطات، سياسات وزارة الفلاحة الماضية والمنتهجة حاليا بخصوص حل المشاكل التي يعاني منها قطاع اللحوم الحمراء. وفي حديثه، أشار الولجة إلى أن وزير الفلاحة "اتبع سياسة انتقائية في استدعاء الأشخاص لحضور الاجتماع الأخير، حيث تم استدعاء المقربين منه فقط، مع استبعاد المتدخلين الحقيقيين في القطاع، ما نتج عنه غياب مهني بائعي اللحوم الحمراء بالتقسيط، وهو ما يعكس غياب التفاعل الحقيقي مع مشكلات القطاع". ويرى المتحدث في تصريح ل"العمق"، أنه من "بين الأهداف المحتملة لهذا الاجتماع هو مناقشة تعويض رئيس الفدرالية البيمهنية للحوم الحمراء محمد كريمين بعد اعتقاله، ما يستوجب التفكير في البديل المناسب لتولي المسؤولية". وحسب يوسف الولجة، فإن "عدم استدعاء العديد من التنظيمات المعنية يعكس عدم رغبة الجهات المسؤولة في الحديث بوضوح، مما يؤكد أن هذه الجهات تسعى إلى استدعاء الأطراف التي تتوافق مع سياستها وتغض الطرف عن المشكلات الأساسية". وفيما يتعلق بالمشكلات التي يعاني منها القطاع، أبدى نائب الكاتب العام لجمعية بائعي اللحوم الحمراء بالتقسيط بجهة الدارالبيضاءسطات، قلقه مما اعتبرها "ضبابية وعدم وضوح الرؤية بشأن مصير الأثمنة"، متسائلا عن إمكانية ارتفاعها أو انخفاضها، والإجراءات التي يمكن اتخاذها للتعامل مع هذا الوضع الصعب. واعتبرا أن "السياسة المتبعة من قبل الوزير الحالي تعتمد على التعتيم والمحسوبية، ما يساهم في استمرار الأزمات وعدم وضوح الرؤية المستقبلية لقطاع الفلاحة، خصوصًا في مجال المواشي ولحوم الأبقار والغنم". وأضاف أن الوضع الحالي يشير إلى إمكانية وصول سعر اللحم إلى 200 درهم، مع صعوبة في انخفاضه في ظل استمرار السياسات الحالية، كما سلط الضوء على الإشكالات التي تواجهها المناصب الشاغرة في القطاع، بسبب اعتقال العديد من الأسماء بتهمة تبديد الأموال أو الاختلاسات. وخلص نائب الكاتب العام لجمعية بائعي اللحوم الحمراء بالتقسيط بجهة الدارالبيضاءسطات، إلى التأكيد على أن المؤشرات الحالية تشير إلى وجود صعوبة في اقتناء اللحوم الحمراء من قبل المواطنين، مما يهدد بتحول المغرب من بلد فلاحي مصدّر لمختلف المنتجات الفلاحية إلى بلد مستورد لها. وحسب بلاغ صادر عن وزارة الفلاحة، فإن الاجتماع المذكور أكد وجوب "مواصلة دعم علف الماشية لفائدة مربي الأبقار والأغنام والمنتجات المركبة للتسمين، ودعم استيراد الأعلاف الحيوانية وإعداد قانون حول تربية الماشية". وأضاف البلاغ الذي توصلت به جريدة "العمق"، أنه تم الاتفاق خلال هذا الاجتماع على "عقد اجتماعات عمل إضافية لإتمام هذه التدابير وتنفيذ عقود برامج الحليب واللحوم الحمراء". وخلص الاجتماع أيضا إلى تأكيد سعي المؤسسة المعنية على تحقيق استدامة في قطاع الثروة الحيوانية من خلال تطوير محاصيل علفية مقاومة للجفاف والأمراض، وتبني تقنيات حديثة في التلقيح الصناعي، وضمان جودة البذور المستوردة، وتشجيع تربية سلالات عالية الإنتاجية، وتوفير الحماية اللازمة للحيوانات، وتنظيم وحدات التسمين وفقاً للمعايير الصحية.