هب أنَ ملتمس الرقابة، وهو آلية دستورية رقابية والدي دفع به حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (معارضة) في البرلمان، نجح في حجب الثقة عن حكومة حزب التجمع الوطني للأحرار؟ ولك أن تهب أيضا، أنَ الدولة قرَرت اجراء انتخابات سابقة لأوانها؟ وهب ان شئت كدلك، أنَ رئيس الحكومة عزيز اخنوش تم اعفاءه من منصبه؟ فهل يستطيع الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قيادة حكومة جديدة؟ هل أحزابنا السياسية قادرة وجاهزة على خوض انتخابات تشريعية مفاجئة وهي التي لا تقوى حتى على التعبئة وإنجاح انتخابات جزئية. ومن يا ترى شخصية في قيادة حزب التجمع الوطني للأحرار، لها من المقومات ما يمكنها من تعويض رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش في منصبه؟. وحتى ادا تركنا جانبا كل هاته السيناريوهات والممكنات السياسية، وتسلحنا بالصبر والتعايش مع نفس الفريق الحكومي حتى انتخابات 2026، فلا محيد من القول على أننا في أزمة.. في مأزق حزبي. أسباب طرح هكذا أسئلة وفرضيات مرده في التحليل الى أمرين اثنين: أما الأول، فهو مرتبط بالزلزال السياسي الدي ضرب المشهد السياسي والحزبي في فرنسا، إثر نتائج الانتخابات الأوروبية البرلمان الأوروبي) التي أفرزت فيها نتائج اقتراع ما بين 6 و9 يونيو الجاري، تفوق اليمين المتطرف بكل حمولته الشعبوية والعنصرية. نتائج انتخابية، كشفت في عمقها، الأزمة العميقة في فرنسا والكثير من دول الغرب. والأهم في قراءة النتائج الانتخابية الأوربية الأخيرة، هو نهاية عقود هيمنة التقنوقراط وسقوط مبررات تحييده للفعل السياسي، وعودة السياسية ومركزية وأهمية الفعل والفاعل السياسي. قتل السياسة وتسفيه الفاعل السياسي وتجريف الأحزاب، كانت غاية كل تقنوقراطي. هدا الأخير، ينتصر لمكاتب الدراسات وليس لقضايا الشعوب وقيم الأمم، وعينه على التدويل والنمطية الاستهلاكية، مغانم ربحية مالية كبيرة وسريعة، بينما السياسي تبقى عينه على صندوق الاقتراع والصراع على السياسات العمومية، وبالتالي تقوية دور المؤسسات وانعاشها. امَا الأمر الثاني، الدي كان وراء هده الأسئلة ومقاربة هده السيناريوهات هو انتخابات 2026 والحكومة المرتقب انبثاقها عن هده الاستحقاقات؟ حيث يمكن القول أنَ انتخابات 2026 ستكون مصيرية للغاية وهي تحدي كبير لمستقبل بلد صاعد كالمغرب. فبعد الانتخابات التشريعية لسنوات 1963 و1977 و1997، التي تعتبر مفصلية في تاريخ المغرب المستقل، جاز لنا القول إننا أمام رهان كبير وتحدي مزدوج. فحكومة 2026 يفترض فيها أن تدفع البلاد في سكة التحديث والعصرنة والدمقرطة والتطور مستفيدة من مناسبة وفرصة تنظيم نهائيات كاس العالم، وهو مشروع طموح للغاية سيمنح للمملكة المغربية ريادة افريقية وعربية وحتى دولية في مختلف المجالات والاصعدة. وهده الحكومة التي من المفترض ان تمتد الى سنة 2031، ملزمة بإنجاح الأوراش الملكية الهامة والمهيكلة. ومهما كانت النتائج سوف تربح هده الحكومة فرصة الاشعاع الوطني وتلعب أوراقه في انتخابات 2031. بمعنى مقتضب، حكومة 2026 قد يكون لها عمر طويل قد يمتد الى ولايتين تامتين، أي حتى سنة 2036، متكئة على مجهود وطني كبير أفقيا وعموديا، قطاعيا وشعبيا. وضع كهذا، يلزم الأحزاب السياسية و الطبقة الحزبية برمتها، الى كسب رهان الاعداد المبكر والجيد لانتخابات 2026، مع ما يعنيه دلك من البحث من الآن على بروفايلات مدركة لحجم الرهان، و تحمل مسؤوليتها في تقديم أجود الأطر في مختلف الاستحقاقات الانتخابية القادمة (جماعات، برلمان، حكومة، غرف مهنية، معارضة) بعيدا عن الانتهازية المقيتة، الارتجالية القاتلة،الاستهتار بالطموح والتحدي الوطني و التحلل من المنطق الريعي وغنائم الدعم العمومي المفصول عن المردودية والمحاسبة . من جهة ثانية، مسؤولية النخب الحزبية ثابتة في كسب رهان نسب المشاركة (دون الخوض في معضلة الأصوات الملغاة). وعليه، فانتخابات 2026، محكومة بتحدي التحضير الاستباقي الجدي، لتجاوز أزمة المنتخبين ومازق المشاركة والتأطير. هدا مع استحضار التحولات الفجائية الكبرى والعميقة المنتظرة دوليا، سياسيا واقتصاديا وعسكريا. معضلة المشهد الحزبي المغربي راهنا، انه منهك بالكامل. قول وتقييم، ليس فيه تجني على أحد ولا هو ملفوف بالمغالطة والتضخيم. فهل نحن بحاجة الى طرح مشروع تنظيم حزبي جديد، وبعرض سياسي جديد؟ أم نحن فقط في حاجة الى تلحيم وتجميع " شتات نخبوي" في كل الاتجاهات والحساسيات، متناثر هنا وهناك. أي تلحيم شظايا نخبوية في إطار تكتل أو تكتلات تعيد لمعنى السياسية والفاعل السياسي والحزبي بعضا من بريقه وتبعث في روح المؤسسة الحزبية جزء من مهامها ووظيفتها التأطيرية والوطنية خدمة للصالح العام وتقوية لمؤسسات الدولة. في المحصلة، ما يحث في أوروبا عموما بعد الانتخابات الأخيرة و فرنسا على وسبيل التخصيص، مثير للاهتمام ومغري للمتابعة، وفي جميع الأحوال فان مشاركة مغاربة العالم في أوراش التنمية وادماجهم في نهضة البلاد بات ملحا، وحضورهم السياسي والاقتصادي أضحى تحصيلا حاصلا، كما أن مراجعة القوانين الانتخابية و منع رؤساء الجماعات ( على سبيل الإشارة) من الاحتفاظ والمزاوجة بين قبعة رئيس جماعة ترابية و عضوية مجلس النواب صار غير ممكن. في مغرب الغد. على سبيل الختم، انتخابات 2026 مطوقة بسقوف نتائج الإحصاء العام المزمع تنظيمه شهر شتنبر من السنة الجارية ومخرجات وتوصيات النموذج التنموي الوطني، فضلا عن التحولات الدولية الهائلة ومحطة تنظيم اقصائيات كاس العالم لكرة القدم 2030، فمن غير المقبول التشويش على مجهودات ومصداقية رهانات مملكة بأفق استراتيجي حداثي نهضوي، ومن غير المقبول كدلك اهدار فرص الزمن التنموي، فرص سانحة للإقلاع الاقتصادي والاجتماعي. وبالتالي، فان محطة ورهان انتخابات 2026 دينامية وطنية مفتوحة وغاية في الجدية وتحمل في طياتها آفاق واعدة، آمال مشرعة، خاصة للشباب المغربي، انها مسؤولية الجميع. فعلى النخب الوطنية والطبقة السياسية العمل بكثير من الجدية والصدقية في كسب التحدي المزدوج.