67 الف مسجد و النتيجة: مئة الف حالة طلاق في السنة و 120 ألف جريمة وحجم العنف و التحايل و ضعف الروابط الاجتماعية و السيولة الاخلاقية كثيف ومخيف انها مؤشرات على حجم و خطورة التحولات ! ثمة سؤال ينبغي أن يطرح ، ما فائدة الدين اذا كانت سجوننا هي الأكثر ازدحاما ! اذا شح المطر رفعنا ايدينا الى السماء . وعند كل أزمة نكثر الدعاء . حين اغلقت المدارس و أصبح التلميذ وحيدا ، يضع حزنه قي محفظته و يعود منكسرا ، ادخلنا الله في صراعنا ! المضربون يصرون ان الله معهم ، في مواجهة العدو و ان الله يبارك مسيرتهم لانقاذ المدرسة و تحرير التلميذ ! الآباء يرفعون ايديهم للسماء لكي تنفرج الازمة . نحن قوم لا نستحي من الله ! نريد الله في كل شئ ! في خصوماتنا ، في حروبنا الصغيرة ، في القضاء على من لا يتفق معنا ، نحن قوم نعيش بالتناقض ،و نعيش على التناقض لدرجة اننا جعلنا الله مع الظالم و المظلوم ! و جعلنا الله مع القاتل و المقتول ! في عبارة قاسية للسيدة انجيلا ميركل المستشارة الالمانية وهي تتأسف على صراع الأخوة بسوريا . القاتل يصيح الله اكبر ! و المقتول يصيح الله اكبر ! و عند انتهاء المعركة لا نستحي حين نحمل المسؤولية للشيطان الرجيم الملعون ! نحن انقياء و اتقياء لا نحارب بعضنا البعض، لكنها وسوسة الشيطان ! بعد ها صلح يكلف عشر خرفان و الكثير من النفاق ! نستمر في لعنة الشيطان و ذرية الشيطان و الدعاء على اليهود و الافرنجة و المجوس و الملاحدة و السلاجقة و الاتراك و الروم و الهندوس و التثر و من لا يصلون ! نطلب من الله ان يقتلهم جمعيا حتى نعيش في امن وسلام ! نريد من الله ان يفعل لنا كل شئ ! ان ينتصر لنا ! يهزم اعدائنا ! يزوج ابناءئنا ! يشغل شبابنا ! يسقي ارضنا ! ينعش اقتصادنا ! يعاقب لصوصنا ! يفتح مدارسنا! و بالمحصلة نحن شعب لا يعمل لأنه يعتمد على الله في كل شئ . و لا يفكر لانه يعتمد على الله ! و لا يحارب لانه ينتظر من الله ان يرسل طيرا ابابيل لسحق الصهاينة ! و لا نقاوم لان الله سينوب عنا ، و سيمحق امريكا عدوة الشعوب ، و نسينا ان الدعاء وسيلة العاجز ، ان الدعاء هو أداة لاراحة النفس والداعي يقوم بواجبه اتجاه القضية ، انه لم ينس وأنه يقوم بواجب الدعاء ، وإن كان الامر لا يعدو سوى مفعول سيكولوجي لتجنب وخز الضمير ! ما يقع لنا ، و ما يقع بنا هو المسخ بعينه ، شبيه بحكاية غريغور سامسا في رواية التحول/ المسخ لفرانز كافكا ، الذي تطابق الكابوس مع الواقع ، و انه تحول الى حشرة كبيرة ! التحول من انسان الى مرتبة اللا- انسان او الاقل من الانسان و ربما الى اصل الانسان ! هو طريق من اجل قراءة واقعنا الممسوخ. رواية المسخ الرائعة و المريعة تمنحنا فرصة اعادة قراءة ذواتنا و اعادة قراءة واقعنا . يبدو أن حجم خرابنا مريع ومخيف ، حين جعلنا الخصوصية فرجة ،و أداة ربح و أصبحت التفاهة فنا . الكائن البشرية يستمد بشريته من داخله و ليس من خارجه ، ، فهو كائن يبحث عن السكينة ،و السكينة استقرار و إقامة. إنه يسكن في عالم خاص ، حيث الإقامة داخل حدود و جدران تمنح الخصوصية و تمنع تسلل الغرباء الى الداخل ، وأن أقوى الجدران هي الجدارات الثقافية و الاجتماعية ، لان الهوية سكن و انتماء و حزمة قيم ، فالهوية بيت و البيت له اساس و جدران ، ان تدمير الاساس و تخريب الجدران معناه بيت مهجور ، يصبح مكانا لتصريف ما يتخلص منه الآخرون، إنه التحول المريع و المسخ المخيف . المسخ هو تدمير ذواتنا و للخروج منها ، و نسف الاصول و تخريب الجدران الحامية ،و البقاء خارج هويتنا وان نعيش وجودا عاريا هشا ومنحرفا د انذاك سنفقد كل مقومات الجمال بسبب مفاعل التجميل منتج للبشاعة . الرهان اليوم هو العودة الى بيتنا ،و الى انسانيتنا و الى قيمنا ، لكن الامر معقد لاسيما في زمن العولمة التي تصنع الحمقى والتافهين و تحاصر المفكرين ، و تجعل من صناعة محتوى ممسوخ معيارا للنجاح والربح .