كشفت وسائل إعلامية، دولية قبل أيام عن تقديم شركة الطيران العالمية، "Ryanair" طلب رسمي لها لدى الحكومة، بهدف السماح لها بإطلاق رحلات داخلية لأول مرة داخل البلاد، بداية العام المقبل، بعدما كان ينحصر مجال نشاطها بالخارج. وحسب مصدر مسؤول عن شركة الطيران الايرلندية، المعروفة بتكلفتها المنخفضة، يتوقع أن تنطلق أولى رحلاتها الداخلية شهر مارس المقبل، ما يضمن ربط عدد من المدن المغربية. طلب الشركة تمت إحالته على مديرية الطيران المدني، التابع لوزارة النقل واللوجستيك، من أجل الحسم فيه، وحسب خبراء في القطاع السياحي، فمن شأن الموافقة عليه أن يحدث تغييرا كبير في سوق النقل الجوي الداخلي. تعزيز النقل الجوي الوطني، عبر دخول شركات جديدة، مؤشر سيعزز النقل بين مدن المملكة كما سيمنح فرص واعدة للسياحة الداخلية، حسب ما أكده خبير القطاع السياحي، الزوبير بوحوت. واعتبر المتحدث في تصريح ل "العمق" أن الخطوة ستلعب دورا هاما في جعل الشركات الوطنية تقدم خدمات ذات جودة أكبر بتكلفة أقل، مع السماح للسياح بالسفر لوجهات داخلية ذات مؤهلات كبيرة، يصعب التوجه إليها بسبب صعوبة النقل الجوي وغلاء التذاكر ما يجعل نسبة كبيرة من المواطنين غير قادرين على زيارتها. وشدد بوحوت على أن توزيع الرحلات الجديدة لهذه الشركة بشكل أفضل سيضمن عدالة مجالية في توزيع النشاط السياحي لمجموعة من المناطق وعدم جعلها محصورة في مناطق بعينها. وأشار المتحدث إلى أن السياحة الدولية ستستفيد بدورها من تنوع شركات النقل الجوي داخل المغرب. السفر السلس داخل مختلف المناطق المغربية، سيمكن الأجانب بدورهم من زيارة مجموعة من المناطق في إطار الخطوط الداخلية ذات التكلفة المنخفضة، ما يشجع السياحة الخارجية أيضا. وأردف الخبير في المجال السياحي، أن قبول طلب الشركة من طرف الجهات المعنية، يتماشى وخارطة الطريق الموضوعة من قبل الحكومة لتعزيز المجال السياحي خلال الفترة الممتدة من 2023 إلى 2026، مضيفا أن إشعاع المملكة كوجهة سياحية يستوجب توفر ناقلات قادرة على جلب السياح من مختلف دول العالم، لتحويل سائح محتمل إلى سائح حقيقي. وأوضح المتكلم أن الاتفاقات الموقعة مع مختلف الشركات العالمية تساعد على تحقيق نسب النمو وخاصة على مستوى السياحة الداخلية، التي لا زالت ضعيفة، فآخر المؤشرات أكدت أن نسبة السياحة الداخلية لم تشكل سوى 9.5 بالمئة من الحركة العامة، وبالتالي نقل المسافرين الذي تم تسجيله متم الشهر المنصرم والذي وصل إلى 22 مليون مسافر يشمل مليوني مسافر على مستوى الخطوط الداخلية. وأضاف بوحوت أن الاشتغال الآن يجب أن يرتكز على ضمان أثمنة مناسبة وعدالة مجالية لتستفيد كل مناطق المغرب من التطور المحقق. وبالتالي سيشكل هذا التطور فرصة للعديد من المناطق كدرعة تافيلالت وغيرها من المناطق الجنوبية، للاستفادة من هذا الازدهار. وتتواجد في السوق الداخلية حاليا شركتين فقط، مكلفتين بتسيير النقل الجوي الداخلي ويتعلق الأمر بكل من الخطوط الملكية المغربية والعربية للطيران. ياسين اعليا، أستاذ الاقتصاد وباحث في السياسات العمومية، أكد من جانبه أن توسيع خطوط الرحلات الداخلية، يأتي بعد توسيع الرحلات الاقتصادية نحو السوق الخارجية، مع الانفتاح على العديد من المدن الأوروبية كمدينة فرانكفورت ودبلن ولشبونة، مع ربطها بمطارات وطنية بمختلف المدن وعلى رأسها مدينة ورزازات وأكادير وغيرها. وأشار المتحدث في تصريح ل "العمق" إلى أن الانفتاح على السياحة الداخلية عن طريق النقل الجوي، سيساعد كثيرا على توسيع السوق المحلية، مشددا على أن الإشكال يرتبط بتكلفة المبيت التي تظل مرتفعة مقارنة بباقي الدول، وخاصة الجارة الشمالية الإسبانية. وتابع: "الرقي بالسياحة الداخلية غير مرتبط بالزيادة في عدد الرحلات الداخلية التي ستساهم في تحسين مردودية السياحة، لكن الأمر يتعلق ببنية الاستقبال ذات الكلفة المرتفعة خاصة بالنسبة للطبقة المتوسطة". واعتبر المتكلم أن خارطة الطريق المعتمدة ما بين 2023 و2026 والمتوجهة إلى الأسواق الدولية تحاول الانفتاح على السوق الداخلية،التي تتكون من طبقة متوسطة تعاني من تحولات اقتصادية، ساهمت في ارتفاع معدل التضخم، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، الأمر الذي سيخفض المخصصات الموجهة نحو قطاع السياحة. وفي معرض تصريحه أوضح المحلل الاقتصادي، أن السياحة الداخلية، لا ترتبط بشكل كبير بالمؤسسات الفندقية المصنفة أو الإقامات، بقدر ما هي مرتبطة بقطاع غير المهيكل، يلجأ إليه أغلب المواطنين من ذوي الدخل المحدود، مثل كراء الشقق بشكل غير معلن بهدف خفض التكلفة. وفي ختام حديثه شدد، الباحث في السياسات العمومية، ياسين اعليا، على أن أهم المعوقات التي تواجه السياحة الداخلية تظل مرتبطة، بارتفاع كلفة الإقامات السياحية ما يشكل عائقا أمام انتعاش السوق المحلي. جدير بالذكر أن عدد من الفاعلين في المنظومة السياحية الوطنية وكذا فاعلي منظومة النقل الجوي بالمغرب اجتمعوا نهاية الأسبوع المنصرم لتدارس المحور الأول من خارطة طريق السياحة 2023-2026، والذي يهم تقوية عرض النقل الجوي وتعزيز طاقته الاستيعابية.