لقد لاحظ القاصي والداني من أبناء المجتمع المغربي بشتى فئاته وطبقاته ومستوياته تنامي ظاهرة الاعتداء على رجال الأمن والسلطة، بل صارت تتصدر هذه الحالات تصدر المشاهدات والاهتمامات على وسائل التواصل الاجتماعي، وإذا ما حاولنا التطرق إلى هذه الظاهرة سنجد لها أسبابا اجتماعية ونفسية و قانونية، لعل أبرزها على المستوى الاجتماعي الإدمان والتعاطي المزداد للمخدرات بشتى أنواعها، يضاف إلى ذلك البطالة في صفوف الشباب، ثم بنية الأحياء السكنية بالحواضر، والتي تنقسم إلى مناطق آمنة وأخرى تعتبر بؤرا سوداء للجريمة، فهذا التقسيم يشكل تكتلا لبيئة جاهزة لكل أصناف الجرائم والعنف، يضاف إلى ذلك النفسية المتأزمة التي ساهمت في انفجارها ضغوطات الحياة والمعيشة. وبالنسبة للمستوى القانوني فإن القوانين الزجرية، والعقوبات التي توقع بالمعتدين في هذا الصدد تظل غير رادعة بدليل تكرار هذه الحوادث في مدة زمنية وجيزة جدا، و غياب التوعية في صفوف الشباب بعواقب الاعتداء على عناصر الأمن والدرك والسلطة بشتى مشاربهم ومؤسساتهم. لقد دق الحقوقيون والمثقفون في فترة سابقة من السنوات ناقوس الخطر لما تنامت ظاهرة الاعتداء على أطر التربية والتكوين، وانتشر العنف ضد هيئة التدريس، وأشاروا إلى أن مرور هذه الحالات مرور الكرام والتعامل معها بتساهل له ما بعده، وسيؤدي إلى التطاول على باقي مؤسسات الدولة، على اعتبار أن مؤسسة المدرسة وأطرها هم الدرع الأول لهيبة الدولة، وخدش هذا الدرع سيؤدي إلى مزيد من الجرأة على دروع أخرى. إن الأستاذ و رجل الأمن وجهان لعملة واحدة، فالأول يعطي اللبنات الأساسية للجيل من مبادئ وقيم وضوابط وأخلاق بشكل نظري، بينما الثاني يسهر على تطبيق وتنفيذ هذه الضوابط ودفع المجتمع إلى الالتزام بها، فإذا أهين الطرف الأول، تكون مسألة وقت قبل أن تصل الإهانة إلى الطرف الثاني، فلا بد من تظافر الجهود، للسهر على احترام هيبة الدولة وصيانة كرامتها، وقد ورد في الأثر : الطبيب والأستاذ كلاهما لا ينفعان إذا هما لم يكرما**فاصبر لدائك إن أهنت طبيبه واصبر لجهلك إن أهنت معلما. فنضيف تبعا لمقام الحوار : الأمني والدركي كلاهما لا ينفعان إذا هما قد يضربا ** فانس أمنك إن أهنت رقيبه و اصبر لخوفك إن ضربت الضابطا. * مودنان مروان، أستاذ الثانوي التأهيلي. عضو الاتحاد الدولي للغة العربية.