بمناسبة الذكرى 69 لثورة الملك والشعب، وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، خطابا إلى الأمة مستحضرا جلالته ما تحمله هذه الذكرى المجيدة من دلالات، وما شكلته من مرحلة فاصلة على درب تحقيق الاستقلال. واستلهاما لنفس روح التضحية والتضامن، تم استكمال الوحدة الترابية، باسترجاع الأقاليم الجنوبية للمملكة. وفي هذا السياق، يشيد جلالة الملك بتعبير العديد من الدول الوازنة عن دعمها، وتقديرها الإيجابي لمبادرة الحكم الذاتي، في احترام لسيادة المغرب الكاملة على أراضيه، كإطار وحيد لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل. وفي هذا الإطار ، عرج جلالة الملك على الموقف الثابت للولايات المتحدةالأمريكية الذي اعتبره جلالته حافزا حقيقيا، لا يتغير بتغير الإدارات، ولا يتأثر بالظرفيات . كما ثمن جلالة الملك الموقف الواضح والمسؤول للجارة إسبانيا، التي تعرف جيدا أصل هذا النزاع وحقيقته ، معربا جلالته على ان هذا الموقف الإيجابي، اسس لمرحلة جديدة من الشراكة المغربية الإسبانية، لا تتأثر بالظروف الإقليمية، ولا بالتطورات السياسية الداخلية. تنضاف إلى هذه المكاسب، الموقف البناء من مبادرة الحكم الذاتي، لمجموعة من الدول الأوروبية، منها ألمانيا وهولندا والبرتغال وصربيا وهنغاريا وقبرص ورومانيا، الذي سيساهم في فتح صفحة جديدة في علاقات الثقة وتعزيز الشراكة النوعية مع هذه البلدان الصديقة. وبموازاة مع هذا الدعم، قامت حوالي ثلاثين دولة، بفتح قنصليات في الأقاليم الجنوبية، تجسيدا لدعمها الصريح، للوحدة الترابية للمملكة، ولمغربية الصحراء. وبهذه المناسبة، اعرب صاحب الجلالة على تجديد عبارات التقدير، لإخوانه ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية الشقيقة، وخاصة الأردن والبحرين والإمارات، وجيبوتي وجزر القمر، التي فتحت قنصليات بالعيون والداخلة. وايضا تشمل هذه الدينامية أيضا، دول أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، حيث قامت العديد منها، بفتح قنصليات في الصحراء المغربية؛ وقررت دول أخرى توسيع نطاق اختصاصها القنصلي، ليشمل الأقاليم الجنوبية للمملكة. وامام هذه التطورات الإيجابية، التي تهم دولا من مختلف القارات، وجه جلالة الملك رسالة واضحة للجميع مؤكدا ان ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات. لذا، يشدد جلالة الملك على انتظاره من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل. لذلك ، يؤكد جلالة الملك على إبقاء حجر الزاوية في الدفاع عن مغربية الصحراء ، هو وحدة الجبهة الداخلية والتعبئة الشاملة لكل المغاربة، أينما كانوا، للتصدي لمناورات الأعداء. وفي هذا الصدد ، يعرب جلالة الملك على ان المغرب والحمد لله، يملك جالية تقدر بحوالي خمسة ملايين، إضافة إلى مئات الآلاف من اليهود المغاربة بالخارج، في كل أنحاء العالم. وفي هذا السياق ، وعن اهمية دور الجالية المغربية ، وجه صاحب الجلالة ، تحية إشادة وتقدير، لأفراد مغاربة العالم بالخارج، الذين يبذلون كل الجهود للدفاع عن الوحدة الترابية، من مختلف المنابر والمواقع، التي يتواجدون بها ، وهو ما يشكل مغاربة العالم حالة خاصة في هذا المجال، نظرا لارتباطهم القوي بالوطن، وتعلقهم بمقدساته، وحرصهم على خدمة مصالحه العليا، رغم المشاكل والصعوبات التي تواجههم. وعموما فيما يخص تحليل الخطاب، الذي تميز بالحزم، يظهر جليا انه تمحور حول مجموعة من الدلالات والرسائل الواضحة فيما يتعلق بملف النزاع الإقليمي المفتعل حول مغربية الصحراء ، مفادها، ان جلالة الملك يدعو شركاء المغرب التقليديين والجدد، إلى تبني مواقفهم بكل وضوح، وبدون غموض وازدواجية بخصوص قضية المغرب الاولى التي تعتبر مركزية وحاسمة، وعلى أن المغرب يأخذ بعين الاعتبار الوحدة الترابية كشرط أساسي، وبمقياس واحد، لأية علاقة مع الدول كيفما كانت نوعيتها. وفي هذا المضمار، وعلى اساس التطورات الإيجابية المتواصلة التي يعرفها مسار ملف قضية الصحراء المغربية، والتي تعززت بفضل المقترح المغربي الجاد للحكم الذاتي في الاقاليم الجنوبية الذي عرف تأييدا واسعا من طرف المنتظم الدولي، ودعما لوحدة المغرب الترابية من طرف دول وازنة، واستنادا على المواقف الثابتة والصريحة التي تم ترجمتها على ارض الواقع بفتح العديد من القنصليات في كل من العيون والداخلة؛ يجدد جلالة الملك التاكيد على تحصين هذه المنجزات والمكتسبات لحشد وتوطيد التعبئة الوطنية الجماعية الشاملة لصيانة القضية الوطنية. وكخلاصة، فرسائل الخطاب الملكي واضحة، والمطلوب من خلالها، من كل الأطراف الدولية أن تتعامل بصدق وحسن نية، على أساس ان الحل الوحيد والاوحد لتسريع التسوية والطي النهائي لهذا الخلاف الإقليمي حول مغربية الصحراء الذي عمر طويلا، يكمن في مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية المشروعة.