تندرج زيارة الأمين العام للأمم المتحدة "بان كيمون" في إطار المهام المنوطة بأي مسؤول أممي للاطلاع عن قرب على الأوضاع الإنسانية والمعاناة التي يعيشها ساكنة المخيمات، في كل من الحمادة وتندوف ما يزيد عن أربعة عقود في ظل الظروف المناخية الصعبة، والعيش على معونات ومساعدات غذائية وطبية في الغالب لا تصل كاملة إلى مستحقيها، غير أنه من باب أولى أن تبدأ الزيارة من المغرب باعتباره الطرف الأساس في الملف، على اعتبار أن 80% من الصحراويين يستقرون بالمغرب بالإضافة إلى ما تزخر به الأقاليم الجنوبية من تقدم وتطور من التنمية، مؤشر دال على ضمان الاستقرار والأمن بالمنطقة المغاربية. وإذا أضفنا إلى ذلك نتائج الزيارة الملكية الأخيرة للأقاليم الجنوبية وما خلفته من انطباعات إيجابية لدى الساكنة ومن ارتباط قوي بين العرش والشعب، نستطيع أن نقول إنها كلها عناصر شكلت مقاومة وممناعة، ضد من يريد أن يوجه تهما سياسية أو التشكيك في صدقية قيمة المواطنة لدى ساكنة الصحراء. الزيارة التي قام بها بان كيمون تدخل ضمن مخطط يعتبر نهج الأممالمتحدة منذ سنوات خلت، وهو ما يعبر عنه المتخصصون في العلاقات الدولية "بسياسة الكيل بمكيالين" بمعنى ممارسة الضغط على الدول السائرة في طريق النمو والتي تعرف تنزيلا تدريجيا لتجربة ديموقراطية حقيقية، فيكون التدخل في الشؤون الداخلية مدخلا لمحاولة التشويش على هذه التجربة وغض الطرف في المقابل عما تعانيه دول الجوار، ونخص بالذكر دولة الجزائر الشقيقة من أزمة اقتصادية وسياسية. ويبقى الرهان بشكل أساسي على التصدي لخطر الإرهاب الذي يمتد على الشريط الساحلي الممتد من ليبيا في اتجاه تونس إلى حدود موريتانيا، لضمان الأمن والاستقرار بالمنطقة المغاربية ككل ومحاولة الأخذ بعين الاعتبار التطورات التي عرفتها التجربة السياسية المغربية بعد 2011، من ربط الإصلاح بالاستقرار وامتداد مشاريع النموذج التنموي، لتصل للعمق الأفريقي ونهج سياسة التعاون والانفتاح الاقتصادي وتوظيف كل الإمكانات والمؤهلات التي تزخر بها دول المنطقة في أفق انطلاق سوق مغاربية تشكل جسرا آمنا، وقوة سياسية واقتصادية بامتياز لمواجهة المتوقعة في المستقبل القريب من الغرب أو الشرق.