أشرف الملك محمد السادس، اليوم الأربعاء، بالضفة اليمنى من نهر أبي رقراق (عمالة سلا)، على إعطاء انطلاقة أشغال بناء برج يتألف من 45 طابقا، المشروع الرائد الذي يتمم ويثري المخطط الجديد لتهيئة وادي أبي رقراق. ويعتمد هذا البرج، الأعلى في إفريقيا بارتفاع 250 مترا، والذي يعد بمثابة رمز للانبثاق والإشعاع، في تصوره، تكنولوجيات من الجيل الجديد تتيح نجاعة طاقية أفضل، تماشيا مع التزامات المغرب في مجال التنمية المستدامة. وهكذا، سيتم تغطية ثلث المساحة الإجمالية للواجهة بألواح شمسية من شأنها تغطية حاجيات البرج من الكهرباء. وسيشتمل البرج المزمع تشييده من طرف مجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية، وذلك على قطعة أرضية مساحتها 3 هكتارات، على قاعة للعرض تتسع ل 350 مقعدا، ومرافق للخدمات ومحلات تجارية بالطابق الأرضي، ومكاتب بالطوابق ال 12 الأولى، وجزء سكني من الطابق 13 إلى الطابق 26 (55 شقة)، وفندق فاخر بالطوابق العليا. كما ستخصص الطوابق الأربع العليا الأخيرة لشقق فاخرة. وستجعل هذه التعددية في الوظائف من المشروع استثمارا واعدا، ورافعة للنجاح بالنسبة لمحيطه، ومصدرا للراحة والنجاعة بالنسبة للمقيمين به. وسيشكل هذا البرج، الذي سيتطلب إنجازه ميزانية يتوقع أن تناهز قيمتها 3 ملايير درهم، أعلى نقطة في المرحلة الجديدة من تهيئة وادي أبي رقراق، أحد المكونات الأساسية من البرنامج المندمج لتنمية مدينة الرباط 2014- 2018 "الرباط مدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية"، الذي كان الملك قد أعطى انطلاقته في ماي 2014. وتشمل هذه المرحلة الجديدة من التهيئة أيضا، إنجاز عدد من التجهيزات المبتكرة، هي المسرح الكبير للرباط، ودار الفنون والثقافة، ومكتبة الأرشيف الوطني للمملكة المغربية، ومتحف الآثار وعلوم الأرض، ومركب سينمائي، ورواق للمنحوتات، وميناء ترفيهي، وفندق الفن، وفندق الميناء الترفيهي، ومركز للتسوق ومحلات تجارية، ومركز للأعمال، وإقامات وتجهيزات عمومية وخاصة. كما أعطى الملك انطلاقة أشغال إنجاز "دار الفنون والثقافة" و"مكتبة الأرشيف الوطني للمملكة المغربية"، لحظة ميلاد لصرحين آخرين سيعززان البنية الثقافية لعاصمة البلاد ويرسخان مكانتها كحاضنة للفعل الثقافي والعطاء الفكري في تجلياته المختلفة. ومن شأن هذين المشروعين، اللذين يشكلان جزءا من البرنامج المندمج للتنمية الحضرية لمدينة الرباط 2014- 2018 "الرباط مدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية"، تكريس موقع مدينة الرباط كحاضرة ثقافية بامتياز، حيث تتركز بها معظم الأنشطة الثقافية والفكرية في المملكة كما أن البنيات التحتية المنجزة أو تلك التي توجد في طور الإنجاز أو المخطط لها، ستعزز جاذبيتها ومكانتها كقطب سياحي مهم. فبالإضافة إلى غنى ماضيها التاريخي، فإن الرباط مدينة عصرية منفتحة على العالم ومتوجهة نحو المستقبل، كما أنها تعرف تحولا في المشهد الحضري من خلال المشاريع المهيكلة كمشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق، ومشروع تهيئة الكورنيش، والطراموي، حيث اتخذت كل التدابير من أجل المحافظة على الطابع التاريخي والمعماري للمدينة لتعزيز مكانتها كعاصمة للمملكة. ومن هذا المنطلق، يجسد المشروعان اللذان يصل الاستثمار الإجمالي المخصص لهما 450 مليون درهم، عمق الرؤية الإرادية للمملكة التي تحرص، بتوجيهات وتتبع من الملك،على جعل الثقافة رافعة أساسية من روافع التنمية في تمظهراتها المتعددة، وذلك من خلال ضمان سبل الانفتاح والتفاعل الواعي والمثري مع الآخر، ودون التفريط في المقومات الأصيلة للهوية المغربية بروافدها الغنية وامتدادها التاريخي العريق. كما يعدان واجهة مضيئة للنموذج المغربي الذي ظل على مر السنين مثالا فريدا للانخراط في صيرورة التطور والعض بالنواجد على الموروث واستثماره كمحفز على الرقي لا مدعاة للانغلاق والتقوقع. ومن المؤكد أن هذين المشروعين، اللذين تشرف عليهما وتسيرهما "وصال كابيتال"، والمتواجدين بقلب ضفتي أبي رقراق، على مقربة من صومعة حسان وضريح محمد الخامس، وبمحاذاة مشروع المسرح الكبير للرباط، سيسهمان في تحسين ولوج السكان المحليين لبنيات التنشيط الثقافي والفني، مع كل ما يرتبط بذلك من تطوير الملكات الفكرية والطاقات الإبداعية لاسيما أنهما يتكاملان مع بنية حضرية تهم إنجازات متنوعة تشمل وحدات سكنية وفندقية وتجارية ومكاتب. ومن أبرز المشاريع المبرمجة في إطار البرنامج المندمج للتنمية الحضرية لمدينة الرباط (2014-2018)، والتي تعنى بصيانة وتثمين التراث الثقافي والحضاري للرباط المصنفة من طرف منظمة "اليونسكو" تراثا عالميا للبشرية، تهيئة الممرات السياحية، وتأهيل المدينة العتيقة للرفع من جاذبيتها والمحافظة على الموروث الثقافي والحضاري للمآثر التاريخية المصنفة تراثا إنسانيا بالمدينة كموقع شالة وقصبة الأوداية وكذا صيانة الأسوار والأبواب التاريخية وتأهيل المتاحف التاريخية وإحداث متحف للآثار وعلوم الأرض، وتأهيل المسارح ودور الثقافة وخلق فضاءات للفنون وتأهيل المكتبات وقاعات العروض الفنية. وجدير بالذكر أن البرنامج المندمج للتنمية الحضرية لمدينة الرباط يعد مشروعا طموحا للارتقاء بعاصمة المملكة إلى مصاف العواصم العالمية الكبرى، وذلك تفعيلا للتوجيهات الملكية الهادفة إلى تطوير النسيج الحضري للمملكة بشكله المتناسق والمتوازن والارتقاء به إلى مستوى تطلعات سكانها. ويتوخى البرنامج ، الذي رصدت لإنجازه اعتمادات مالية مهمة، تعزيز وتحديث تجهيزات قطاع النقل الطرقي والسككي وتطوير الحركية الاقتصادية والتجارية ودعم القطاعات المنتجة، وتعزيز وتقوية البنية التحتية والشبكة الطرقية. وتبلغ الكلفة المالية الإجمالية للبرنامج ما مجموعه 9425 مليون درهم، وستخصص هذه الاستثمارت بالخصوص لتمويل مشاريع يراهن من خلالها مختلف المتدخلين على تحقيق قفزة نوعية على مستوى مختلف القطاعات، والمساهمة في تطوير الحركية الاقتصادية والتجارية ودعم القطاعات المنتجة بالرباط وتعزيز وتقوية البنية التحتية.