تحتفل قناة تمازيغت في مارس 2022، بالذكرى الحادية عشرة لتأسيسها، ومن بين التحديات المطروحة أمامها، ترصيد مكتسبات عملها السابق، وكذا العمل على تطوير إنتاجاتها لتكون في نفس الوقت عند حسن ظن جمهورها وفي مستوى الإنتاج السمعي البصري كما تفرضه المرحلة الراهنة سواء من الناحية التقنية أو على مستوى المضامين. ولعل أول دراسة أنجزت حول القناة وهي التي تحمل عنوان " قناة تمازيغت النشأة والرهانات" قد حددت مدى أهمية إنشاء هذه القناة من خلال توصيات ما يزيد على 30 خبيرا من سياسيين ومثقفين وإعلاميين وجمعويين وفاعلين في مختلف المجالات، والتي استقتها المؤلفة في الفترة الممتدة من 2012 إلى غاية 2021، حددت كيفية إغناء الدراسة بمقترحات قيمة لتطوير أداء القناة وتجويد منتوجها والرفع من مردوديتها. هاته القناة التي أتت وبحسب الدراسة في إطار تطور التجربة الديمقراطية لبلادنا، وبناء وتقوية المؤسسات السياسية والاجتماعية والثقافية المغربية، وأتت كذلك تكريسا لمبدأ التعددية الإعلامية والثقافية، وخصوصا بعد الاعتراف الدستوري باللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية، وهذا ما يشكل خطوة هامة من أجل الاعتراف بمكانة الأمازيغية وقيمتها بين الممتلكات الرمزية الوطنية. كما ورد في بعض التدخلات أن إحداث القناة يشكل في حد ذاته خطوة مهمة في الاستجابة لشريحة هامة من المجتمع المغربي وخصوصا المغرب العميق. وإذا كانت القناة ملزمة بإنتاج برامجها باللغة الأمازيغية مع نسبة بث محدّدة باللغة العربية، فمن باب الموضوعية أن نعمل على التنويه بها من حيث التزامها باحترام حصّة البرامج الناطقة بالعربية، بل إنها في سهراتها الفنية تمثل النموذج الذي ينبغي للقنوات الأخرى أن تقتدي به، حيث تعرض باستمرار مواد فنية بالأمازيغية بجانب أخرى بالعربية، وهو التوازن المفقود في القنوات الأخرى. ولعل التحدي الذي أجمع عليه كثيرون حول قناة تمازيغت، وبحسب الدراسة دائما، هو كيف تكون مبدعة لمضامينها الخاصة بكل مهنية، سواء على مستوى برامج الأخبار أو الدراما أو التثقيف، إلخ. وهذه المسألة ذات أهمية قصوى، لأنه لا يمكن للقناة أن تعيش على استيراد البرامج والأفلام، إلا إذا كان الغرض منها دبلجتها باللغة الأمازيغية، وهذا في حد ذاته خيار غير موفق لأنه يضايق الإنتاج الوطني الذي يمكن للقناة الأمازيغية أن تعززه من جانبها وتطوره. ويمكن القول بعد أزيد من عشر سنوات بأن القناة قطعت شوطا هاما في هذا التحدي حيث استطاعت أن تنتج من برامجها الخاصة مختلف الانواع المتواجدة على الساحة الإعلامية من أخبار وروبورتاج ووثائقي وتحقيق ميداني وبرامج حوارية ودراما وبرامج أطفال وغيرها، علما بأن القناة لا تتوفر على الإمكانيات التي تحتاج إليها قناة عامة. ومن خلال آراء المهتمين يبدو أن نجاح القناة رهين ب: أولا مسؤولية الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة في التعاقد مع المنتجين عامة والمبدعين خاصة وفق معايير الجودة. ثانيا تشغيل الأطر الأمازيغية المثقفة والمؤهلة مهنيا والخبيرة بمجال التواصل السمعي – البصري مع توفير شروط التحفيز لها والتشجيع المادي والمعنوي ومنحها حرية المبادرة لتتفاعل مباشرة مع محيطها الاجتماعي والثقافي. ثالثا من شأن الشرطين السابقين أن يثيرا اهتمام المثقفين والنقاد لتتبع برامج القناة الأمازيغية، فيخضعوها للنقد والتقويم والتوجيه لكي تنجح في تطوير عملها والرقي بمنتوجها الإعلامي. إن السمعة الطيبة التي تتمتع بها القناة الثامنة لدى جمهور عريض من المشاهدين يقتضي تثمينها وتحصينها بانجاز دراسات علمية من قبل القناة لاستقراء آراء هؤلاء المشاهدين وآراء غيرهم من أجل الاستجابة لتطلعاتهم، كما أن تجربة هذه القناة ينبغي أن تواكبها دراسات أكاديمية من زوايا مختلفة : لغوية، اجتماعية، نفسية، ومهنية محضة الخ، للسمو بذوق المشاهدين ومستواهم الثقافي، وتمتيع الطاقم الإعلامي المتمرس بحقه في الاستفادة من التكوينات المستمرة على المستوى المهني والفني والثقافي واللغوي، كما على القناة الاستمرار في تعميق استراتيجية القرب والمواطنة التي تعمل بها. وفيما يخصّ اللغة فقد اختارت القناة استعمال الفروع اللغوية الأمازيغية المختلفة حتى تستجيب لانتظارات الجمهور المغربي المتعدد، ووفرت لأجل ذلك الإمكانية التقنية للمتابعة حتى تضمن وفاء جمهورها. كما سيكون على القناة تبني مقاربة إعلامية تشاركية والانفتاح على تجارب إعلامية رائدة.