لا يخفى على أحد أن المنظومة التربوية المغربية تعيش أسوأ أيا مها، وأصعب مراحلها ،ويتضح ذلك من خلال المراتب المتأخرة التي تتبوأها المملكة في التصنيفات الدولية لبلدان العالم من حيث جودة التعليم؛إذ يحتل المغرب،حسب آخر تصنيف قام به المنتدى الإقتصادي العالمي the world economic forum,المرتبة 107 عالميا،و 5 عربيا في سلم جودة التعليم. إن هذا التصنيف يدق ناقوس الخطر،ويضعنا جميعا أمام واقع مرير يعيشه التعليم في بلدنا،ويجعلنا ندرك حقا عمق الفشل الذي يعانيه النظام التربوي المغربي .وإزاء ذلك،تداعت أصوات الخبراء،و المختصين،والأطر التروبوية،وفعاليات المجتمع المدني…؛تطالب باصلاح جدري في المنظومة التربوية المغربية التي ما فتئت تتجه نحو الهاوية حسب هؤلاء. وإستجابة لهذه الدعوات،تحركت جهود السياسيين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في قطاع التعليم،باعتباره أساس رقي المجتمعات الإنسانية؛فبفشله تفشل كل القطاعات،وباصلاحه يصلح المجتمع برمته.إذ إتخدت الوزارة المعنية في هذا الإطار،مجموعة من الإجراءات التي تتوخى إصلاح مجال التربية والتعليم في المغرب،ولعل من أبرزها "الكتاب الأبيض"،أو الميثاق الوطني للتربية والتكوين الصادر سنة 2002,والذي وضع الأصبع على بعض مكامن الخلل في التعليم الوطني،فنص على إعادة النظر في المناهج التعليمية ،وإقحام تعديلات عليها ،بشكل يتلائم ومستجدات العصر،ومن شأنه تنمية مهارات وقدرات المتعلم المعرفية والفكرية،بما يساعده على التحصيل العلمي الجيد ،وتكوين شخصية مواطن الغد ، الذي سيحمل مشعل الاصلاح،ويخوض معركة التنمية الإجتماعية،وإلحاق المجتمع بكوكبة المجتمعات الإنسانية المتقدمة.فضلا عن مشروع "الرؤية الإستراتيجية"،وهي خطة مستقبلية تروم تحرير المنظومة التعليمية من رواسب الركود والضعف ،وبناء مدرسة مغربية تكفل للتلميذ المغربي الحق في التعليم الجيد ،والتكوين التربوي الممتاز،بحيث تعمل على ترسيخ قيم المواطنة الحقة لديه،وقوامها في ذلك تفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص داخل نطاقها. وقد بدأ العمل بهذه الرؤية منذ سنة 2015 في ظل حكومة السيد عبد الإله بنكيران،وذلك إلى حدود 2030 ،على إعتبار أن هذه الفترة الزمنية التي تقارب 15 سنة،سيشهد فيها التعليم المغربي طفرة ملحوظة،ونخضة مهمة،وسيرقى مراتب عدة في التصنيف الدولي لجودة التعليم. وقد مرت 5 سنوات على إنطلاقة مشروع "الرؤية الإستراتيجية",دون أن نلمس أي تحسن في مدرستنا المغربية،ويبقى السؤال مطرحا :متى سنضع حدا لمشكلة التعليم في بلادنا؟ قدم كثير من الخبراء مشاريع عدة الرقي بقطاع التعليم في المغرب،كل حسب تصوره وتحليله الشخصي،وفي مقدمتهم محمد علي الجابري ،والمهدي المنجرة ؛عالم المستقبليات الكبير الذي عالج ،ووفق منهج علمي دقيق،إشكالية التعليم في المغرب،ووضع برنامجا لتطوير مجال التربية والتكوين ،منطلقا من مبدأ العناية باللغة الأم،ومنحها إهتماما خاصا أمام اللغات الأجنبية مستدلا في ذلك ،بنموذج اليابان التي أضحت من الدول الرائدة في العالم على مستوى جودة التعليم،ذلك لأنها أولا لغتها إهتماما كبيرا في تعليمها،فاللغة معها تفكير،ومعها مفاتيح للتقدم كما قال الدكتور المهدي المنجرة في كتابه"قيمة القيم" « إن اللغة الأم تحملا فكرا ،تحمل قيما، وتحمل مفاتيح للتقدم».