مقدمة مطولة ان سبب كتابة هذا المقال المتواضع بهذا التوقيت بالضبط هو تعميق النقاش العمومي حول عدة قضايا اقليمية او دولية ساهمت بقصد صريح او بدونه في انتشار العروبة بمفهومها الجديد اي القومية العربية في دول العالم العربي كما يسمى قبل هزيمة سنة 1967 و ساهمت كذلك بقصد صريح او بدونه في انتشار ما يسمى بالصحوة الاسلامية في هذا الفضاء الجغرافي مهما كانت مسمياته السياسية و الايديولوجية بعد هزيمة سنة 1967 . و من بين هذه القضايا الاقليمية او الدولية القضية الفلسطينية التي شكلت احدى المحركات السياسية و الايديولوجية لتعريب المغرب على مختلف الاصعدة و المستويات منذ الاستقلال بقصد صريح بدون ادنى شك لان السلطة العليا وقتها قد استغلت القضية الفلسطينية بشكل سلبي للغاية لنشر القومية العربية كمظهر من مظاهر ربط العلاقات العميقة بين المغرب و المشرق العربي و اظهار المعرب انذاك كدولة عربية خالصة تدعم حق الشعب الفلسطيني المشروع من طبيعة الحال في اقامة دولته المستقلة و عاصمتها القدس الشريف. غير ان المغرب وقتها اي في فجر الاستقلال كما يسمى لم يكن يدرك خطورة القومية العربية على وحدتنا الوطنية و الترابية حيث ان هذه القومية خلقت لنا جبهة البوليساريو الانفصالية سنة 1973 بدعم من الجزائر الشقيق و ليبيا الشقيقة لان البوليساريو كان نتاج لطلبة الجامعات المغربية و الحالمين بوطن عربي كبير يمتد من المحيط الى الخليج اي كانوا ضحية لسياسة الدولة الرسمية انذاك في تهميش الانتماء الحقيقي لهذا الوطن الا و هو الانتماء الامازيغي بكل ابعاده الثقافية و السياسية و الدينية الخ من هذه الابعاد اي ان القصية الفلسطينية عندما دخلت الى المغرب استغلت من طرف السلطة و احزاب اليسار القومي معا فكانت النتيجة ان ظهرت جبهة البوليساريو في اوائل السبعينات تطالب بالانفصال عن المغرب و تاسيس دولة تحت اسم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية على صحراءنا الامازيغية المغربية. و لم تستطيع الحركة الامازيغية طيلة اكثر 50 سنة من عمرها المبارك ان تطالب بمثل هذه المطالب الانفصالية بصريح العبارة باعتبارها تؤمن ان المغرب في شموليته هو بلد امازيغي انتهى الكلام عند هذه النقطة الجوهرية ثم ان خطاب الحركة الامازيغية لم يتجاوز سقف منح الحكم الذاتي للجهات المحافظة على امازيغيتها خصوصا و المغرب عموما . الى صلب الموضوع ان موقفي من القضية الفلسطينية هو معروف و شرحته مرات عدة عبر مقالاتي المنشورة حيث انني انها قضية انسانية و اسلامية بمفهومها المطلق بحكم وجود مسجد الاقصى المبارك بصفته مسرى رسولنا الاكرم صلى الله عليه و سلم في ليلة الاسراء و المعارج كما تحدثت كتب السيرة النبوية كموضوع يرجع بالاساس الى درجة ايمان الانسان المسلم لا اقل و لا اكثر اي لا ينبغي التعمق كثيرا في هذه الاشياء الاعتقادية مادام انها لا تمس في حياة الافراد او في صيرورة تطور المجتمعات الاسلامية . ان مدينة القدس الشريف ينبغي ان تكون عاصمة دولية للديانات السماوية الثلاث اي اليهودية و المسيحية و الاسلام باعتبار ان مدينة القدس تحتضن معالم و مأثر هذه الرسالات السماوية حسب اعتقادي المتواضع . لكن بالمقابل انني ارفض كل الرفض ان تدخل القضية الفلسطينية الى خانة القضايا الوطنية مثل قضية الصحراء المغربية و مثل تحرير مدينة سبتة و مدينة مليلة المحتلتان منذ قرون من طرف المملكة الاسبانية و مثل القضية الامازيغية بشموليتها الخ من قضايا الوطن الحقيقية.. و هناك من سيعتبر كلامي هذا تطبيعا صريحا مع الكيان الصهيوني علما ان المغرب قد اقام علاقاته الدبلوماسية مع اسرائيل للمرة الاولى منذ منتصف الثمانينات اي في عهد الراحل الحسن الثاني ثم تم قطع هذه العلاقات الدبلوماسية رسميا منذ سنة 2000 و رجعت هذه الاخيرة في دجنبر 2020 بعد اعتراف الادارة الامريكية السابقة بسيادة المغرب الكاملة على صحراءه و هذا لا يقدر باي ثمن مهما كان ……. ان الحركة الامازيغية طيلة عمرها الطويل لم تجد اي اعتراف من دول المشرق العربي بفضائل الثقافة الامازيغية باعتبارها ثقافة اسلامية تنويرية قد ساهمت في انتشار الاسلام بالطرق المختلفة بين السلم و الحرب في اكبر رقعة جغرافية تضم مناطق شمال افريقيا و جنوب الصحراء الافريقية و اسبانيا الحالية.. و ساهمت هذه الثقافة الاسلامية التنويرية في تحديث المجتمعات الامازيغية بالمغرب و بالجزائر الخ قبل قرون من دخول الاستعمار الاوروبي الى اجدادنا عبر قوانيننا الوضعية او الاعراف الامازيغية كاجتهاد تنويري قد سبق عصر النهضة العربية بالمشرق العربي لان هذه الاعراف قد جاءت بقوانين تحريم عقوبة الاعدام و اقتسام الثروة بين الزوجان الخ من هذه القيم التنويرية . فمن الطبيعي امام هذا التجاهل المطلق من طرف دول المشرق العربي ان تبحث الحركة الامازيغية على دول اخرى من قبيل اسرائيل قصد التعريف بالثقافة الامازيغية و خصوصياتها من قبيل تسامحها الديني مع جاليتنا المغربية و المقيمة هناك و مازالت تتحدث بالامازيغية و بالدارجة كما شاهدناه في الشريط الوثائقي تحت عنوان تنغير القدس الذي تم بثه على القناة الثانية في مارس 2012 اي في بداية عهد حزب العدالة و التنمية في رئاسة الحكومة المغربية… و خلاصة القول ان موقفي من القضية الفلسطينية هو موقف وطني حتى النخاع ينتصر لقضايا الوطن الحقيقية قبل ان ينتصر لمواقف الحركة الامازيغية التي لم تنزل من السماء او لم تاتي من الغرب كما يتخيل البعض بل انها الابنة الشرعية لهذا البلد الحبيب …….