من حيث المبدأ، ليس هناك في الدستور ما يمنع الحكومة من تقييم سياساتها العمومية، على اعتبار أنها مكلفة بوضعها، فمبدأ التوازي يعزز هذه الفرضية، ما لم يمنعها الدستور صراحة.. فإذا كان الدستور منح هذه المهمة بصريح النص للبرلمان، فإن ذلك اختصاص أصيل وملزم للسلطة التشريعية، لا يحد من قيام الحكومة بتقييم حكومي لسياساتها العمومية بشكل مواز للبرلمان، أعتقد أن الغاية من منح هذه الصلاحية لقطاع حكومي هو، من جهة، تمكين الحكومة من جهاز مختص في مجال السياسات العمومية، لدى رئيس الحكومة، يضمن التقائيتها ويقيم أداءها، ومن جهة أخرى يساعد على التنسيق مع السلطة التشريعية فيما يتعلق بتقييمها لهذه السياسات العمومية. ولعل هذه الممارسة غير المسبوقة في المغرب تتجه نحو تعزيز التعاون والتنسيق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في إطار نظام دستوري يقر بهذا التعاون، ولعل إشارة الخطاب الملكي لضرورة إصلاح المندوبية السامية للتخطيط وجعلها جهازا حكوميا لتتبع وتقييم المشاريع خاصة المرتبطة بتنزيل النموذج التنموي، لعله يذهب في نفس الاتجاه لتقوية الأجهزة الحكومية المكلفة بالدراسة والتقييم.. لكن في المقابل قد يطرح هذا التوجه سؤالا مشروعا حول مدى ثقة الدولة فعليا في قدرات البرلمان في ممارسة سلطة حقيقية في تتبع وتقييم السياسات العمومية، قادرة على الارتقاء بها والدفع بها نحو الفعالية والالتقائية..والأهم من ذلك خلق الأثر الملموس على الفئات المستهدفة اجتماعيا واقتصاديا، خاصة وأن الولايتين السابقتين لم تخلوا من نواقص على هذا المستوى.