خرج المغرب بشكل نهائي من اللائحة الرمادية للملاذات الضريبية للاتحاد الأوروبي، وذلك بعد قرار مجلس الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية فبراير الماضي، التشطيب على اسم المغرب من هذا القائمة الرمادية. وفي هذا السياق، عدد الخبير في الهندسة المالية والباحث في السياسات العمومية نوفل الناصري في تصريح لجريدة "العمق"، الإصلاحات والمراجعات المالية التي شفعت للمغرب بالخروج من "المنطقة الرمادية" للاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن المملكة قامت بعدة إصلاحات ومراجعات منذ عام 2018 بشأن مختلف قوانين المالية. وتتمثل تلك الإصلاحات، حسب الناصري، في "تنزيل توصيات المناظرة الوطنية للجبايات، وإعادة تنظيم القطب المالي للدار البيضاء، والرفع من الاطار التشريعي الخاص به وتعزيز شفافية ومضمون الأنشطة المزاولة داخل هذا القطب، لاسيما في ما يتعلق بالمقاولات المؤهلة للحصول على صفة القطب المالي للدار البيضاء. قانون 70.20، مع مراجعة النظام التفضيلي المطبق على الشركات المكتسبة لصفة "القطب المالي للدار البيضاء" وعلى الشركات التي تمارس نشاطها بالمناطق الحرة للتصدير، عبر اعتماد سعر موحد للضريبة على الشركات ب 15 %". كما تتمثل حسب المتحدث ذاته، في "إطلاق عملية "التسوية التلقائية" للممتلكات والموجودات النقدية المنشأة بالخارج مقابل أداء مساهمة إبرائية، والتسوية الطوعية للوضعية الضريبية للأشخاص الذاتيين، مع وحيد الاسعار المنخفضة للضريبة على الشركات المطبقة على بعض القطاعات، بالإضافة إلى إصلاحات المقتضيات التشريعية والقانونية للمناطق الصناعية الحرة، وإحداث آلية لتبادل البيانات مع الإدارات الجبائية الأجنبية، وانخراط الأبناك المغربية في مشاريع رقمية من الجيل الجديد تواكب الأنظمة العالمية الحديثة في مجال مكافحة تهريب الأموال، ثم إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وتحسين مناخ الاعمال وتجويد منظومة الاستثمار". وتحدث الناصري في التصريح ذاته، عن "قصة لائحة الملاذات الضريبية والفرق بين اللائحة السوداء واللائحة الرمادية"، مبرزا أنه "على إثر تسريبات أوراق بنما في أبريل 2016 لأكثر من 11 مليون وثيقة سرية ل214 ألف شركة خارجية اتهمت بالتهرب الضريبي، وكذلك بسبب تسريبات ما سمي ب "أوراق الجنة" والتي تضم أزيد من 13 مليون وثيقة، معظمها من شركات رائدة في التمويل الخارجي تستثمر في برمودا ، قامت مجموعة من الدول وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي بإصدار قوانين وتشريعات تسد باب مثل هذه التهربات، مع اعتماد مؤشرات تقيس معدلات الضرائب ومدى شفافية الأنظمة الضريبية للدول الشريكة مع الاتحاد الاوربي، وما إذا كان قوانينها تشجع الشركات المتعددة الجنسية على تحويل الأرباح إليها أو أنها تقدم حوافز ضريبية مثل ضرائب منخفضة أو بقيمة منعدمة لهذه الشركات الأجنبية". وعلى هذا الأساس، يضيف المتحدث، اعتمد الاتحاد الاوربي قائمتين، "قائمه سوداء وقائمة رمادية للملاذات الضريبية"، موردا أن "القائمة السوداء تضم 17 دولة، وسميت سوداء لأنها تسمح بالفعل من التهرب الضريبي، وتسمح بإخفاء الأصول عن الدائنين وفيها تلاعب بالبيانات المالية وتسمح بإنشاء صناديق مالية غير قانونية وكذلك هناك إمكانية التحايل لغسيل الأموال". وفيما يخص القائمة الرمادية، يقول الناصري، "وتسمى فعليا "قائمة المراقبة" تضم 47 دولة ولم تطلها أي مخالفات قانونية، ولا يوجد انتهاك للقانون فيما يخص استثمار الشركات الخارجية في دول اللائحة الرمادية كما لا يوجد أي دليل على سيناريو التهرب الضريبي بمعنى هي ليست مخالفة قانونية ولكن تعتبر مخالفة أخلاقية لكون هذه الدول تسمح باستقبال استثمارات شركات خارجية بمعدلات ضريبية منخفضة في بعض القطاعات وبعض المجالات". واعتبر الخبير في الهندسة المالية والباحث في السياسات العمومية، أن خروج المغرب من اللائحة الرمادية للملاذات الضريبية، يعني أن "الإصلاحات التي قامت بها المملكة على المستوى الضريبي، تتماشى مع شروط الاتحاد الأوروبي والمعايير الدولية، بمعنى أن أنظمة المغرب الضريبية تتلاءم مع معايير الحكامة الجيدة للاتحاد الاوروبي، وتعزز الشفافية الضريبية للمملكة المغربية على المستوى العالمي". وخلص إلى أن هذا الأمر، سيؤدي "من الرفع من عدد الاستثمارات الأجنبية نحو المغرب باعتباره بوابة افريقيا وأرضية مالية وتجارية واستثمارية مؤمنة، وسيعزز مركز الدارالبيضاء المالي مكانته بين المراكز المالية العالمية بانتزاع صدارة المراكز المالية الأفريقية بجدارة واستحقاق، وسيشكل منصة لتمويل مشاريع التنمية في أفريقيا باعتبار أن المركز يغطي شراكات مع 90 في المائة من الدول الافريقية ( 48 دولة افريقية)، بالإضافة إلى أنه يعتبر دعما للمقاولات المغربية من أجل إقامة شراكات اقتصادية مع نظيراتها الأوروبية ضمن إطار قواعد الحكامة الجيد".