خسر الجنيه الإسترليني نحو 10٪ من قيمته بعد استفتاء انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي في عام 2016، ومنذ ذلك الحين ظل منخفضًا في أسواق العملات بما يعكس مدى حالة عدم اليقين تجاه النمو الاقتصادي والعلاقات التجارية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد البريكسيت. ومع تلاشي فرص التوصل لصفقة تجارية في الأسبوع الماضي، تعرض الجنيه الإسترليني لضربة قوية يوم الجمعة 11 ديسمبر فاقدًا أكثر من 1٪ من قيمته أمام الدولار الأمريكي، مع تأزم محادثات التجارة وعدم التوصل إلى حل يُرضي الطرفان، حيث تقلصت آمال الكثيرين في تحقيق اجتماع رئيس الوزراء البريطاني "بوريس جونسون" مع رئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لاين"أي تقدم بشان الاتفاق التجاري وانتهي الاجتماع فقط على تحديد يوم الأحد 13 ديسمبر موعد نهائي لاستكمال المفاوضات. وسجل الجنيه الاسترليني أسوأ أداء أسبوعي له منذ سبتمبر الماضي منخفضًا إلى أدنى مستوى له عند حوالي 1.3135 دولار في سوق تداول الفوركس وذلك قبل أن يتعافى قليلاً بعد أن أشار وزير الخارجية الألماني إلى أن المفاوضات قد تستمر بعد الموعد النهائي يوم الأحد. من المحتمل أن يتعافى الجنيه الإسترليني من خسائره الأخيرة وأكثر إذا تم الإعلان عن صفقة اللحظة الأخيرة، لكن التأكيد علىالاتجاه نحو الانفصال دون صفقة في غضون أسبوعين من المرجح أن يدفع الجنيه الإسترليني لمزيد من الهبوط مقابل اليورو والدولار. حالة تأهب مسيطرة على الأسواق ومع تضاؤل الفرص لإبرام اتفاق تجاري قبل الانفصال الرسمي في 31 ديسمبر تستعد الأسواق المالية لخسائر في الجنيه الإسترليني وانخفاض حاد في أسهم الشركات البريطانية إذا تم تنفيذ البريكسيت دون اتفاق. حذر المحللين من إصابة الأسواق المالية بالصدمة في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بطريقة فوضوية، ومن المرجح أن تنخفض أسهم شركات المملكة المتحدة بنسبة تصل إلى 7٪ بقيادة أسهم البنوك، وتشير التوقعات إلى أن أسهم البنوك الكبرى قد تتكبد خسائر كبيرة تصل إلى 20٪، لأن البنك المركزي البريطاني قد يستجيب لعدم وجود صفقة باتخاذ قرارات نقدية تحفيزية من بينها خفض معدلات الفائدة إلى المستوى السلبي للتخفيف من التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الاضطرابات في موانئ المملكة المتحدة اعتبارًا من 31 ديسمبر. بينما يعتقد البعض أن السوق معتادعلى توصل السياسيين إلى الصفقات في اللحظات الأخيرة، على الرغم من أن بريطانيا والاتحاد الأوروبي حتى الآن بعيدان عن بعضهما البعض فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاقية تجارية. البريكسيت وآثاره التجارية لم يجلب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سوى حالة من عدم اليقين خلال السنوات الأربع والنصف الماضية، لكننا نعلم أنه مهما كانت النتيجة، فإن العلاقة بينها ستكون مختلفة مع بداية عام 2021، فالتجارة حاليًا تمر بين الطرفين بشكل طبيعي نظرًا لأن المملكة المتحدة لا تزال جزءًا من السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الجمركي خلال الفترة الانتقالية، لكن ذلك سينتهي في 31 ديسمبر. ستكون هناك تغييرات سيتعين على الشركات التكيف معها حتى إذا تم الاتفاق على صفقة تجارية جديدة، لكن كلا الجانبين سعيا لتقليل الاضطراب والمفاوضات القائمة على علاقتهما الحالية بدلاً من محاولة صياغة اتفاقية من الصفر. التغييرات أكثر دراماتيكية في ظل سيناريو عدم وجود صفقة، حيث سيتعين على التجارة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي الرجوع إلى قواعد منظمة التجارة العالمية (WTO)، وهذا يعني أنه سيتم تقديم تعريفات وحواجز جديدة أمام التجارة مثل عمليات التفتيش على الحدودالتي لم تكن موجودة بدءًا من يناير المقبل. سيتسبب عدم وجود صفقة في اضطراب كبير لكلا الجانبينخاصة المملكة المتحدة، حيث يُعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري منفرد لها، إذ تبلغ حجم الوارداتنحو 54٪ من الاتحاد الأوروبي بينما تبلغ حجم الصادرات نحو 43٪ إلى الكتلة.