تقديم عام : بعد كل ما راكمه المغرب من انتصارات دبلوماسية حول قضية الوحدة الترابية ،سواء على مستوى قرارات مجلس الأمن الدولي ،والتي أصبحت تستبعد في لغتها طرح الاستفتاء بشكل نهائي وكلي، وتؤكد على واقعية ومصداقية مشروع الحكم الذاتي ،الذي تقدم به المغرب منذ سنة 2007 ،والذي وجد دعما وإلتفافا أمميا ودوليا منقطع النظير، والذي تبقى من أهم تجلياته النجاح الكبير لدبلوماسية القنصليات، والتي أسفرت عن إفتتاح 15 قنصلية إفريقية بالأقاليم الجنوبية للمملكة ،بالاضافة إلى توجه العالم العربي قاطبة نحو إفتتاح قنصليات عامة بأقاليمنا الجنوبية ،هذه العملية التي إنطلقت بإفتتاح دولة الامارات العربية المتحدة قنصلية عامة لها بمدينة العيون، لتعبر بعد ذلك كل من الأردن والبحرين إعتزامهما فتح قنصليتين لهما بمدينة العيون حاضرة الصحراء المغربية، مما جعل أطروحة الكيان الوهمي والجزائر الداعمة له في خضم عزلة إفريقية وعربية غير مسبوقة. دلالات ومكاسب الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء : إن إعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية بالسيادة الكاملة للمغرب على صحراءه، حدث تاريخي كبير ،وإنتصار دبلوماسي مغربي غير مسبوق، فالولاياتالمتحدةالأمريكية وحدها القادرة على تغيير موازين القوى في كل بقاع الأرض،. فهي القوة السياسية الأولى المؤثرة في العالم، والدولة الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ،والتي تمتلك حق الفيتو. فلاشك أن هذا الاعتراف الأمريكي سيكون له تأثير إيجابي على القرارات المقبلة لمجلس الأمن الدولي ، لاسيما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي التي تعمل على صياغة نص القرار الأممي بخصوص الصحراء المغربية، كما أن الاعتراف الأمريكي يفتح الباب على مصراعيه أمام الدول الكبرى المالكة لحق الفيتو للتوجه نحو إعتراف مماثل، وفتح قنصليات عامة لها بأقاليمنا الجنوبية ، فالمغرب تربطه علاقات قوية ومتشعبة مع شريكه الكلاسيكي فرنسا العضو الدائم بالأممالمتحدة، كما أن العلاقات المغربية الصينية عرفت مؤخرا دينامية قوية وغير مسبوقة، ناهيك عن أن بريطانيا هي الشريك والحليف الكلاسيكي لواشنطن. هذا الاعتراف الأمريكي الذي سيتوج بإفتتاح قنصلية أمريكية مهتمة بالشؤون الاقتصادية من شأنه أن يدعم ويشجع الاستثمارات والمشاريع التنموية الأمريكية في أقاليمنا الجنوبية، والتي سترجع بالنفع العميم على التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، لاسيما بعدما كشفت عدة تقارير إعلامية أمريكية ودولية عن إعتزام البيت الأبيض تقديم مساعدات مالية للمغرب تقدر ب 3 مليارات دولار أمريكي بهدف القيام ب0ستثمارات تشمل قطاعات البنوك والفنادق والطاقات المتجددة، وذلك بواسطة شركة تمويل التنمية الدولية التابعة للحكومة الأمريكية ،كما أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء قد جعل العائق السياسي في وجه عملية الاستثمار لدى الكثير من المستثمرين عبر العالم، ولاسيما الأمريكيين منهم، عائقا متجاوزا. الاعتراف الأمريكي ثابت وقانوني : إن إعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية بالسيادة الكاملة لبلادنا على الصحراء المغربية، إعتراف ثابت وقانوني صادر عن رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية، وموقع من طرفه، ومنشور بالموقع الرسمي للبيت الأبيض، فكماهو معلوم لدى الجميع أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تتبنى نظاما رئاسيا، تحتل فيه رئاسة البلاد أعلى قمة في صناعة القرار السياسي واتخاذه، بحيث تخضع لها كل الأجهزة، فالقرار قانوني وله حجيته وصدقيته النهائية، كما أن القرارات السياسية الأمريكية لا تتغير بتغير الرؤساء، لأن السياسة الأمريكية ثابتة وواضحة المعالم، تنطلق أساسا من منطلق المصالح والمكاسب والأبعاد الجيوستراتيجية. الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ونهاية الكيان الوهمي : يعد إعتراف أقوى قوة سياسية في العالم بمغربية الصحراء ، والسيادة المغربية الكاملة عليها بمثابة رصاصة الرحمة على الكيان الوهمي ، فالاعتراف الأمريكي لاشك أن له ما بعده، وذلك نتيجة لقوته وتأثيره داخل مجلس الأمن الدولي ،الذي سيتجه مستقبلا نحو تكوين قناعة وإجماع دولي وأممي بضرورة إنهاء هذا الملف داخل الأممالمتحدة، وذلك بناء على حل سياسي واقعي وذو مصداقية، وهو المتمثل في الحكم الذاتي بأقاليمنا الجنوبية، والذي من شأنه أن يدفع الاتحاد الافريقي لتجميد عضوية الكيان الوهمي بشكل نهائي وكامل. على سبيل الختم : إن إعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية بمغربية الصحراء، وماتحمله من دلالات وأبعاد ومكاسب سياسية وتنموية هامة لبلادنا ،لن يدفع المغرب بأي شكل من الأشكال إلى التخلي عن القضية الفلسطينية، والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ولقد أكد ذلك جلالة الملك محمد السادس نصره الله رئيس لجنة القدس المنبثقة عن منظمة المؤتمر الاسلامي في اتصاله الهاتفي السامي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس حيث قال جلالته " المغرب يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية ،وأن عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربيتها لن يكون أبدا ،لا اليوم ولا في المستقبل ،على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة" * عثمان الفاطمي. أستاذ التعليم الثانوي الإعدادي لمادة الاجتماعيات.