"انقلب السحر على الساحر" هو ما ينطبق تماما على استفزازات ميليشيات البوليساريو الانفصالية، بإيعاز من النظام الجزائري، فكان الرد ب"ضربة معلم" في الصميم على مختلف المستويات . لقد كان المنتظم الدولي وتحت اعين القبعات الزرق لحفظ السلام (بعثة المينورسو)، يتابع على مدى ثلاثة أسابيع، استفزازات قطاع الطرق التي قامت بها ميليشيات البوليساريو معرقلة حركة المرور التجارية والمدنية في هذا المعبر الحدودي المغربي، الذي يعد محورا طرقيا دوليا يستعمل للعبور نحو الشقيقة موريتانيا، وعبرها إلى باقي الدول الإفريقية في منطقة الساحل والصحراء. وبعد ان طفح الكيل و بلغ السيل الزبى، ومن باب المسؤولية، تدخلت القوات المسلحة الملكية في تدبير سيادي لتحسم الامر بحكمة وسلوك عقلاني دون سيل اي نقطة دماء ، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية للقائد الاعلى للقوات المسلحة الملكية ورئيس اركان الحرب العامة ، صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، فحررت المعبر بطريقة سلمية وعقلانية لارجعة فيها ، في عملية بطولية أشادت بها العديد من الدول والمنظمات العالمية ، ليتوج هذا النصر الوطني التاريخي في مسار الوحدة الترابية بإعطاء انطلاقة اشغال إقامة صرح روحي تمثل في تدشين مسجد بمنطقة الكركرات المغربية الاستراتيجية كصلة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي، وذلك في اطار التشييدات التنموية بمناسبة الذكرى 65 لعيد الاستقلال المجيد ، وهي إشارات قوية ذات دلالات عميقة لجنوح المغرب نحو ترسيخ مبادئ السلم والتعايش والتسامح وفق تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ، في انسجام تام مع أسس الوسطية والاعتدال التي يتعامل بها المغرب في حواره مع مختلف الأديان. وإذا كان الامر كذلك ، فماذا عسى لكل متتبع للنزاع الإقليمي المفتعل ان يقول حول مغربية الصحراء ، وصبر المغرب ، على امتداد كل هذه المدة ، التي تزيد عن خمس واربعين سنة ، إزاء خلاف إقليمي مصطنع عمر طويلا ، سهر على نشأته ومده بالسلاح وتسخير الاموال للترويج الإعلامي لأسطوانة الانفصال المشروخة ، بلد عربي جار وشقيق ، يستخدم نظامه ، وليس بطبيعة الحال شعبه ، كل أساليب المكر والتضليل والبهتان في وقوفه الجائر ، طيلة هذه السنين العجاف ، إلى جانب الانفصال ، مسخرة بذلك قيادة انتهازية تسببت لمغاربة هجروا ورحلوا قسرا إلى معسكرات تندوف ، باستعمالهم كدروع بشرية من اجل معاكسة المغرب في قضيته الوطنية المشروعة والعادلة. وبالرجوع إلى حيثيات نزاع الصحراء المغربية وتطوراته ومآله الراهن ، يتبين ان خيار الانفصال على المستوع العالمي تآكل واضحى غير معمول به ، والامثلة في ذلك على صعيد دول الجوار ، وهو ما ينطبق على الوضع بالصراع الإقليمي حول مغربية الصحراء الذي أوصل مناورات خصوم المغرب ، في هذا السياق ، إلى الباب المسدود والفشل التام ، في حين انتصر الطرح الوحدوي الهادف إلى لم الشمل ، من اجل عودة إخواننا وأبناء عمومتنا إلى الوطن الام ، وبناء اتحاد مغاربي مندمج ومتكامل ، وقارة إفريقية متضامنة ومتماسكة ومتقدمة ، واستتباب الامن والاستقرار في هذه المنطقة الإقليمية الجيو استراتيجية من العالم ، وهو ما يمثله مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل سياسي ، واقعي ، توافقي ، عملي ودائم لتسوية نهائية للنزاع المفتعل حول مغربية الصحراء ، وهو مافتئ يتبناه المنتظم الدولي ومجلس الأمن والامم المتحدة في قراراته ، منذ ان تقدم المغرب ، في سنة 2007 ، بهذه المبادرة الجادة التي ليس فيها لا غالب ولا مغلوب بالنسبة لكل الأطراف الحقيقية في هذا الخلاف الإقليمي. وبذلك تكون البوليساريو وكفيلتها النظام الجزائر قد خسرت آخر ورقة كانت تناور بها في منطقة الكركرات المغربية ، بعدما تلقت ضربات دبلوماسية موجعة ، إثر تآكل طرحها الانفصالي، دوليا وقاريا ، ورفض الأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي الانسياق وراء نزوعات الأطراف الأخرى ، كما اكد ذلك جلالة الملك محمد السادس في خطابه الملكي السامي بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين للمسيرة الخضراء ، مبرزا ان عدد الدول التي لا تعترف بالكيان الوهمي 163 دولة ، أي 85% من الدول الأعضاء في منظمة الأممالمتحدة. إن تآكل أطروحة الانفصال ، ومشروعية القضية العادلة للوحدة الترابية والوطنية لمملكة المغربية ، جعل دولا شقيقة وصديقة تبادر لافتتاح قنصلياتها العامة في جهتي العيون الساقية الحمراء ، والداخلة وادي الذهب ، في اعتراف صريح وداعم لمغربية الصحراء ، وإشادة بالمنجزات التنموية الكبرى المحققة بالأقاليم الجنوبية ، التي تعززت أكثر عن طريق النموذج التنموي الخاص بهذه الأقاليم .