لم يكن من اليسير أن أكتب هاته الكلمات الموجهة إلى أستاذ كنت أقدره وأحترمه لما لامست فيه ذات يوم بين جدران قاعات كلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش، حين كنت طالبا، في شعبة أخرى غير تخصصه، وكنت أحضر مرات عديدة لدروس الأستاذ عبد الرحيم بنبوعيدة فضولا وإعجابا. لكن ما جعلني أتجرأ على الكتابة هو أن ذلك التقدير الذي كان، زالت أسبابه ودواعيه. فقد كان مرده الى القيم التي كان يدعيها الأستاذ والتي ولدت في نفوسنا ذلك التقدير الذي ظهر زيفه. نعم، اعتقدنا أننا لامسنا فيه ذات يوم، قيم الاحترام للآخر، قيم التواضع ونكران الذات، قيم الصدق والترفع والنخوة، وقيم الوطنية واحترام المؤسسات ودولة الحق والقانون. لكن هل ما يزال الحال على هذا المنوال؟ في اعتقادي الشخصي لقد أتبث الواقع أن الأستاذ كان يبيع صورة وهمية عن شخصه المحترم لغايات شخصية وفي إطار ماركوتينغ سياسوي. قرأت واطلعت على تدوينات الأستاذ بنبوعيدة وهو يتهجم على حزب منحه التزكية ذات يوم ليترشح باسمه لينال شرف ترأس جهة كلميم واد نون لقرابة ثلاث سنوات. وهي فترة شهدت فيها الجهة شللا قاتلا للتنمية. ومهما كانت أسبابه، وبغض النظر عن التبريرات التي ما فتئ الأستاذ يروجها، فإن الجهات المختصة ارتأت توقيف مجلس الجهة لأشهر عدة، ليتوج هذا المسار المتعثر باستقالة الأستاذ من رئاسة الجهة عبر مراسلة مصححة الامضاء باسمه موجهة لوزير الداخلية. ومن تم فتحت صفحة جديدة بهاته الجهة الطيبة وتولت الأخت مباركة بوعيدة رئاسة المجلس وها هي الآن تبدع وتجتهد لتتدارك ما ضاع من الزمن التنموي بالجهة. ومباشرة بعدما صار الأستاذ بعيدا عن كرسي الرئاسة، لأن هذا هو الحل الوحيد لمواصلة مسار التنمية بالجهة، قرر أن يبدأ مسلسلا من الانتقام وتصفية الحسابات مع الحزب. معتقدا أن من حرمه من كرسي رئاسة الجهة ومن امتيازاتها، هو الأحرار والرئيس عزيز أخنوش. والحقيقة أن الحزب لم يكن ليضحي بتنمية الجهة وبمستقبل أبنائها في مقابل الانتصار لشخص واحد لم يستطع حتى أن يحافظ على أغلبيته. نعم، إنها الحقيقة التي لا غبار عليها: كل ما يقوم به الأستاذ اليوم من مناورات بئيسة، ومن هجمات على الحزب ورئيسه وتنظيماته الموازية هو رد فعل انفعالي ومحاولة جديدة للابتزاز ولي الذراع. وذلك في نفس الوقت الذي فتح فيه الأستاذ قنوات الحوار والتواصل مع أحزاب أخرى يشارك في اجتماعاتها ويؤطر أنشطة هياكلها. كأني به قد عقد معها صفقة للالتحاق بها مقابل محاولة اضعاف الأحرار والإساءة إليه وتبخيس عمله. لكن الحق يعلو ولا يعلى عليه، وليسمع مني أستاذي كلمة حق للتاريخ، لقد زال تقدري لك لأنني رأيتك ظالما متجبرا على حزب احتضنك بعد تجربة فاشلة في حزب آخر. ففي سنة 2011 ترشحت استاذي بألوان حزب الكتاب وواجهت ابن عمومتك الذي ترشح آنذاك باسم الأحرار وفشلت في تحقيق المقعد فعن أي نضال تاريخي تتحدث؟ ماذا قدمت للحزب غير السب والهدم والتبخيس؟ لقد سوقت الأكاذيب وزيفت الحقائق التي نعلمها جميعا، فوصفت الحزب بأقبح النعوت، وأنت الأدرى بأن الأحرار اليوم حزب قوي ومنظم ومهيكل بفضل مناضلاتها ومناضليه الذين قطعوا مع ماضي الحزب الموسمي، حزب الصالونات والعائلات، حزب كان فيه من يعرض التزكيات للبيع والشراء ( وأنت تعرف من أقصد)، حزب بدون هياكل موازية. لقد تجرأت أستاذي على وصف الهيكل الذي أترأسه بأنه تنظيم للواجهة فقط، وهنا أدركت مجددا كم أنت محجف وأنت تبخس عمل الالاف من الشباب الذي اختاروا الانتماء لشبيبة الأحرار ويعملون بجد واجتهاد ليل نهار من أجل القيام بمهام التأطير والتكوين والاستقطاب، شباب مواطن وفاعل وايجابي. لقد أسأت لتنظيم شبابي طموح يجتهد ليكون مساهما في بناء دولة المؤسسات ومجتمع القيم الذي كنت تنادي به، فما ذنب هؤلاء الشباب الذي استهدفتهم فقط لتنتقم لمنصب فشلت في تدبيره. لا أستاذي الفاضل، ليست الشبيبة التجمعية هي من أفقدتك أغلبيتك، وليست هي من أوقفت المجلس الذي كنت تترأسه، وليست هي من وقعت مكانك في وثيقة الاستقالة. وكان الحري بك هو أن تكون رجل دولة حقيقي وتخرج من الباب الكبير مرفوع الرأس كاسبا لاحترام الجميع وألا تسيء لاسم عائلة كبيرة يكن لها الجميع التقدير والاحترام وهكذا سيظلون. كان الحري بك ألا تظهر لهفتك وتشبتك بالمناصب وحرقتك على الكرسي لتظل كبيرا في أعين الجميع. لكن للأسف الشديد صغرت أستاذي وقبلت على نفسك أن تمحى من تاريخ هذا الحزب العريق. أتمنى صادقا أن تراجع نفسك وتنحو منحى أفضل لمسارك لأن الأحرار كان وسيظل قويا بمناضلاته ومناضليه وهياكله ومشروعه المجتمعي ولن تنال منه سهام المنبوذين والمنتقمين.