كشف السفير الأمريكي السابق بالمغرب، إدوارد غابريل، الأسباب التي تمنع المغرب من الاستعجال في عقد أي اتفاق للتطبيع مع إسرائيل، مشيرا إلى أن هناك ظروفا يجب أن تتحقق كي يقرر الملك محمد السادس التطبيع. وقال غابريل في مقال رأي نشره موقع "ذا هايل"، إن رفض المغرب لإقامة علاقات مع إسرائيل بعد باتفاقها مع الإمارات مرده إلى عدة اعتبارات، أولها دعم الملك محمد السادس والبلد لتسوية سلمية بين إسرائيل وفلسطين، وموافقة المغرب على اتفاقية تطبيع تعني تدمير هذا المنظور. ثاني هذه الاعتبارات، يضيف السفير الأمريكي السابق، هو أن التحرك في ظل عام انتخابي ربما كان رادعا للمغرب حتى لا يتحرك بتسرع؛ لأن المغرب ومنذ اعترافه بالولايات المتحدة، حرص سلاطينه وملوكه على عدم التدخل في السياسة الحزبية الأمريكية ودورات الانتخابات. وأضاف، أن الملك محمد السادس قد قدّم رؤيته المتعلقة بفلسطين هذه طوال العشرين عاما الماضية، حيث استخدم موقعه كرئيس لجنة القدس في منظمة المؤتمر الإسلامي (التي أصبحت منظمة التعاون الإسلامي) للتأكيد على دعمه للدولة الفلسطينية. وأبرز السفير إدوار غابريل، أنه في نفس الوقت عبّر عن دعمه لعلاقات دافئة مع إسرائيل وكان في وضع تام لأن يكون شريكا لها، خاصة أن اليهود المغاربة يمثلون ثاني أكبر إثنية في داخل إسرائيل، بعد الروس. وأشار إلى أن التطبيع مع إسرائيل يجب موازنته أمام التصريحات التي أطلقها الملك والتزم فيها بدعم الدولة الفلسطينية. وحذر عام 2019 من أن استمرار إسرائيل بانتهاك الشرعية الدولية والقانون الإنساني الدولي سيغذي العنف والتوتر وعدم الاستقرار وينثر بذور النزاع الديني والتوتر". وبعد هذه التصريحات أكد الدبلوماسيون المغاربة على دعمهم القوي للقضية الفلسطينية. ومرر الملك في فبراير هذه العام رسالة عبر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكد فيها على هذا الدعم لفلسطين. ومنذ سنوات الحسن الثاني، تم تشجيع المغاربة على تقديم الدعم للفقراء في فلسطين، وقاد هذا إلى دعم عميق للدولة الفلسطينية بين أهل المغرب، كما أكد السفير الأمريكي السابق، إلى أن المغرب سيدفع ثمنا باهظا لو لم يستطع الحصول على تنازلات معقولة للفلسطينيين مقابل التطبيع مع إسرائيل. وأضاف السفير السابق غابريل، علينا أن نتذكر أن الملك وقف أمام الضغوط من الدول الخليجية لدعم حصار دولة قطر والحرب في اليمن. وقد كانت تلك قرارات شجاعة من بلد يعتمد على دول الخليج. والمحللون الذين توقعوا أن يكون المغرب البلد التالي لتوقيع معاهدة سلام مع إسرائيل بعد الإمارات، لم يفهموا التزام الملك الأخلاقي والقوي بالقضية الفلسطينية. كما أن مسألة التطبيع تتعلق بالتوقيت. وهناك نكتة في المغرب تقول: "لست متأكدا من سيكون الرئيس التالي للولايات المتحدة ولكنني أعرف من سيكون الصديق المفضل للملك". فقد تجنب المغرب اتخاذ مواقف حزبية في أثناء الدورات الانتخابية، منذ اعتراف السلطان محمد الثالث بالولايات المتحدة عام 1777، ليصبح المغرب أول دولة في العالم تعترف بالولايات المتحدة، وأول من وقعت معاهدة تعاون وسلام معها. ومنذ ذلك الوقت، تجنب كل ملك مغربي الخوض في السياسة الأمريكية والتعبير عن مواقف. وعرف المغرب أنه إن لم يكن الأول مع طرف السلام فسيخسر. وهناك أسباب واضحة للمغرب لكي يتحرك نحو التطبيع مع إسرائيل نظرا للعلاقات العائلية والثقافية. ويعتقد معظم مراقبي المغرب، أن الملك سيتحرك نحو التطبيع عندما تكون هناك مفاوضات حقيقية وتنازلات تؤدي لدولة فلسطينية قابلة للحياة على حدود 1967 وعاصمتها القدس. وعندما لا يتدخل المغرب في سياسة الانتخابات الأمريكية، يعرف المغاربة والإسرائيليون أنه عندما يحين الوقت فستكون علاقتهم سلمية ودافئة وحقيقية.