منذ مصادقة البرلمان على مشوع القانون المالي المعدل رقم 35.20 للسنة المالية 2020، ليصبح بذلك قانونا بذلا من مشروع قانون ومن تم دخوله حيز التنفيذ ، والكل يتحدث عن المادة 247 مكرر، والتي فسرها الكثيرون بإمكانية خصم المبالغ المدفوعة في شكل هبات من طرف الشركات في صندوق كوفيد، لذلك ومن خلال هذا المقال سوف أتطرق إلى محورين أساسيين: المحور الأول: ويهم التعديلات التي عرفتها المادة 247 مكرر وكذا النقاش الذي اثير حولها قبل المصادقة النهائية على القانون المالي المعدل المحور الثاني: سوف أتطرق في هذا المحور لمضمون المادة 247 مكرر و مدى ملائمتها للدستور فقد نصت المادة 247 المكررة في صيغتها الأولى كما تضمنها مشروع قانون المالية المعدل على مسألتين أساسيتين. الأولى: تتعلق بالحق في خصم المبالغ المدفوعة في شكل مساهمات أو هبات أو وصايا من قبل المنشآت الخاضعة للضريبة على الشركات أو الضريبة على الدخل لفائدة الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا. والثانية: تتعلق بالحق في خصم التكاليف البنيوية الثابتة التي وقع الالتزام بها أو تحملها من قبل هذه المنشآت خلال فترة حالة الطوارئ الصحية. هذا المقتضى الذي قوبل بالرفض من قبل ممثلي الأمة بمجلس النواب في القراءة الاولى، بحيث تم التصويت بإجماع على إلغاء هذه المادة، الا أنه وبعد تمرير مشروع قانون المالية المعدل لمجلس المستشارين، تقدم فريق الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب بتعديل يقضي بإعادة المادة 247 إلى صيغتها الاصلية التي ألغاها مجلس النواب فيما يتعلق بالحق في خصم المساهمات، وبصيغة أكثر وضوحا انكب التعديل حول العودة الى الصيغة الاصلية التي الغاها مجلس النواب والتي كانت تتضمن الحق في الخصم للمساهمات المقدمة للصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا ، وهو ما رفضته الحكومة واقترحت تعديلا جديدا بلجنة المالية بمجلس المستشارين مختلفا عن الصيغة الاصلية. وقد اعتمد هذا الاقتراح بلجنة المالية بمجلس المستشارين بموافقة 11 عضوا من فرق الاغلبية والمعارضة وامتناع 4 اعضاء، ليتم بعدها اعادة المشروع في صيغته المعدلة الى مجلس النواب قصد اجراء القراء الثانية، وخلال هذه المرحلة تقدمة الحكومة بمجموعة من التوضيحات حول الاختلاف بين الصيغة الجديدة والصيغة الاولى التي رفضها مجلس النواب خلال القراءة الأولى، وبعد اقتناع اعضاء مجلس النواب بمضمون التعديل الجديد المقترح من قبل الحكومة، تم التصويت بالإيجاب على الصيغة الجديدة من طرف فرق ومجموعات الاغلبية والمعارضة، وتصويت نائب واحد ضد هذه الصيغة، ليصبح بذلك مضمون المادة 247 مكرر في صيغته الحالية. أما بخصوص مضمون المادة 247 مكرر، فهي تعتبر بمثابة تأسيس لمبدأ الحق في الخصم في المستقبل للمنشآت الخاضعة للضريبة على الشركات أو للضريبة على الدخل، على غرار الإعفاءات من الضرائب الاخرى الموجودة أصلا بالمدونة العامة للضرائب، كما أنه وطبقا للفصل 6 من دستور المملكة والذي يقضي بعدم رجعية القوانين، فان مضمون المادة لا يسري بأثر رجعي على المساهمات المقدمة لفائدة صندوق كوفيد قبل دخول القانون المالي المعدل حيز التنفيذ، بالإضافة كذلك إلى أن المادة 247 مكرر من المدونة العامة للضرائب فيها ضرب للفصل 40 من الدستور والذي جاء فيه :"على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد". ويستفاد من هذا الفصل أنه يتحمل الجميع وبصفة تضامنية أي أنه من الواجب على كل تحمل التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد، كما هو الشأن بالنسبة لجائحة كورونا باعتبارها آفة طبيعية ، إلا أننا نجد المادة 247 مكرر تنص على التالي: " تعتبر بمثابة تكاليف قابلة للخصم،...المبالغ المدفوعة في شكل مساهمات أو هبات أو وصايا من قبل المنشاة الخاضعة للضريبة على الشركات أو الضريبة على الدخل برسم الدخول المهنية أو الفلاحية أو هما معا". وبهذا نجد على أن المادة 247 مكرر وكأنها تستثني من الفصل 40 من الدستور المنشاة الخاضعة للضريبة على الشركات أو الضريبة على الدخل برسم الدخول المهنية أو الفلاحية أو هما معا ، مع العلم أن الفصل 40 من الدستور كان واضح الصياغة عندما جاء فيه "على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية"، بالإضافة الى أن المادة 247 مكرر تعاملت مع الأمر بشكل انتقائي بحيث وجهت فقط للخاضعين للضريبة على الشركات أو الضريبة على الدخل برسم الدخول المهنية أو الفلاحية أو هما معا، دون غيرهم وهذا الأمر فيه ضرب لمبدأ المساوات أمام القانون المنصوص عليه في الفصل 6 من الدستور. * طالبة باحثة بالمالية العامة والضرائب